وقوله: (ومدار الأمر على القطب وهو العقل): أصل القطب ما تدور عليه الرحى، وما تدور عليه البكرة. وفيه أربع لغات: قطب على وزن خرج، وقطب على وزن فلس، وقطب على وزن عدل، وقطب على وزن عنق. وجعل عقل الإنسان قطبا له، لأن مدار أموره عليه، كما أن مدار الرحى على قطبها.
وقوله: (وجودة القريحة): أصل القريحة: أول ما يخرج من ماء البئر عند حفرها. وقريح السحابة: ماؤها حين ينزل. والاقتراح: ابتداع الشيء، فكأن معنى قريحة الإنسان ذهنه، وما يستخرجه به مع المعاني.
وقوله: (ونحن نستحب لمن قبل غنا وأتم بكتبنا): يريد: أن المتأدب أحوج إلى تأديب أخلاقه، منه إلى تأديب لسانه. وذلك أنك تجد من العامة الذين لم ينظروا في شيء من الأدب، من هو حسن اللقاء، جميل المعاملة، حلو الشمائل، مكرم لجليسه. وتجد في ذوي الأدب، من أفنى دهره في القراءة والنظر، وهو مع ذلك قبيح اللقاء، سيئ المعاملة، جافى الشمائل، غليظ الطبع. ولذلك قيل: الأدب نوعان: أدب خبرة، وأدب عشرة. وقال الشاعر:
يا سائلي عن أدب الخبرة ... أحسن منه أدب العشرة
كم من فتى تكثر آدابه ... أخلاقه من علمه صفره
والخطل من القول: الكثير في فساد. يقال: رجل أخطل: إذا كان بذئ اللسان. وبه سمى الأخطل في بعض الأقوال، وذلك أن كعب بن جعيل، كان شاعر تغلب في زمانه، وكان لا ينزل بقوم منهم إلا أكرموه، فنزل برهط الأخطل، فجمعوا له غنمًا وحظروا عليها في حظيرة، فجاء
1 / 100