باب التوحيد
قال القرشي: هو في اللغة: عبارة عن فعل ما يصير به الشيء واحدا انتهى.
يقال: وحد الشجرة إذا فعل فعلا تبقى به واحدة كقطع أغصانها، وإبقاء أصلها، وفي عرفها: هو الخبر عن كون الشيء واحدا.
وفي اصطلاح المتكلمين: هو العلم بالله تعالى، وما يجب له من الصفات، وما يستحيل عليه منها، وأنه لا ثاني له يشاركه في ذلك الحد الذي يستحقه.
وقال علي عليه السلام لما سئل عن حد التوحيد: (هو أن لا)
تتوهمه) ومعناه: أن كل ما خطر ببال ذوي الأفكار فبمعزل عن حقيقة ملكوته، وجميع ما تنعقد عليه ضمائر أولي الأبصار فعلى خلاف ما ذاته المقدسة عليه من نعوت جبروته، لا تدرك كنه عظمته الأفهام، ولا يبلغ شأو كبريائه الأوهام، جل عما يجول به الوسواس، وعظم عما تكيفه الحواس، وكبر عما يحكم به القياس، إن قيل: أين؟ فهو سابق للمكان، أو قيل: متى؟ فهو سابق للزمان، أو قيل: كيف؟ فقد جاوز الأشباه والأمثال، وإن طلب الدليل عليه فقد غلب الخبر العيان، وإن طلب البيان فالكائنات بيان وبرهان؛ فهو تعالى بخلافها في الذات والصفات، وهو الوصف الذي به التمايز بينه وبين العوالم، وإن اختلفت العوالم في صفة فإنها توافق في أخرى؛ فهو تعالى بخلاف الأشياء كما أشار إليه القاسم -عليه السلام- ذكر ذلك بعض العارفين. ويشتمل هذا الباب على عشر مسائل:
(المسألة الأولى: في أن لهذا العالم صانعا صنعه ومدبرا دبره)
ولا كلام في وجوب تقديم هذه المسألة على سائر مسائل الإثبات؛ إذ الكلام على كل واحدة منها لا يتأتى إلا بعد تحقيق هذه المسألة، فإنه قد تقرر وثبت أنه لا يمكن العلم بالحال إلا مع العلم بالذات.
والمراد بالعالم: المخلوقات من السموات والأرض والحيوانات وغيرها، قال الجوهري: العالم الخلق، والجمع العوالم، والعالمون أصناف الخلق.
পৃষ্ঠা ১৮