فإذ كان الجنس يقال على ثلاثة أنحاء، فقول الفلاسفة إنما هو فى الثالث منها، وهو الذى رسموه بأن قالوا: الجنس هو المحمول على كثيرين مختلفين بالنوع من طريق ما هو، مثال ذلك الحى لأن الأشياء التى تحمل، منها ما تقال على واحد: كالأشخاص بمنزلة سقراط، وهذا الشخص، وهذا الشىء؛ ومنها ما يقال على كثيرين: كالأجناس، والأنواع، والفصول، والخواص، والأعراض التى تعرض على جهة العموم لا التى تعرض لشىء على جهة الخصوص. فالجنس كالحى، والنوع كالإنسان، والفصل كالناطق، والخاصة كالضحاك، والعرض كالأبيض والأسود، والقيام والجلوس.
فالأجناس تخالف الأشياء التى تحمل على شىء واحد فقط مما توصف به من أنها تحمل على كثيرين. وتخالف الأشياء التى تقال على كثيرين بأشياء؛ من ذلك أنه يخالف الأنواع بأن الأنواع، وإن كانت تحمل على كثيرين، فإنها ليست تحمل على كثيرين مختلفين بالنوع، بل كثيرين مختلفين بالعدد. فإن الإنسان، إذ هو نوع، قد يحمل على سقراط، وفلاطن، اللذين ليسا يختلفان بالنوع، ولكن بالعدد. فأما الحى، فإذ هو جنس، قد يحمل على الإنسان والفرس والثور الذين بعضهم يخالف بعضا، وبالنوع لا بالعدد فقط.
فأما الخاصة فقد يخالفها الجنس من قبل أن الخاصة إنما تحمل على نوع واحد وهو النوع الذى هى له خاصة، وعلى الأشخاص التى تحت ذلك النوع؛ كالضحاك فإنه يحمل على الإنسان فقط، وعلى أشخاص الناس. فأما الجنس فليس إنما يحمل على نوع واحد، ولكن على أنواع كثيرة مختلفة.
وقد يخالف الجنس الفصول والأعراض العامية، من قبل أن الفصول والأعراض التى تعرض على جهة العموم، وإن كانت تحمل على كثيرين مختلفين بالنوع، إلا أنها ليست تحمل من طريق ما هو، إذا سئلنا عن ذلك الشىء الذى تحمل عليه هذه، بل إنما تحمل من طريق أى شىء هو؛ وذلك أنا إذا سئلنا عن الإنسان أى حيوان هو؟ قلنا: ناطق؛ وإذا سئلنا عن الغراب أى حيوان هو؟ قلنا: أسود؛ والناطق فصل، والأسود عرض. أما إذا سئلنا عن الإنسان ما هو؟ أجبنا بأنه حيوان، لأن جنس الإنسان قد كان الحيوان.
পৃষ্ঠা ৭০