فالمرجع بإثباته قطعا إلى السمع المقطوع على صحته ، وهو الإجماع والنصوص القرآنية ، ولا يلزم عليه الإغراء (1) لأن تجويزه عقلا ، والقطع عليه سمعا زاجر لا إغراء معه.
وإذا كان الأصل الذي (2) هو ثبوت استحقاقه لا يعلم إلا سمعا ، فالفرع الذي هو دوامه وانقطاعه أولى بذلك.
وقد أجمعت الأمة (3) على دوام عقاب من مات من العصاة ، كافرا ، ولا إجماع على دوام عقاب من عداهم من عصاة المؤمنين ، فهم على ما كانوا عليه ، من ثبوت استحقاق الثواب الدائم وإن استحقوا معه بعصيانهم العقاب ، لأن انقطاع عقابهم ممكن بتقديمه ، ودوام ثوابهم المجمع عليه مانع من انقطاعه ، لإمكان حصوله معاقبا للاستيفاء منهم ، ولا مانع من ذلك كما لا مانع من استحقاقهم المدح في حالهم فيها مستحقون الذم ، لوجوب مدحهم بإيمانهم وذمهم بفسقهم ، وما تعذر ذلك من فاعل واحد إلا لفقد الآلة لا لفقد (4) الاستحقاق ، فإنه لو كان له لسانان لمدح بأحدهما وذم بالآخر ، ولو مدح بلسانه وذم بما يكتب بيده وبالعكس من ذلك لصح (5)، وكان جامعا بينهما في حال واحدة ، فكما لا تنافي بين ثبوت استحقاقهما إلا على أمر واحد بل على أمرين مختلفين ، فكذلك لا تنافي أيضا بين ثبوت استحقاق ما يتبعهما من ثواب وعقاب ، وكما أجمعت الأمة على دوام
পৃষ্ঠা ৩১