وقولنا: في حد العالم مع القدرة على فعلها غير محكمة لدفع ما
يقال لا نسلم أن الإحكام دليل العالمية، فإن النحلة وهي من العالم البهيمي لها عمل متقن في بيوتها كما نشاهد ذلك، وتمييزها العسل من الشمع وذلك بين، وكذلك شيء من الطير؛ لأن هذه الحيوانات لا تقدر على فعلها كذلك إلا بإلهام الله لها.
(المسألة الرابعة:) أنه يجب على كل مكلف أن يعلم (أن الله تعالى حي)
وحقيقة الحي: من يمكنه إدراك الأشياء عند اجتماع شرائط الإدراك والقدرة عليها مع سلامة الأحوال، وقيل: هو المختص بصفة لمكانها يصح أن يقدر ويعلم.
ذهب المسلمون وكثير من الناس إلى أن الله تعالى حي، والخلاف في ذلك على نحو ما مر في مسألة قادر (والدليل على ذلك) المذهب الصحيح ما تقرر من الأدلة القاطعة من (أنه تعالى قادر عالم) وإنما خص الاستدلال بهاتين الصفتين على كونه حيا دون سائر الصفات التي تصححها الحييه؛ لأن سائرها منها ما لا تصححه الحيية له تعالى، وهي كونه مشتهيا ونافرا وظانا وناظرا، إذ لا تصحهها إلا بشروط لا تحصل في حقه، ومنها مالا يصح العلم بصحتها إلا بعد العلم بكونه حيا ككونه مدركا ومريدا وكارها، فلم يبق مما يصححه ما يعلم أنه يصح عليه تعالى قبل العلم بكونه حيا إلا القادرية والعالمية، وقد جرت عادة المتكلمين على الجمع بينهما في الاستدلال على الحيية وإلا فأحدهما كاف.
(و) إذا قد ثبت أنه قادر عالم علم أن (القادر العالم لا يكون إلا حيا) فهذان أصلان لا بد لكل واحد منهما من دليل، (أما الدليل على أنه تعالى قادر عالم فقد تقدم) في مسألة قادر ومسألة عالم، وأما الدليل على أن القادر العالم لا يكون إلا حيا فهو في الجملة معلوم ضرورة، ولهذا يصفه العقلاء بأنه حي.
পৃষ্ঠা ৩১