[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي أخبرنا السيد الأجل عميد الرؤساء أبو الفتح يحيى بن محمد بن نصر بن علي بن حا [حياء أدام الله علوه قراءة عليه سنة أربعين وخمسمائة قال حدثنا القاضي الأجل أبو المعالي أحمد بن علي بن قدامة في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة قال حدثني الشيخ السعيد المفيد أبو عبد الله محمد بن النعمان رضي الله عنه في سنة إحدى عشرة وأربعمائة قال- الحمد لله على ما ألهم من معرفته وهدى إليه من سبيل طاعته وصلواته على خيرته من بريته محمد سيد أنبيائه وصفوته وعلى الأئمة المعصومين الراشدين من عترته وسلم.
পৃষ্ঠা ৩
وبعد فإني مثبت بتوفيق الله ومعونته ما سألت أيدك الله إثباته من أسماء أئمة الهدى(ع)وتاريخ أعمارهم وذكر مشاهدهم وأسماء أولادهم وطرف من أخبارهم المفيدة لعلم أحوالهم لتقف على ذلك وقوف العارف بهم ويظهر لك الفرق ما بين الدعاوي والاعتقادات فيهم فتميز بنظرك فيه ما بين الشبهات منه والبينات وتعتمد الحق فيه اعتماد ذوي الإنصاف والديانات وأنا مجيبك إلى ما سألت ومتحر فيه الإيجاز والاختصار حسب ما أثرت من ذلك والتمست وبالله أثق وإياه أستهدي إلى سبيل الرشاد
পৃষ্ঠা ৪
[باب تاريخ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)]
[فصل تاريخ ولادة علي بن أبي طالب(ع)وشهادته وذكر نسبه وأمور أخرى]
[في ذكر أسرته ونسبه]
(باب الخبر عن أمير المؤمنين (ع)) أول أئمة المؤمنين وولاة المسلمين وخلفاء الله تعالى في الدين بعد رسول الله الصادق الأمين محمد بن عبد الله خاتم النبيين (صلوات الله عليه وآله الطاهرين) أخوه وابن عمه ووزيره على أمره وصهره على ابنته فاطمة البتول سيدة نساء العالمين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف سيد الوصيين عليه أفضل الصلاة والتسليم.
كنيته أبو الحسن ولد بمكة في البيت الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله تعالى سواه إكراما من الله تعالى له بذلك وإجلالا لمحله في التعظيم.
وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنها وكانت كالأم لرسول الله(ص)ربي في حجرها وكان شاكرا لبرها وآمنت به(ص)في الأولين وهاجرت معه في جملة المهاجرين ولما قبضها الله تعالى إليه كفنها النبي(ص)بقميصه ليدرأ به عنها هوام الأرض وتوسد في قبرها لتأمن بذلك من ضغطة القبر ولقنها الإقرار بولاية ابنها أمير المؤمنين(ع)لتجيب به عند المسألة بعد الدفن فخصها بهذا الفضل
পৃষ্ঠা ৫
العظيم لمنزلتها من الله تعالى ومنه(ع)والخبر بذلك مشهور.
[نبذة عن حياته وجهاده (ع)]
فكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)وإخوته أول من ولده هاشم مرتين وحاز بذلك مع النشوء في حجر رسول الله(ص)والتأدب به الشرفين وكان أول من آمن بالله عز وجل وبرسوله(ص)من أهل البيت والأصحاب وأول ذكر دعاه رسول الله(ص)إلى الإسلام فأجاب ولم يزل ينصر الدين ويجاهد المشركين ويذب عن الإيمان ويقتل أهل الزيغ والطغيان وينشر معالم السنة والقرآن ويحكم بالعدل ويأمر بالإحسان فكان مقامه مع رسول الله(ص)بعد البعثة ثلاثا وعشرين سنة منها ثلاث عشرة سنة بمكة قبل الهجرة مشاركا له في محنه كلها متحملا عنه أكبر أثقاله وعشر سنين بعد الهجرة بالمدينة يكافح عنه المشركين ويجاهد دونه الكافرين ويقيه بنفسه من أعدائه في الدين إلى أن قبضه الله تعالى إلى جنته ورفعه في عليين فمضى(ص)ولأمير المؤمنين(ع)يومئذ ثلاث وثلاثون سنة
[في النص على ولاية أمير المؤمنين ع]
فاختلفت الأمة في إمامته يوم وفاة رسول الله(ص)فقالت شيعته وهم بنو هاشم وسلمان وعمار وأبو ذر والمقداد وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وأبو أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله الأنصاري
পৃষ্ঠা ৬
وأبو سعيد الخدري وأمثالهم من جلة المهاجرين والأنصار أنه كان الخليفة بعد رسول الله(ص)والإمام لفضله على كافة الأنام بما اجتمع له من خصال الفضل والرأي والكمال من سبقه الجماعة إلى الإيمان والتبريز عليهم في العلم بالأحكام والتقدم لهم في الجهاد والبينونة منهم بالغاية في الورع والزهد والصلاح واختصاصه من النبي(ص)في القربى بما لم يشركه فيه أحد من ذوي الأرحام.
ثم لنص الله على ولايته في القرآن حيث يقول جل اسمه @QUR@ إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون
الولي هو الأولى بلا خلاف.
وإذا كان أمير المؤمنين(ع)بحكم القرآن أولى بالناس من أنفسهم لكونه وليهم بالنص في التبيان وجبت طاعته على كافتهم بجلي البيان كما وجبت طاعة الله وطاعة رسوله(ع)بما تضمنه الخبر عن ولايتهما للخلق في هذه الآية بواضح البرهان.
وبقول النبي(ص)يوم الدار: وقد جمع بني عبد المطلب خاصة فيها للإنذار من يؤازرني على هذا الأمر يكن أخي ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي فقام إليه أمير المؤمنين علي(ع)من بين جماعتهم وهو أصغرهم يومئذ سنا فقال أنا أؤازرك يا رسول الله فقال له النبي(ص)اجلس فأنت أخي ووصيي
পৃষ্ঠা ৭
ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي- وهذا صريح القول في الاستخلاف.
وبقوله أيضا(ع)يوم غدير خم: وقد جمع الأمة لسماع الخطاب ألست أولى بكم منكم بأنفسكم فقالوا اللهم بلى فقال لهم(ع)على النسق من غير فصل بين الكلام فمن كنت مولاه فعلي مولاه- فأوجب له عليهم من فرض الطاعة والولاية ما كان له عليهم بما قررهم به من ذلك ولم يتناكروه وهذا أيضا ظاهر في النص عليه بالإمامة والاستخلاف له في المقام.
وبقوله(ع)له عند توجهه إلى تبوك: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي
- فأوجب له الوزارة والتخصص بالمودة والفضل على الكافة والخلافة عليهم في حياته وبعد وفاته لشهادة القرآن بذلك كله لهارون من موسى(ع)قال الله عز وجل مخبرا عن موسى(ع) واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا قال قد أوتيت سؤلك يا موسى فثبت لهارون(ع)شركة موسى في النبوة ووزارته على تأدية الرسالة وشد أزره به في النصرة وقال في استخلافه له اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين فثبتت له خلافته بمحكم التنزيل.
فلما جعل رسول الله(ص)لأمير المؤمنين (ع)
পৃষ্ঠা ৮
جميع منازل هارون من موسى(ع)في الحكم له منه إلا النبوة وجبت له وزارة الرسول(ص)وشد الأزر بالنصرة والفضل والمحبة لما تقتضيه هذه الخصال من ذلك في الحقيقة ثم الخلافة في الحياة بالصريح وبعد النبوة بتخصيص الاستثناء لما أخرج منها بذكر البعد وأمثال هذه الحجج كثيرة مما يطول بذكره الكتاب وقد استقصينا القول في إثباتها في غير هذا الموضع من كتبنا والحمد لله.
[في مدة إمامة أمير المؤمنين (ع)]
فكانت إمامة أمير المؤمنين(ع)بعد النبي(ص)ثلاثين سنة منها أربع وعشرون سنة وأشهر ممنوعا من التصرف على أحكامها مستعملا للتقية والمداراة ومنها خمس سنين وأشهر ممتحنا بجهاد المنافقين من الناكثين والقاسطين والمارقين ومضطهدا بفتن الضالين كما كان رسول الله(ص)ثلاث عشرة سنة من نبوته ممنوعا من أحكامها خائفا ومحبوسا وهاربا ومطرودا لا يتمكن من جهاد الكافرين ولا يستطيع دفعا عن المؤمنين ثم هاجر وأقام بعد الهجرة عشر سنين مجاهدا للمشركين ممتحنا بالمنافقين إلى أن قبضه الله تعالى إليه وأسكنه جنات النعيم.
[في تاريخ شهادة علي(ع)وقبره]
وكانت وفاة أمير المؤمنين(ع)قبيل الفجر من ليلة الجمعة ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة قتيلا بالسيف قتله ابن ملجم المرادي لعنه الله في مسجد الكوفة وقد خرج(ع)يوقظ الناس لصلاة الصبح ليلة تسع عشرة من شهر رمضان وقد كان ارتصده من أول الليل لذلك فلما مر به في المسجد وهو مستخف بأمره مماكر بإظهار النوم في جملة النيام ثار إليه فضربه على
পৃষ্ঠা ৯
أم رأسه بالسيف وكان مسموما فمكث يوم تسعة عشر وليلة عشرين ويومها وليلة إحدى وعشرين إلى نحو الثلث الأول من الليل ثم قضى نحبه(ع)شهيدا ولقي ربه تعالى مظلوما.
وقد كان(ع)يعلم ذلك قبل أوانه ويخبر به الناس قبل زمانه وتولى غسله وتكفينه ابناه الحسن والحسين(ع)بأمره وحملاه إلى الغري من نجف الكوفة فدفناه هناك وعفيا موضع قبره بوصية كانت منه إليهما في ذلك لما كان يعلمه(ع)من دولة بني أمية من بعده واعتقادهم في عداوته وما ينتهون إليه بسوء النيات فيه من قبيح الفعال والمقال بما تمكنوا من ذلك فلم يزل قبره(ع)مخفيا حتى دل عليه الصادق جعفر بن محمد(ع)في الدولة العباسية وزاره عند وروده إلى أبي جعفر وهو بالحيرة فعرفته الشيعة واستأنفوا إذ ذاك زيارته(ع)وعلى ذريته الطاهرين وكان سنه(ع)يوم وفاته ثلاثا وستين سنة
পৃষ্ঠা ১০
[فصل في علم علي(ع)بالغائبات قبل حدوثها]
(فصل) فمن الأخبار التي جاءت بذكره(ع)الحادث قبل كونه وعلمه به قبل حدوثه
[في معرفته بنقض ابن ملجم البيعة للإمام (ع)]
ما أخبر به علي بن المنذر الطريقي عن ابن الفضيل العبدي عن فطر عن أبي الطفيل عامر بن واثلة (رحمة الله عليه) قال :
جمع أمير المؤمنين(ع)الناس للبيعة فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله فرده مرتين أو ثلاثا ثم بايعه وقال عند بيعته له ما يحبس أشقاها فو الذي نفسي بيده لتخضبن هذه من هذا ووضع يده على لحيته ورأسه(ع)فلما أدبر ابن ملجم عنه منصرفا قال(ع)متمثلا
اشدد حيازيمك للموت
فإن الموت لاقيك
ولا تجزع من الموت
إذا حل بواديك
كما أضحكك الدهر
كذاك الدهر يبكيك
পৃষ্ঠা ১১
وروى الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي إسحاق السبيعي عن الأصبغ بن نباتة قال أتى ابن ملجم أمير المؤمنين(ع)فبايعه فيمن بايع ثم أدبر عنه فدعاه أمير المؤمنين(ع)فتوثق منه وتوكد عليه ألا يغدر ولا ينكث ففعل ثم أدبر عنه فدعاه أمير المؤمنين(ع)الثانية فتوثق منه وتوكد عليه ألا يغدر ولا ينكث ففعل ثم أدبر عنه فدعاه أمير المؤمنين(ع)الثالثة فتوثق منه وتوكد عليه ألا يغدر ولا ينكث فقال ابن ملجم والله يا أمير المؤمنين ما رأيتك فعلت هذا بأحد غيري فقال أمير المؤمنين ع
أريد حباءه ويريد قتلي
عذيرك من خليلك من مراد
امض يا ابن ملجم فو الله ما أرى أن تفي بما قلت
وروى جعفر بن سليمان الضبعي عن المعلى بن زياد قال جاء عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله إلى أمير المؤمنين(ع)يستحمله فقال يا أمير المؤمنين احملني فنظر إليه أمير المؤمنين(ع)ثم قال له أنت عبد الرحمن بن ملجم المرادي قال نعم ثم قال أنت
পৃষ্ঠা ১২
عبد الرحمن بن ملجم المرادي قال نعم قال يا غزوان احمله على الأشقر فجاء بفرس أشقر فركبه ابن ملجم المرادي وأخذ بعنانه فلما ولى قال أمير المؤمنين (ع)
أريد حباءه ويريد قتلي
عذيرك من خليلك من مراد
قال فلما كان من أمره ما كان وضرب أمير المؤمنين(ع)قبض عليه وقد خرج من المسجد فجيء به إلى أمير المؤمنين فقال(ع)والله لقد كنت أصنع بك ما أصنع وأنا أعلم أنك قاتلي ولكن كنت أفعل ذلك بك لأستظهر بالله عليك
[في نعيه نفسه إلى أهله وأصحابه قبل شهادته (ع)]
(فصل آخر) ومن الأخبار التي جاءت بنعيه نفسه(ع)إلى أهله وأصحابه قبل قتله
وما رواه أبو زيد الأحول عن الأجلح عن أشياخ كندة قال سمعتهم أكثر من عشرين مرة يقولون سمعنا عليا(ع)على المنبر يقول ما يمنع أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم ويضع يده على لحيته ع
পৃষ্ঠা ১৩
وروى علي بن الحزور عن الأصبغ بن نباتة قال خطبنا أمير المؤمنين(ع)في الشهر الذي قتل فيه فقال أتاكم شهر رمضان وهو سيد الشهور وأول السنة وفيه تدور رحى السلطان ألا وإنكم حاج العام صفا واحدا وآية ذلك أني لست فيكم قال فهو ينعى نفسه(ع)ونحن لا ندري
وروى الفضل بن دكين عن حيان بن العباس عن عثمان بن المغيرة قال لما دخل شهر رمضان كان أمير المؤمنين(ع)يتعشى ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين وليلة عند عبد الله بن جعفر وكان لا يزيد على ثلاث لقم فقيل له في ليلة من تلك الليالي في ذلك فقال يأتيني أمر الله وأنا خميص إنما هي ليلة أو ليلتان فأصيب(ع)في آخر الليل
وروى إسماعيل بن زياد قال حدثتني أم موسى خادمة علي
পৃষ্ঠা ১৪
ع وهي حاضنة فاطمة ابنته(ع)قالت سمعت عليا(ع)يقول لابنته أم كلثوم يا بنية إني أراني قل ما أصحبكم قالت وكيف ذلك يا أبتاه قال إني رأيت نبي الله(ص)في منامي وهو يمسح الغبار عن وجهي ويقول يا علي لا عليك قد قضيت ما عليك قالت فما مكثنا إلا ثلاثا حتى ضرب تلك الضربة فصاحت أم كلثوم فقال يا بنية لا تفعلي فإني أرى رسول الله(ص)يشير إلي بكفه يا علي هلم إلينا فإن ما عندنا هو خير لك
وروى عمار الدهني عن أبي صالح الحنفي قال سمعت عليا(ع)يقول رأيت النبي(ص)في منامي فشكوت إليه ما لقيت من أمته من الأود واللدد وبكيت فقال لا تبك يا علي والتفت فالتفت فإذا رجلان مصفدان وإذا جلاميد ترضخ بها رءوسهما فقال أبو صالح فغدوت إليه من الغد كما كنت أغدو كل يوم حتى إذا كنت في الجزارين لقيت الناس يقولون قتل أميرالمؤمنين قتل أمير
পৃষ্ঠা ১৫
المؤمنين (ع)
وروى عبيد الله بن موسى عن الحسن بن دينار عن الحسن البصري قال سهر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)في الليلة التي قتل في صبيحتها ولم يخرج إلى المسجد لصلاة الليل على عادته فقالت له ابنته أم كلثوم رحمة الله عليها ما هذا الذي قد أسهرك فقال إني مقتول لو قد أصبحت وأتاه ابن النباح فآذنه بالصلاة فمشى غير بعيد ثم رجع فقالت له ابنته أم كلثوم مر جعدة فليصل بالناس قال نعم مروا جعدة فليصل ثم قال لا مفر من الأجل فخرج إلى المسجد وإذا هو بالرجل قد سهر ليلته كلها يرصده فلما برد السحر نام فحركه أمير المؤمنين(ع)برجله وقال له الصلاة فقام إليه فضربه
وروي في حديث آخر أن أمير المؤمنين(ع)سهر تلك الليلة فأكثر الخروج والنظر في السماء وهو يقول والله ما كذبت ولا كذبت وإنها الليلة التي وعدت بها ثم يعاود مضجعه فلما طلع الفجر شد إزاره وخرج وهو يقول
পৃষ্ঠা ১৬
اشدد حيازيمك للموت
فإن الموت لاقيك
ولا تجزع من الموت
إذا حل بواديك
فلما خرج إلى صحن الدار استقبلته الإوز فصحن في وجهه فجعلوا يطردونهن فقال دعوهن فإنهن نوائح ثم خرج فأصيب ع
[فصل في سبب وكيفية قتله(ع)ومحل قبره وكيفية دفنه]
[أولا في سبب وكيفية قتله (ع)]
(فصل) ومن الأخبار الواردة بسبب قتله وكيف جرى الأمر في ذلك
ما رواه جماعة من أهل السير منهم أبو مخنف لوط بن يحيى وإسماعيل بن راشد وأبو هشام الرفاعي وأبو عمرو الثقفي وغيرهم أن نفرا من الخوارج اجتمعوا بمكة فتذاكروا الأمراء فعابوهم وعابوا أعمالهم عليهم وذكروا أهل النهروان وترحموا عليهم فقال بعضهم لبعض لو أنا شرينا أنفسنا لله فأتينا أئمة الضلال فطلبنا غرتهم فأرحنا منهم العباد والبلاد وثأرنا بإخواننا للشهداء بالنهروان فتعاهدوا عند انقضاء الحج على ذلك فقال عبد الرحمن بن ملجم أنا أكفيكم
পৃষ্ঠা ১৭
عليا وقال البرك بن عبد الله التميمي أنا أكفيكم معاوية وقال عمرو بن بكر التميمي أنا أكفيكم عمرو بن العاص وتعاقدوا على ذلك وتوافقوا عليه وعلى الوفاء واتعدوا لشهر رمضان في ليلة تسع عشرة ثم تفرقوا.
فأقبل ابن ملجم وكان عداده في كندة حتى قدم الكوفة فلقي بها أصحابه فكتمهم أمره مخافة أن ينتشر منه شيء فهو في ذلك إذ زار رجلا من أصحابه ذات يوم من تيم الرباب فصادف عنده قطام بنت الأخضر التيمية وكان أمير المؤمنين(ع)قتل أباها وأخاها بالنهروان وكانت من أجمل نساء زمانها فلما رآها ابن ملجم شغف بها واشتد إعجابه بها فسأل في نكاحها وخطبها فقالت له ما الذي تسمي لي من الصداق فقال لها احتكمي ما بدا لك فقالت له أنا محتكمة عليك ثلاثة آلاف درهم ووصيفا وخادما وقتل علي بن أبي طالب فقال لها لك جميع ما سألت وأما قتل علي بن أبي طالب فأنى لي بذلك فقالت تلتمس غرته فإن أنت قتلته شفيت نفسي وهنأك العيش معي وإن قتلت فما عند الله خير لك من الدنيا فقال أما والله ما أقدمني هذا المصر وقد كنت هاربا منه لا آمن مع أهله إلا ما سألتني من قتل علي بن أبي طالب فلك ما سألت قالت فأنا طالبة لك بعض من يساعدك على ذلك ويقويك.
ثم بعثت إلى وردان بن مجالد من تيم الرباب فخبرته الخبر
পৃষ্ঠা ১৮
وسألته معونة ابن ملجم فتحمل ذلك لها وخرج ابن ملجم فأتى رجلا من أشجع يقال له شبيب بن بجرة فقال يا شبيب هل لك في شرف الدنيا والآخرة قال وما ذاك قال تساعدني على قتل علي بن أبي طالب وكان شبيب على رأي الخوارج فقال له يا ابن ملجم هبلتك الهبول لقد جئت شيئا إدا @HAD@ وكيف تقدر على ذلك فقال له ابن ملجم نكمن له في المسجد الأعظم فإذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به وإن نحن قتلناه شفينا أنفسنا وأدركنا ثأرنا فلم يزل به حتى أجابه فأقبل معه حتى دخلا المسجد على قطام وهي معتكفة في المسجد الأعظم قد ضربت عليها قبة فقال لها قد اجتمع رأينا على قتل هذا الرجل قالت لهما فإذا أردتما ذلك فالقياني في هذا الموضع.
فانصرفا من عندها فلبثا أياما ثم أتياها ومعهما الآخر ليلة الأربعاء لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم وتقلدوا أسيافهم ومضوا وجلسوا مقابل السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين(ع)إلى الصلاة وقد كانوا قبل ذلك ألقوا إلى الأشعث بن قيس ما في نفوسهم من العزيمة على قتل أمير المؤمنين(ع)وواطأهم عليه وحضر الأشعث بن قيس في تلك الليلة لمعونتهم على ما اجتمعوا عليه.
وكان حجر بن عدي (رحمة الله عليه) في تلك الليلة بائتا في المسجد فسمع الأشعث يقول لابن ملجم النجاء النجاء لحاجتك فقد فضحك
পৃষ্ঠা ১৯
الصبح فأحس حجر بما أراد الأشعث فقال له قتلته يا أعور وخرج مبادرا ليمضي إلى أمير المؤمنين(ع)فيخبره الخبر ويحذره من القوم وخالفه أمير المؤمنين(ع)فدخل المسجد فسبقه ابن ملجم فضربه بالسيف وأقبل حجر والناس يقولون قتل أمير المؤمنين قتل أمير المؤمنين
وذكر محمد بن عبد الله بن محمد الأزدي قال : إني لأصلي في تلك الليلة في المسجد الأعظم مع رجال من أهل المصر كانوا يصلون في ذلك الشهر من أوله إلى آخره إذ نظرت إلى رجال يصلون قريبا من السدة وخرج علي بن أبي طالب(ع)لصلاة الفجر فأقبل ينادي الصلاة الصلاة فما أدري أنادى أم رأيت بريق السيوف وسمعت قائلا يقول لله الحكم يا علي لا لك ولا لأصحابك وسمعت عليا(ع)يقول لا يفوتنكم الرجل فإذا علي(ع)مضروب وقد ضربه شبيب بن بجرة فأخطأه ووقعت ضربته في الطاق وهرب القوم نحو أبواب المسجد وتبادر الناس لأخذهم.
فأما شبيب بن بجرة فأخذه رجل فصرعه وجلس على صدره وأخذ السيف من يده ليقتله به فرأى الناس يقصدون نحوه فخشي أن يعجلوا عليه ولا يسمعوا منه فوثب عن صدره وخلاه وطرح السيف من يده ومضى شبيب هاربا حتى دخل منزله ودخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره فقال له ما هذا لعلك قتلت أمير المؤمنين فأراد أن يقول لا فقال نعم فمضى ابن عمه فاشتمل على سيفه ثم دخل عليه فضربه حتى قتله.
পৃষ্ঠা ২০
وأما ابن ملجم فإن رجلا من همدان لحقه فطرح عليه قطيفة كانت في يده ثم صرعه وأخذ السيف من يده وجاء به إلى أمير المؤمنين(ع)وأفلت الثالث فانسل بين الناس.
فلما أدخل ابن ملجم على أمير المؤمنين(ع)نظر إليه ثم قال النفس بالنفس @HAD@ إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني وإن سلمت رأيت فيه رأيي. فقال ابن ملجم والله لقد ابتعته بألف وسممته بألف فإن خانني فأبعده الله قال ونادته أم كلثوم يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين(ع)قال إنما قتلت أباك قالت يا عدو الله إني لأرجو أن لا يكون عليه بأس قال لها فأراك إنما تبكين علي إذا لقد والله ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الأرض لأهلكتهم.
فأخرج من بين يدي أمير المؤمنين(ع)وإن الناس لينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع وهم يقولون يا عدو الله ما ذا فعلت أهلكت أمة محمد وقتلت خير الناس وإنه لصامت ما ينطق فذهب به إلى الحبس.
وجاء الناس إلى أمير المؤمنين(ع)فقالوا له يا أمير المؤمنين مرنا بأمرك في عدو الله فلقد أهلك الأمة وأفسد الملة فقال لهم أمير المؤمنين(ع)إن عشت رأيت فيه رأيي وإن هلكت فاصنعوا
পৃষ্ঠা ২১
به ما يصنع بقاتل النبي اقتلوه ثم حرقوه بعد ذلك بالنار قال: فلما قضى أمير المؤمنين(ع)وفرغ أهله من دفنه جلس الحسن(ع)وأمر أن يؤتى بابن ملجم فجيء به فلما وقف بين يديه قال له يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين وأعظمت الفساد في الدين ثم أمر به فضربت عنقه واستوهبت أم الهيثم بنت الأسود النخعية جيفته منه لتتولى إحراقها فوهبها لها فأحرقتها بالنار.
وفي أمر قطام وقتل أمير المؤمنين(ع)يقول الشاعر
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة
كمهر قطام من فصيح وأعجم
ثلاثة آلاف وعبد وقينة
وضرب علي بالحسام المصمم
ولا مهر أغلى من علي وإن غلا
ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم
. وأما الرجلان اللذان كانا مع ابن ملجم لعنهم الله أجمعين في العقد على قتل معاوية وعمرو بن العاص فإن أحدهما ضرب معاوية وهو راكع فوقعت ضربته في أليته ونجا منها وأخذ وقتل من وقته.
وأما الآخر فإنه وافى عمرا في تلك الليلة وقد وجد علة فاستخلف رجلا يصلي بالناس يقال له خارجة بن أبي حبيبة العامري فضربه
পৃষ্ঠা ২২