فإن قيل: كان سبب نزولها وقوع الاختلاف في ذلك. قلت وبالله التوفيق: قد ذكر بعض المفسرين أن سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالقطع, فقيل له كيف نفعل وقد نهانا الله عن الفساد في الأرض, فنزلت مؤذنة بالإباحة, فبطل ما قالوا, وإن سلم ما قالوا فنزول الآية مبين لحكم ما اختلفوا فيه وهو الإباحة في ذلك, فتأمل, والله أعلم وهو حسبنا ونعم الوكيل.
### || الفصل الثاني في الإرشاد إلى معرفة المحق وتمييزه
من المخطئ:
[أدلة الكتاب على وجود طائفة على الحق واستمرارها]
وذلك أنه لما تقرر تحريم التفرق في الدين والاختلاف فيه, علمنا أنا لا نعذر فيه باتباع المختلفين فيه, فنظرنا بعد ذلك في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فإذا كتاب الله تعالى ناطق بأن طائفة من الأمة لم تزل على حق, قال تعالى: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم}(محمد: 17) ,وقال تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}(العنكبوت: 69) ,وقال تعالى: {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم}(هود: 118-119) ,أي لا يزالون مختلفين في الحق إلا من رحم ربك, فإنهم لا يختلفون فيه {ولذلك خلقهم} أي للاجتماع على العمل بالحق دون الاختلاف فيه.
وقال تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات}(فاطر: 33) [4],والمقتصد والسابق بالخيرات على الحق.
পৃষ্ঠা ২০