بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْحَمد لله خَالق الْأَرْوَاح وخالق الإصباح وجاعل اللَّيْل سباتا وَالنَّاس أشتاتا الَّذِي خلق من المَاء كل شئ وَكتب فِي الألواح من كل شئوجعل فِي السَّمَاء سِرَاجًا وهاجا وَأنزل من المعصرات مَاء ثجاجا وَبث فِي الأَرْض نورا ظلامًا وَبعث فِي الْخلق وسلًا كرامًا وَخص بِأَفْضَل الْأُمَم أشرف الْعَرَب والعجم مُحَمَّدًا ﷺ فأشرق نور االإيمان بعد طموسه وتجدد ربع التَّوْحِيد بعد دروسه وعادت بِهِ طرق الْحق عَامر ومواسم الْبَاطِل داثرة وأعلام الدّين رَافِعَة وأعناق الْكفْر خاضعة فبشر وأنذر وَنهى وَأمر وقهر من تجبر وَغلب من أدبر واستكبر حَتَّى قَبضه الله إِلَيْهِ إِلَى أكْرم مَا لَدَيْهِ فصلوات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ مَا أمطر غمام وغرد حمام وَثَبت نزيل وشال وَبعد
1 / 1
/ ب لما صَارَت عبارَة الرُّؤْيَا شريفة علاها منيفة دارها عَزِيزًا مَكَانا رفيعًا مِقْدَارًا وشأنها رَأَيْت أَن أؤلف كتابا مُخْتَصرا كَافِيا وملخصًا شافيًا يجل مَحَله ويخف مَحَله فألفت هَذَا الْكتاب وسميته كتاب الْإِشَارَة إِلَى علم الْعبارَة واعتمدت فِي تأليفه على كتاب الإِمَام الْكرْمَانِي لقَوْله: رَأَيْت يُوسُف الصّديق فِي الْمَنَام فَأَعْطَانِي قَمِيصه فلبسته وَجَلَست فِيهِ ومشيت فِيهِ فسرت بَين الْخَافِقين وَلقَوْله مَا فِي كتابي شَيْء إِلَّا جربته مائَة مر فَمَا كَانَ أقل لم أَضَعهُ فِي كتابي وَلذكر أَنه أَخذ التَّأْوِيل من مصحف إِبْرَاهِيم وَمن كتب دانيال وَعَن سعيد ابْن الْمسيب وَعَن عَمْرو بن سِيرِين وَمن الجزاتيه فِي مَنَامه ويعلمه التَّأْوِيل ويرشده إِلَى الصَّوَاب وَكَثِيرًا مَا ألفت فِي كتاب ابْن سِيرِين وَكتاب عَليّ بن أبي طَالب وَكتاب جَعْفَر بن حسن الْكسَائي وَكتاب ابْن قُتَيْبَة مِمَّن شدّ من كتاب الْكرْمَانِي فالحقيقة فِي كتابي هَذَا ونقلت اللَّفْظ على حسب مَا وجدته لألاّ أخل بِمَعْنَاهُ فَإِن الْفضل للمتقدم وبوبت هَذَا الْكتاب على خمسين بَابا نذكرها فِي صَدره وَلم أجنح إِلَى إِعَادَتهَا وقدمت فضل ذكر الْعبارَة ومكانها من الْعلم ليتنبه الطَّالِب إِلَى مَعْرفَتهَا وَالْوُقُوف عَلَيْهَا وَذكر أُصُولهَا وفصولها وأزمنة خطأ الرُّؤْيَا بهَا وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يتَعَلَّق من مَعَانِيهَا وإيمائها إِلَى مَا تقف وتطلع مِنْهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
فصل الْعبارَة
قَالَ الله ﷿ ﴿لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة﴾ قَالَ بعض الْمُفَسّرين يَعْنِي الرُّؤْيَة الصَّالِحَة وَفِي الْآخِرَة: الْمعَانِي قَالَ النَّبِي ﷺ: (مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا هُوَ يرى فِي مَنَامه مَا يرى فِي يقظته عرف مِنْكُم من عرفه أَو جهل مِنْكُم من جَهله وَإِن لم تخرج صَار لصَاحِبهَا تَسْمِيَة أَو نظرا وَنَظِيره أَو أحد من عشيرته وقبيلته ...
1 / 2
/ ب ... وَترى لَهُ) وَقَوله ﵇ والرؤيا جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جزًا من النُّبُوَّة) ومبانيه إِن شَاءَ الله تَعَالَى ذَلِك وَقدره وأحببت أَن أشهد عَليّ النَّاظر فِيهِ الهجوم عَليّ معرفَة كل بَاب مِنْهُ وَيفهم كل مَسْأَلَة فِيهِ فأعلمت فَوق كل بَاب عَلامَة الورقة الَّتِي نظمته لِئَلَّا يتَعَذَّر عل أحد وجود مَا يلتمسه بحول الله وقوته وأسأله أَن يُعِيدنِي من الزلل وَالْخَطَأ إِنَّه خير مسؤل وَأكْرم مأمول وَهُوَ حسبي وَنعم الْوَكِيل وَنعم الْهَادِي وَنعم الدَّلِيل تَرْجَمَة الْأَبْوَاب وَهِي سَبْعَة وَخَمْسُونَ بَابا:
الْبَاب الأول
: فِي أصُول الرُّؤْيَا وفصولها وَمَعْرِفَة صدقهَا من كذبهَا
الْبَاب الثَّانِي
: فِي وجود التَّعْبِير وَذكر الْأَدَب فِيهِ (مطموس)
1 / 3
/ أ
الْبَاب الثَّالِث
: فِي رُؤْيَة الله تَعَالَى وَالْجنَّة وَالنَّار والمليكه والنبيين والصراط والحساب وَالْعرش والكراسي وَالْمِيزَان وَالسَّمَاء وَالْأَرْض وَيَوْم الْقِيَامَة
الْبَاب الرَّابِع
: فِي رُؤْيَة الشَّمْس، وَالْقَمَر والنجوم والسحاب والرعد والبرق والمطر والثلج وَالْبرد والجماد والرياح وَالْغُبَار والغمام وَمَا يشبهها
الْبَاب الْخَامِس
: فِي رُؤْيَة الْبحار والأودية والأنهار وَالْجنَّة والأورقه والبئر والسفينة
الْبَاب السَّادِس
: فِي النُّور الظلمَة وَالنَّار والشمع والجمرة والسراج مَا أشبهه
الْبَاب السَّابِع
: فِي رُؤْيَة الْجبَال والتلال والرمال (والمفاؤز) وَالتُّرَاب والأجو، والجيصى والحائط
الْبَاب الثَّامِن
: فِي رُؤْيَة الْبِلَاد والمدان والقلاع والحصون والمساجد والمنابر والمنارات والطرق
الْبَاب التَّاسِع
: فِي الدّور والبساتين والدرج والسطوح والغرف والميازيب والحوانيت، والحمامات والطواحين
1 / 4
/ ب والسلالم الخشبية والمرافق
الْبَاب الْعَاشِر
: فِي الْعَاشِر فِي أَنْوَاع الْعطر من (الْمسك) والعنبر والكافور وَالْعود ولصندل وَمَاء الْورْد الأدهان المطيب، والزعفران وَغَيره
الْبَاب الْحَادِي عشر
: فِي رُؤْيَة الشَّيْخ والشباب والجاريه والغلام والعجوز وَالصَّبِيّ وَالْمَرْأَة
الْبَاب الثَّانِي عشر
: فِي الْغسْل وَالْوُضُوء وَالتَّيَمُّم وَالْأَذَان، وَالْإِقَامَة وَالصَّلَاة وَالرُّكُوع وَالسُّجُود والغزو وَالزَّكَاة وَالصَّدََقَة
الْبَاب الثَّالِث عشر
: فِي رُؤْيَة القَاضِي والخلفية وَالْإِمَام وَالْحَاكِم والخطيب والمؤذن والطبيب وَالْمَرِيض والمكيال وَالْمِيزَان والقبان
الْبَاب الرَّابِع عشر
: فِي رُؤْيَة جمَاعَة النَّاس وأعضائهم ورؤسهم وأيديهم وأرجلهم وعظامهم وأظهرهم وبطونهم وَمَا فِيهَا من آلَات ولحومهم وأوبالهم
1 / 5
أشعورهم وَدِمَائِهِمْ وَمَا فيهم من زِيَارَة ونقصان
الْبَاب السَّادِس عشر
: فِي الْخشب والأبواب وَالْعقد وَالْخُرُوج من مَوضِع ضيق إِلَى المصيدة والمفتاح والسرير والكرسي والعماريات والسرادقات والصناديق والمهد والقباب والفساطيط والأبنية والأعمدة والعجلة والخيام والقرش والبط
الْبَاب السَّابِع عشر
: فِي رُؤْيَة الْقُدُور والكوانين والتنانير وَالدُّخَان والرماد والسراب والنور
الْبَاب الثَّامِن عشر
: فِي الْعُرْيَان وَمن ابتلعته الأَرْض أَو أَكلته النَّار، المَاء وَالسِّبَاع والعدو
الْبَاب التَّاسِع عشر
: فِي الْقَصْد والحجامه وَالْحلق وَالتَّقْصِير ووجع الْأَعْضَاء والقروح والورم وَالْقَصْد والجسد وَالزِّيَادَة فِي الْبدن
الْبَاب الْعشْرُونَ
: فِي البرص والجذام والجرب وَالنَّقْص فِي والطعم وَالْقصر والطول وَالْجرْح والجذري والقيح وَالْبَوْل والقرف
1 / 6
ب ... والسرجين والمزبله والمتاح
الْبَاب الْحَادِي وَالْعشْرُونَ
: فِي الْأَشْجَار والفواكهة وَالثِّمَار والرياحين وخلعها وغرسها، والرياض وحصادها وَقلع الشّجر واستبصالها
الْبَاب الثَّانِي وَالْعشْرُونَ
: فِي الْبُقُول وَالْخضر من البصل والثوم (والحريف) وَمَا أشبهه والحبوب والاثيان والحشيش والبيذر والكندس وَالزَّرْع والحصاد
الْبَاب الثَّالِث وَالْعشْرُونَ
: فِي الْأَطْعِمَة وأصناف المأدومات وَالْبرد والأحصبه وَالسكر والفانيد
الْبَاب الرَّابِع وَالْعشْرُونَ
: فِي الأشريه والكواميج والأدوية والألوان والسموم والبط والقيئ وَغَيره
الْبَاب الْخَامِس وَالْعشْرُونَ
: فِي الْجَوَاهِر واليواقيت واللآلي والحلي وَالدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير، والفلوس والنحاس الصفر
الْبَاب السَّادِس وَالْعشْرُونَ
: فِي الثِّيَاب والكسوه والخف والنعل وَالْخَوَاتِيم وأنواعها
الْبَاب السَّابِع وَالْعشْرُونَ
: فِي الْحَبل والقيد وَالْغسْل والشبكة وَالْخَيْط والأبره والغزل والقطن
الْبَاب الثَّامِن وَالْعشْرُونَ
: فِي أَنْوَاع المجامعه والمعانقه، والقبلة والمصافحة وَمَا أشبه ذَلِك
الْبَاب التَّاسِع وَالْعشْرُونَ
: فِي رُؤْيَة الأسلحة والحروب والآت الحدادين، ورؤية الفراعنة والأكاسره، والجبابرة وَمن حلف بِيَمِين، صَادِقَة أَو كَاذِبَة وَغير ذَلِك
الْبَاب الثَّلَاثُونَ
: فِي رُؤْيَة الْحر وَالْبر والغز (والابديس) والقطن وَالصُّوف وَالشعر وَغَيره
الْبَاب الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ
: فِي الْأَعْمَى والمقعد (والزمن) والضرير وَذُو الْعلَّة
الْبَاب الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ
: فِي رُؤْيَة الْبسَاط والحجلة والفرقه والمكتب والسجن والقفص والقبر وَالْمَيِّت وَشبهه
الْبَاب الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ
: فِي الضَّرْب بالسياط وَضرب الْعُنُق وَقتل الْحَيَوَان وَقطع الْأَعْضَاء والعظم
الْبَاب الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ
: فِي الأوتار، والمزامير، وَلعب الشطرنج وأسعار الْحُبُوب فِي هَذِه الْبَاب والملاهي والجسد والمسمار والقنطره
الْبَاب الْخَامِس الثَّلَاثُونَ
: فِي الطيران والوثب
1 / 7
ب ... والصعود وَالنُّزُول، وَغَيره واللعب بالشطرنج وأسعار الْحُبُوب والبنيان فِي السَّمَاء وَغَيره
الْبَاب السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ
: فِي كَلَام السبَاع، والبهائم، والطيور والهوام والحيات، وَغير ذَلِك
الْبَاب السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ
: فِي الْخَوْف والفزع والهرب من الْعَدو وأوي السبَاع والبهائم والمنازعة والصراع وَمَا أشبه ذَلِك
الْبَاب الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ
: فِي القصاب (والمسلجه) والمدع وَالْقَتْل والخلال وَغسل الْيَد بالأسنان
الْبَاب التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ
: فِي الْبَهَائِم وَالسِّبَاع، وَالدَّوَاب وَالْخَيْل والبرادين، وَالْفرس الذلول، وَغير ذَلِك
الْبَاب الْأَرْبَعُونَ
: فِي الثيران وَالْبَقر والعوامل وَغَيرهَا
الْبَاب الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ
: فِي الظبأن وَالْغنم والكباش وأصوافها وشعورها وألات بطونها وَغير ذَلِك من كباش الْوَحْش، والضبي والوعول ولحومها وَأَلْبَانهَا وَمَا أشبه ذَلِك
الْبَاب الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ
: فِي الفيلة والجواميس وأنواعها
الْبَاب الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ
: فِي الْخَنَازِير وَالْجَرَاد والفأر والعظاية! والوزعة، وَالْعَنْكَبُوت ولحومها وأنواع تَأْوِيلهَا
1 / 8
أ
الْبَاب الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ
: فِي السبَاع وَأَلْبَانهَا ولحومها وجلودها وأختلاف تَأْوِيلهَا
الْبَاب الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ
: فِي أَنْوَاع الطُّيُور وجودهَا وَاخْتِلَاف أَنْوَاعهَا
الْبَاب السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ
: فِي الْفراش والنحل والعيسوب والذباب البقة والبرغوث وَالْقمل والدود وَالْجَرَاد والذبا وأنواع طيور آلما
الْبَاب السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ
: فِي السّمك والسلحفاة (والعرضان) والتمساح
الْبَاب الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ
: فِي الْحَيَّات والعقارب والهوام وسمومها وأسلحتها
الْبَاب التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ
: فِي رُؤْيَة الْجِنّ والأبالسة، وَالشَّيَاطِين، والسحرة والكهنة، والأصناف
الْبَاب الْخَمْسُونَ
: فِي الصناعات ووجوهها واختلافها وتعبير كل صنف مِنْهَا بِمَا يَلِيق بِهِ
الْبَاب الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ
: فِي الرُّؤْيَا الَّتِي تدل على طول أَعمار الْمُلُوك وَحسن حَالهم، ورؤية الرئيس وَالسُّلْطَان وَغَيرهمَا من الصَّالِحين وَالِاسْتِدْلَال بالأسامي النحس
1 / 9
ب ... مِنْهَا والسعد
الْبَاب الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ
: فِي التماثيل والأختتان والترويج والعريس والصباحة والوليمه
الْبَاب الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ
: فِي الْعباد وَالشُّكْر لله وَالِاسْتِغْفَار وَالْحَمْد وَالتَّسْبِيح وقرأه الْقُرْآن، وَالصَّلَاة وَالصِّيَام وَالصَّلَاة على النَّبِي ﷺ
الْبَاب الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ
: فِي الزلزلة والرجف والخسف وَالْمَسْخ والتطليق وَالْخلْع وَالْوُقُوف فِي المَاء وَالنَّار والسبل وعباداتها
الْبَاب السَّادِس وَالْخَمْسُونَ
: فِي رُؤْيَة إِسْقَاط الْبيُوت وَمَا يسْتَعْمل فِي الْبيُوت من المروحه والغرابيل والمناخل والمقراض والمشط والقاروره والطبق والقصاع الشُّكْر والكوز والدلو، والجره وَغير ذَلِك من الأوعيه
1 / 10
أ ... الصفار والكبار
الْبَاب السَّابِع وَالْخَمْسُونَ
: فِي مسَائِل مُتَفَرِّقَة سقط الْبَعْض مِنْهَا فِي أماكنها من الْكتاب فأنبناها فِي هَذَا الْموضع ليتم لَهَا الْكتاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى
الْبَاب الأول
: فِي أصُول الرُّؤْيَا وفصولها ومفرقة صدقهَا من كذبهَا الرُّؤْيَا الصادقة على ثَلَاثَة أوجه، رُؤْيا تحذير، رُؤْيا تبشير، ورؤيا إختيار فَهَذِهِ رُؤْيا الْأَنْوَاع الثَّلَاث، يوريها ملك الرُّؤْيَا لصَاحِبهَا اتحذرًا لَهُ من الْمعاصِي وَمُبشرا لَهُ بِمَا يستقبله من أَنْوَاع الْخيرَات، بِطَاعَة الله تَعَالَى أَو حسن عِبَادَته إِيَّاه، وإلهامًا من الله تَعَالَى يلهمه فِيمَا يختاره وَكَذَا قيل أَن ملكا من المليئكه أشرف بِإِذن الله تَعَالَى على اللَّوْح الْمَحْفُوظ فَوقف على مَا فِيهِ لبني أَدَم من الْخَيْر وَالشَّر، فَهُوَ الَّذِي يربهم ذَلِك عظة للْمُسلمين وَحجَّة على الْكَافرين إِلَى يَوْم الْقيمَة والرؤيا الكاذبة: هِيَ الأضفان وَهِي على ثَلَاثَة أوجه أَيْضا: رُؤْيا همة ... ورؤيا عِلّة
1 / 11
ب ... ورؤيا شَيْطَان فرؤيا الهمة: أَن يكون الهمه أَيكُون المرؤ فِي حَدِيث: أَو همة همم من الْأُمُور، فينام عَلَيْهِ، فَيرى ذَلِك أَو بعضه فِي مَنَامه، فَذَلِك همة النَّفس وَقرب الْعَهْد يذكرهُ فَلَا يعْتد بِهِ وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ، وَلَا يشْتَغل بِعِبَادَتِهِ ورؤيا العله: هِيَ أَن يكون، بِالرجلِ عله من مرض أَو خلط ردي فَاسد فينام عَلَيْهِ، فَيرى فِي مَنَامه أشياها يَله لَا تَأْوِيل لَهَا إِذْ هِيَ عَلَيْهِ تِلْكَ وتواريها ورؤيا الشَّيْطَان: هُوَ مَا يرَاهُ الرجل فِي مَنَامه من الِاحْتِلَام الْمُوجب للْغسْل والأشياء المنكره الَّتِي لَا يُمكن، كَونهَا وَلَا يحل التقوه بهَا فَذَلِك من فعل الشَّيْطَان، فَلَا يعْتد بِهِ وَلَا يتأويله
فصل فِي التَّفَاوُت والتفاضل بَين الرُّؤْيَا فالرؤيا من أحد رجلَيْنِ أما مُسلم، وَأما كَافِر وَهِي على أَرْبَعَة عشر نوعا
مِنْهَا: رُؤْيا الأيمة ورؤيا الْقُضَاة، ورؤيا الْفُقَهَاء ورؤيا الْعلمَاء، ورؤيا الْأَحْرَار ورؤيا المماليك، ورؤيا الذُّكُور
1 / 12
أ ... . ورؤيا الْإِنَاث، ورؤيا المستورين، ورؤيا غير المستورين، ورؤيا الْأَغْنِيَاء ورؤيا الْفُقَرَاء - ورؤيا المراهقين، ورؤيا الصّبيان الصغار، فأصح الرُّؤْيَة وَأصْدقهَا رُؤْيَة الأيمة، الصَّفَا أذهانهم، ووفود عُقُولهمْ، وتسليط الله أياهم على رعاياهم رَحْمَة مِنْهُ لَهُم والهام الله تَعَالَى أياهم لمصَالح دينهم ودنياهم وَرُبمَا يفضل رؤياهم على رُؤْيا غَيرهم لفضلهم عَلَيْهِم ثمَّ رُؤْيا الْقُضَاة لما جبلوا عَلَيْهِ من الْعدْل والأنفاق والتمييز ثمَّ: رُؤْيا الْفُقَهَاء - لتوفيق الله إيَّاهُم وأصابتهم فِي الْأَحْكَام وَالْحُدُود والفرائض وَالسّنَن والحلال وَالْحرَام ثمَّ رُؤْيا الْعلمَاء لترفيهم إِلَى درج الدعْوَة إِلَى اله تَعَالَى وإقدامهم على الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر والحث على الطَّاعَات وَترك الْمعاصِي والمخطورات م رُؤْيا الْأَحْرَار وَهِي تتفاضل فيهم بالترتيب لتفاضل مَا ركب لَهُ فيهم
1 / 13
ب ... . من الْعقل والفهم فمقدار مَا ركب الله تَعَالَى فيهم من هَاتين الخصلتين الخطيرتين، تتفضل رؤياهم ثمَّ رُؤْيا المماليك وَهِي تجدي فِي وجوهها مجْرى رُؤْيا النِّسَاء لأَنهم، تَحت أَيدي مواليهم، كَمَا أَن النِّسَاء تَحت أَيدي أَزوَاجهنَّ وَأكْثر مَا يرونه من رُؤْيا الْخَيْر رَاجِعَة إِلَى أَزوَاجهنَّ ومواليهم إِلَّا الْقَلِيل مِنْهَا ثمَّ رُؤْيا الذُّكُور: لما فَضلهمْ الله تَعَالَى على الْإِنَاث فِي الْعُقُول والمواريث والخطابة والفهم والفصاحة والشجاعة، وَقبُول الشَّهَادَة وَبَيَان الْكَمَال وَالْجمال ثمَّ رُؤْيا الْإِنَاث ورؤياهن، كرؤيا المماليك، لِأَنَّهُنَّ مغلوبات عاجزات عَن أَكثر أشيائهن، وَأكْثر مَا يرونه من الْخَيْر رَاجع إِلَى أَزوَاجهنَّ وأقومهن لقصورهن عَن الْعقل والفهم وَقلة المملكة على أَنْفسهنَّ وأبدانهن ثمَّ رُؤْيا المستوردين فَكل من كَانَ فِي الستره أكمل كَانَت رُؤْيَاهُ، أصح وَأَصَح وَإِلَى الْخَيْر أقرب ثمَّ رُؤْيا غير المستوردين ورؤياهم يُخَالف رُؤْيا المستورين
1 / 14
أ ... فِي الْمعَانِي والعبارات لمخالفتهم، أياهم فِي الْأَقْوَال الْأَفْعَال ثمَّ رُؤْيا الْأَغْنِيَاء ورؤيا تفضل عَليّ رُؤْيا الْفقر فضلا، ظَاهر لما تجْرِي عَلَيْهِم فِي الْأَوْقَات، والحالات فقد قَالَ رَسُول ﷺ الْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى ثمَّ رُؤْيا الْفُقَرَاء - وَهِي على خلاف رُؤْيا الْأَغْنِيَاء وَهِي أبعد خُرُوجًا وَأَقل فايدة، وَكَانَت محمودة فَأَما إِذا كَانَت بالضد، فَإِنَّهَا أدْرك أشرع إدراكًا أحلى فقد أزمانهم من الْبُؤْس والفقره يكون خَبَرهَا وشرها لَهُم وَالله أعلم ثمَّ رُؤْيا المراهقين: - وَهِي أَضْعَف الرُّؤْيَا وأبعدها من الْمَنِيّ لإشراف الشَّهْوَة عَلَيْهِم وَبعد الْعقل وَالْأَدب مِنْهُم وَقد قبل أَن صَلَاحهَا يرجع إِلَى أباهم وأمهاتهم والمستولين عَلَيْهِم، وفسادها لَا يضرهم لدفع الْقَلَم عَنْهُم ثمَّ رُؤْيا الضُّعَفَاء من الصّبيان، ورؤياهم لَا يلتف إِلَيْهَا وَلَا تستغل بعبادتها لعدم إفهامهم وعقولهم وَقلة تميزهم
فصل فِي رُؤْيا النِّسَاء وَالصبيان
1 / 15
ب ... ... الصفار وَالدَّلِيل على صِحَّتهَا وصدقها وَقد قيل أَيْضا أَن رُؤْيا الْبَالِغين إِذا لم يكد لَهما بذلك الشَّيْء همه، وَقيل أَنَّهَا أصح لِأَن قُلُوبهم خَالِيَة من الأشغال فارغة من ألهم ورؤيا الْجنب وَالْحَائِض، وَالنُّفَسَاء والمستحاضة والمتلطخ بالنجاسات كلهَا صَحِيحَة لن عَامَّة الْكفَّار ونجس لَا طَهَارَة لَهُم وَلَا وضوء لَهُم وَلَا غسل لَهُم ورؤياهم صَحِيحَة والتفاضل فِي رُؤْيا الْمُسلمين على مَا تقدم ذكره فضل فِي معرفَة الرُّؤْيَا الكاذبة الفاسده الممتعة عَن التَّعْبِير، وَهُوَ أَن النَّاس يَخْتَلِفُونَ فِي طباعهم وَجَمِيع أَحْوَالهم فَكَذَلِك يخْتَلف رؤياهم فَمنهمْ من غلب عَلَيْهِ الدَّم من أكل الحلو، وَاللَّحم وَشرب الشَّرَاب والأشياء المهم فَيرى فِي مَنَامه الرعاف والاحتجام والاقتصاد وأنهار الدَّم، وَمَا أشبههَا وَيرى بَين يَدَيْهِ الدباحين والرقاصين واللعابيين والزمارين والطبالين والمطربين والمغنين
1 / 16
أ ... والأوتار، والرياض، والبساتين ويستدل عَلَيْهِ بخمرة لَونه وَمِنْهُم من يغلب عَلَيْهِ الصفر من أكل الأغذية الحاره كالبصل والثوم والفلفل وألوان الْأَطْعِمَهْ المهيجة للصفراء فَيرى فِي مَنَامه (الثيران) والسرج والمصابيح والقناديل الموقوده والمشاعل وَالشَّمْس المحرقة المؤذيه وَنَحْوهَا ويستدل عَلَيْهِ بنحافة بدنه وإصفرار لَونه وَكَثْرَة مركانه ورقته وحدته وقلقه وعجلته فِي الْكَلَام وَجَمِيع الْأَفْعَال وَقلة ثباته وَكَثْرَة تلونه وَمِنْهُم من تغلب عَلَيْهِ البلغم من الاغتدابا بالأشياء الحاره الرطب كالألبان وَمَا أشبههَا وَيرى فِي مَنَامه الأمطار والأنهار والغدران والاغتسال فِيهَا والمياه الْكَثِيرَة والغوص والسباح والثلج وَالْبرد والوحل وَمَا أشبه ذَلِك ويستدل عَلَيْهِ بخالته وضخم بدنه وبطئ حركته وَثقل كَلَامه وَقلة نشاطته وَمِنْهُم من تغلب عَلَيْهِ السَّوْدَاء من أكل الأغذية المولدة
1 / 17
ب ... بالسودائيه الْبَاب
الْبَاب الثَّانِي
: فِي وُجُوه التَّعْبِير وَذكر الْأَدَب فِيهِ للسَّائِل والمؤل وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم فَلَا تظلم نفس شيا وَقيل من رائ أَن الْقِيَامَة قد قَامَت فَإِنَّهُ ينجو من سوء أعداه وَمن لاي من أَشْرَاط السَّاعَة مثل النفخ فِي الصُّور:، أَو نشر أهل الْقُبُور، أَو طُلُوع الشَّمْس من الْمغرب. . أَو خُرُوج الدَّابَّة أَو نَحْو ذَلِك فَإِن تَأْوِيله كتأويل يَوْم الْقيام وَقيل خُرُوج الداب فتن تطهر فَيهْلك فِيهَا قوم وينجو آخَرُونَ. . وَخُرُوج الدَّجَّال رجل ذَوا بدع وضلالة تطهر فِي النَّاس والنفخ فِي الصُّور طاعون أَو إنذار السُّلْطَان فِي بعث أَو غَيره أَو قِيَامه قامة فِي الْبَلدة تكون أَو سفر عامٍ إِلَى الْحَج والحشر ويحي الله لفصل الْقَضَاء ولاجتماع الْخلق لِلْحسابِ عدلٍ
1 / 18
أَمن الله يكون النَّاس بإهمام عادلٍ يقدم عَلَيْهِم أَو يَوْم عَظِيم يرَاهُ النَّاس ويشهدونه فَمن رأى أَنه أَخذ كِتَابه بِيَمِينِهِ فَإِن بالصلاح أَو بالغنا والعزوان أَخذه بِشمَالِهِ هلك بِالْإِمَامِ أَو الْفقر والحاجه. . وَإِن مر عَليّ القيراط سليما نجا من شدَّة أَو فتْنَة أَو بِلَا، وَقد يكون الصِّرَاط قطعهَا وَمن رَأْي أَنه دخل الْجِنّ فَإِنَّهُ يعْمل عملا صَالحا يسْتَوْجب لَهُ الْجنَّة لقَوْله ﷾ وَتلك الْجنَّة الَّتِي أورثتموها بِمَا كُنْتُم تعلمُونَ وَإِن كَانَ حَاجا ثمَّ حجَّة وَوصل الْكَعْبَة أَو دخل إِلَيْهَا وَطلب علم السّنة وَمن رَأْي أَنه تنَاول من ثمارها أَو أَعْطَاهَا لَهُ غَيره فَإِنَّهُ يعْمل أَعمال الْبر، وتبيع سَبِيل الْخَيْر وَإِن رَأْي أَنه أَعْطَاهَا غَيره ينْتَفع بِعَمَلِهِ غَيره وَمن رَأْي من حورها ولدانها فَإِنَّهُ إنتقال من الدُّنْيَا إِلَى الْجنَّة وَقد تبين ...
1 / 19
/ ب ... فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِ السَّائِل عَن رُؤْيا من الْأَدَب يَنْبَغِي للرأي أَن يعود نَفسه الصدْق ويجتنب الْكَذِب فقد قيل أصدقكم رُؤْيا أصدقكم حَدِيثا وَأَن لَا ينَام (إِلَّا طَهَارَة) وَيذكر الله تَعَالَى مَا أمكنه وَأَن يقل عِنْد النّوم اللَّهُمَّ أَرِنِي رُؤْيا صَادِقَة صَالِحَة غير كَاذِبَة، سارة، غير مَحْزَنَة نَافِع غير ضارة ثمَّ يضجع عَليّ يَمِينه مَا أمكنه، ذَلِك أَو على يسَاره أَو على ظَهره وَلَا ينَام منبطحًا على وَجه بِحَال من الْأَحْوَال، فَإِن ذَلِك لَا يسْتَحبّ فَإِذا اسْتَيْقَظَ من نَومه وَقد رَأْي رُؤْيا يكرهها تحول على يسَاره وتفل ثَلَاثًا، وَيَقُول سُبْحَانَ من وجلت مِنْهُ الْقُلُوب وارتعدت من هَيْبَة عَظمته وخشعت لَهُ الْأَصْوَات وعنت لَهُ الْوُجُوه، أعوذ بعزه الله وجلاله مِمَّا يُصِيبنِي من رُؤْيا شَيْء أكرهه من أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك، من خير هَذِه الرُّؤْيَا وَأَعُوذ بك من شَرها فَإِنَّهَا لَا تضره إِن شَاءَ الله تَعَالَى، فصل فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِ المعبرون من الْأَدَب وَألا لِأَن، أعلم أَنه يجب عَليّ من
1 / 20