المعرفة الثالثة: أنه تعالى لا يرى بالأبصار في الدنيا ولا
في الآخرة.
وبيانه: أنه تعالى لو رئي لم يخل إما أن يرى في مكان، أو في ما يجري مجرى المكان، أو لا في مكان، ولا فيما يجري مجرى المكان، والأول محال ؛ لأنه يقتضي حدوثه، والثاني محال؛ لأنه لا يعقل، بل فيه نفي الرؤية على الحقيقة.
وعلى هذا قال الله تعالى:{لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار}(1) وقال لموسى:{لن تراني}(2) حين سأله الرؤية لقومه لا لنفسه، فهو عالم أنه تعالى لا يرى، ولهذا حكى عنهم أن الصاعقة أخذتهم حين سألوه الرؤية {قالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة}(3) وقال موسى لما لم يقع منه خطيئة سوى السؤال لقومه بغير إذن من ربه:{أفتهلكنا بما فعل السفهاء منا}(4).
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( إن الله لا يراه أحد في الدنيا ولا في الآخرة)(5).
وعن مسروق عن عائشة أنها قالت:(ثلاث من قال واحدة منهن فقد أعظم الفرية على الله تعالى: من زعم أن محمدا رأى ربه. فقال مسروق:(يا أم المؤمنين أنظريني ولا تعجليني أرأيت قول الله تعالى:{ولقد رآه نزلة أخرى}(6) قالت:(ذلك جبريل، لم يره رسول الله في صورته التي خلق فيها إلا مرتين، مرة منهبطا من السماء إلى الأرض، ومن زعم أن محمدا كتم شيئا من القرآن، والله تعالى يقول:{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}(7) ومن زعم أن محمدا يعلم الغيب، والله تعالى يقول:{قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله}(8).
وهذا القول مروي عن الصحابة. وروي عنهم الإنكار على قائله، والتكذيب له.
পৃষ্ঠা ২১৮