وهي اليقين حكمه لا يرفع ... - ... بالشك بل حكم اليقين يتبع يعني أن الأول من القواعد الخمس هي أن حكم اليقين لا يرفع بالشك بل يتبع حكم اليقين أي يستصحب ويلغى الشك، لأن القاعدة الشرعية أن الشك يلغى عند جميع العلماء ويستصحب الحال الذي كان قبله، قال المقري: قاعدة المعتبر في الأسباب والبراءة وكل ما تترتب عليه الأحكام العلم ولما تعذر في أكثر الصور أقيم الظن مقامه لقربه منه، وبقي الشك ملغى على الأصل إلا أن يدل دليل خاص من الشرع على اعتباره كالنضح من الشك في إصابة النجاسة، وكالوضوء من الشك في الحدث عند مالك؛ وأما إتمام الصلاة فالمعتبر فيه عند الشافعي والباجي اليقين وعند النعمان وابن الحاجب الظن؛ وقال الأبياري الأصل اتباع الظن مطلقا حيث لا يشترط العلم ما لم يرد في الشرع المنع من ذلك كمنع القضاء بشهادة العدل وإن غلب على الظن صدقه، وهذا مما قدم فيه النادر، وأما الشك فساقط الاعتبار إلا في النادر كنضح من شك في إصابة النجاسة وغسل اليدين عند القيام من النوم.
ومن فروع هذه القاعدة لزوم البناء على اليقين لمن شك ثلاثا أو أربعا، فإن المتيقن ثلاثة لأن الأربعة وجبت بيقين فلا تبرأ منها إلا بيقين. ومنها لزوم البينة للمدعي لأن الأصل براءة ذمة المدعى عليه فلا تعمر إلا بيقين.
والأصل في هذه القاعدة قوله - صلى الله عليه وسلم - في المصلي الذي يجد بين أليتيه شيئا أنه لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا قاله القرافي في الهيث الهامع؛ قال حلولو وهذه القاعدة تشتمل على قاعدة العمل بالاستصحاب وتندرج فيها قاعدة إلغاء الشك في المانع واعتباره في المقتضي والشرط .
قلت: ومعنى ذلك أنا إذا شككنا في المانع ينتفي الحكم لأن ثبوته منتف قبل الشك، وإن شككنا في السبب لم نرتب المسبب لأن عدمه متيقن قبل الشك، وإن شككنا في الشرط لم نرتب المشروط لأن عدمه متيقن قبل الشك.
পৃষ্ঠা ৩৩