168
ما هي صحف إبراهيم ﵇؟ [السُّؤَالُ] ـ[ما هي صحف إبراهيم ﵇؟]ـ [الْجَوَابُ] الحمد لله صحف إبراهيم ﵇ هي الصحف التي أنزلها الله على نبيه إبراهيم ﵇؛ غالب ما جاء فيها - كما قال أهل العلم - مواعظ وحكم وعبر. وقد ذكرها ربنا ﷿ في القرآن الكريم في عدة مواضع، منها المجمل، ومنها المبيَّن: أما المواضع المجملة ففي قوله تعالى: (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة/١٣٦ وقوله ﷿: (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) آل عمران/٨٤. وأما المواضع الصريحة المبينة ففي سورة النجم، حيث يقول الله تعالى: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى. وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى. أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى. أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى. وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى. أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى. ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى) إلى آخر السورة. وفي سورة الأعلى، حيث قال سبحانه: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى. وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى. بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا. وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى. إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى. صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) الأعلى/١٤-١٩. يقول ابن جرير الطبري ﵀: " وأما الصحف: فإنها جمع صحيفة، وإنما عُنِي بها: كتب إبراهيم وموسى " انتهى. " جامع البيان " (٢٤/٣٧٧) يقول العلامة الأمين الشنقيطي ﵀: " (وما أنزل إلى إبراهيم) لم يبين هنا هذا الذي أنزل إلى إبراهيم، ولكنه بيَّن في سورة الأعلى أنه صحف، وأن من جملة ما في تلك الصحف: (بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى) وذلك في قوله: (إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى) " انتهى. " أضواء البيان " (١/٤٥) وقد أخبرنا النبي ﷺ عن تاريخ نزوله، كما جاء عن وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ ﵇ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ) رواه أحمد في "المسند" (٤/١٠٧) وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (١٥٧٥) وقد وقع في بعض الأحاديث الضعيفة، وبعض الآثار عن التابعين نقولٌ عن صحف إبراهيم، يغلب على الظن أنها منقولة عن كتب بني إسرائيل، وهي – إن صحت - تدل على أن موضوع صحف إبراهيم الرئيس هو الحكمة والموعظة. يقول داود بن هلال النصيبي: (مكتوب في صحف إبراهيم ﵇: يا دنيا ما أهونك على الأبرار الذين تصنعتِ لهم وتزينتِ لهم، إني قد قذفت في قلوبهم بغضك والصدود عنك، ما خلقت خلقا أهون عليَّ منك، كل شأنك صغير، وإلى الفناء تصيرين، قضيت عليك يوم خلقتُ الخلق ألا تدومي لأحد، ولا يدوم لك أحد، وإن بخل بك صاحبك وشح عليك، طوبى للأبرار الذين أطلعوني من قلوبهم على الرضا، وأطلعوني من ضميرهم على الصدق والاستقامة، طوبى لهم، ما لهم عندي من الجزاء إذا وفدوا إلي من قبورهم إلا النور يسعى أمامهم، والملائكة حافون بهم حتى أبلغ بهم ما يرجون من رحمتي) " الزهد " ابن أبي الدنيا (رقم/٢٠٠) جاء في " الموسوعة الفقهية " (١٥/١٦٧): " وأما صحف إبراهيم وداود فقد كانت مواعظ وأمثالا لا أحكام فيها، فلم يثبت لها حكم الكتب المشتملة على أحكام " انتهى. ويقول الشيخ ابن عثيمين ﵀: " صحف إبراهيم صحف أنزلها الله تعالى على إبراهيم فيها المواعظ والأحكام " انتهى. " لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم/١٧٦) والله أعلم. [الْمَصْدَرُ] الإسلام سؤال وجواب

1 / 167