ولنا طريقة أخرى سمعية، وإنما استدللنا بالسمع هنا وإن كان العلم بصحته يقف على العلم بهذه المسألة استظهارا على الخصوم، لموافقتهم في أنه دلالة، ولأنهم تمسكوا بالمتشابه فتمسكنا بالمحكم على أن المتأخرين من أصحابنا كالشيخ الحسن الرصاص والإمام يحيى والفقيه حميد قد صححوا الاستدلال بالسمع على هذه المسألة وغيرها من جنسها على أنه يكفي في معرفة صحة السمع ثبوت الدلالة على أنه عدل حكيم في الجملة، فإذا عرف المستدل عدله وحكمته ونبؤة نبيه صح الاستدلال بالسمع، فمنها قوله تعالى: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}[الكهف:29] مما يقتضي أنا مختارون في أفعالنا، ومنها قوله تعالى: {وتخلقون إفكا}[العنكبوت:17] مما يدل على أنهم يقدرون على أفعالهم، ومنها قوله تعالى: {بما تعملون}، {بما تصنعون}، {هل تجزون إلا ما كنتم تعملون}[النمل:90] {لنا أعمالنا ولكم أعمالكم}[القصص:55] {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا}[آل عمران:30] {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل }[الفرقان:23] {من يعمل سوءا يجز به}[النساء:123] ونحو ذلك مما يصرح بأن لنا أعمالا نجازى عليها، والقرآن مشحون بذلك، ومذهبهم يقضي بصرف القرآن عن ظاهره، ويدخله في قالب الهذيان.
পৃষ্ঠা ৬০