واعلم أن هذا القبيل وإن كان يأتي على جميع ما قيده العقل والشرع، وقضى بحسنه الإلف والطبع، فإنما أفردته لبيان أمور مخصوصة في الأفعال والتروك تكسب الهيبة، وتثمر المحبة، وتجلب الجلالة والكمال، عند ذي العزة والجلال ليهتدي بها الطالب، ويستعين بها في جميع المطالب، ويقيس عليها ما يعرض من جنسها، وبالله التوفيق والتسديد.
فمنها: إظهار البشاشة عند اللقاء للجليس، والإجلال للشريف والرئيس، والتعطف والترحم والتلطف والتكرم، وإظهار ذلك كله في الوجه بالطلاقة، وباللسان باللين في الكلام، وفي العين بالإقبال إلى كل مجالسيه، وغير ذلك من هذا القبيل فإنه واسع، ويختلف بحسب العادات في البلدان والأزمان والأعيان، فهذا شئ يكسب الحمد، ويدخر المجد، وينفي الضغائن والأحقاد، ويغسل حسد الحاسد.
وفي حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم (يا أبا ذر لا تدعن شيئا من المعروف إلا فعلته، فإن لم تقدر على ذلك فكلم الناس وأنت إليهم طليق)(1).
وكانت اليهود تعاطس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجاء أن يقول: يرحمكم الله فيقول بدلا من ذلك:
(يهديكم الله ويصلح بالكم)(2).
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم (الكلمة الطيبة صدقة)(3).
وفي الزائر
قال صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أتاكم الزائر فأكرموه)(4).
وفي إنصاف الكرماء قال عليه السلام: (إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه)(1).
পৃষ্ঠা ১২৮