الإقبال بالأعمال الحسنة (ط - الحديثة)
الجزء الاول
تأليف
السيد ابن طاووس رضى الدين علي الحلي
جميع الحقوق محفوظة لفريق مساحة حرة
[![](../Images/logo4.png)](http://www.masaha.org)
<http://www.masaha.org>
حياة المؤلف:
بسم الله الرحمن الرحيم
هو السيد علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد [1] بن إسحاق [2] بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود [3] بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام).
ولد (رضوان الله عليه) في الحلة قبل ظهر يوم الخميس في منتصف محرم سنة 589 هو نشأ بها- يحدث نفسه عن تاريخ نشأته ودراسته في كشف المحجة- ثم هاجر إلى بغداد وأقام فيها نحوا من 15 سنة في زمن العباسيين، وعاد في أواخر عهد المستنصر المتوفى سنة 640 هإلى الحلة، فبقي هناك مدة من الزمن ثم انتقل إلى المشهد الغروي، فبقي فيها ثلاث سنين.
ثم انتقل إلى كربلاء فبقي هناك ثلاث سنين، ثم انتقل إلى الكاظمين فبقي فيها ثلاث سنين، وكان عازما على مجاورة سامراء أيضا ثلاث سنين، وكان سامراء يومئذ كصومعة في برية، ثم عاد إلى بغداد سنة 652 هباقتضاء المصالح في دولة المغول، وبقي فيها إلى حين احتلال المغول
পৃষ্ঠা ৭
بغداد فشارك في أهوالها وشملته آلامها.
يقول في ذلك في كشف المحجة: «تم احتلال بغداد من قبل التتر في يوم الاثنين 18 محرم سنة 656 ه، وبتنا ليلة هائلة من المخاوف الدنيوية، فسلمنا الله جل جلاله من تلك الأهوال» (1).
كلف السيد في زمن المستنصر بقبول منصب الإفتاء تارة ونقابة الطالبيين تارة أخرى، حتى وصل الأمر بأن عرض عليه الوزارة فرفضها، غير انه ولي النقابة بالعراق من قبل هولاكو سنة 661 وجلس على مرتبة خضراء، وفي ذلك يقول الشاعر علي بن حمزة مهنئا:
فهذا علي نجل موسى بن جعفر
شبيه علي نجل موسى بن جعفر
فذاك بدست للإمامة أخضر
وهذا بدست للنقابة أخضر
لأن المأمون العباسي لما عهد إلى الرضا (عليه السلام) ألبسه لباس الخضرة وأجلسه على وسادتين عظيمتين في الخضرة وأمر الناس بلبس الخضرة. (2)
واستمرت ولاية النقابة إلى حين وفاته وكانت مدتها ثلاث سنين وأحد عشر شهرا. (3)
كانت بين السيد وبين مؤيد الدين القمي وزير الناصر ثم ابنه الظاهر ثم المستنصر مواصلة وصداقة متأكدة، كما كانت صلة أكيدة بينه وبين الوزير ابن العلقمي وابنه صاحب المخزن.
ولما فتح هولاكو بغداد في سنة 656 هأمر أن يستفتي العلماء أيما أفضل: السلطان الكافر العادل أو السلطان المسلم الجائر؟ فجمع العلماء بالمستنصرية لذلك، فلما وقفوا على المسألة أحجموا عن الجواب، وكان رضي الدين علي بن الطاوس حاضر المجلس وكان مقدما محترما، فلما رأى احجامهم تناول الورقة وكتب بخطه: الكافر العادل أفضل من المسلم الجائر، فوضع العلماء خطوطهم معتمدين عليه. (4)
পৃষ্ঠা ৮
أسرته، اخوته، خلفه الصالح:
الف- أبوه:
هو السيد الشريف أبو إبراهيم موسى بن جعفر [1] بن محمد بن أحمد بن محمد بن الطاوس، كان من الرواة المحدثين، كتب رواياته في أوراق ولم يرتبها، فجمعها ولده رضي الدين في أربع مجلدات وسماه: «فرحة الناظر وبهجة الخاطر مما رواه والدي موسى بن جعفر».
روى عنه ولده السيد علي، وروى عن جماعة منهم: علي بن محمد المدائني والحسين بن رطبة، توفي في المأة السابعة، ودفن في الغري. (1)
ب- امه:
كانت أمه بنت الشيخ ورام بن أبي فراس [2]، فهو جده لأمه- كما صرح به في تصانيفه-، وكانت أم والده سعد الدين بنت ابنة الشيخ الطوسي، ولذا يعبر في تصانيفه كثيرا عن الشيخ الطوسي بالجد أو جد والدي، وعن الشيخ أبي علي الحسن بن الشيخ الطوسي بالخال أو خال والدي.
ج- اخوته:
1- السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاوس، فقيه أهل البيت وشيخ الفقهاء وملاذهم، صاحب التصانيف الكثيرة البالغة إلى حدود الثمانين التي منها: كتاب البشرى في الفقه في ست مجلدات، شواهد القرآن، بناء المقالة العلوية.
هو من مشايخ العلامة الحلي وابن داود صاحب الرجال، قال عنه ابن داود في كتابه الرجال: «رباني وعلمني وأحسن إلى» (2)، توفي بعد أخيه السيد رضي الدين بتسع سنين، أي في سنة 673 ه.
2- السيد شرف الدين محمد بن موسى بن طاوس، استشهد عند احتلال التتر بغداد سنة 656 ه.
3- السيد عز الدين الحسن بن موسى بن طاوس، توفي سنة 654 ه. (3)
পৃষ্ঠা ৯
د- زوجته:
هي زهراء خاتون بنت الوزير ناصر بن مهدي، تزوجها بعد هجرته إلى مشهد الكاظم (عليه السلام).
هأولاده:
1- صفي الدين محمد بن علي بن طاوس، الملقب بالمصطفى، ولد يوم الثلثاء المصادف 9 محرم سنة 643 هفي مدينة الحلة، وقد كتب والده كشف المحجة وصية إليه، ولي النقابة بعد أبيه، توفي سنة 680 هدارجا.
2- رضي الدين علي بن علي بن طاوس، ولد يوم الجمعة 8 محرم سنة 647 ه، نسب إليه كتاب «زوائد الفوائد» الذي هو في بيان اعمال السنة والآداب المستحسنة، ولي النقابة بعد أخيه وبقيت النقابة بعده في ولده. [1]
3- شرف الاشراف: قال والدها عنها في سعد السعود: ابنتي الحافظة لكتاب الله المجيد شرف الاشراف، حفظته وعمرها اثنا عشرة سنة.
4- فاطمة: قال والدها عنها فيها أيضا: فيما نذكره من مصحف معظم تام أربعة أجزاء، وقفته على ابنتي الحافظة للقرآن الكريم فاطمة، حفظته وعمرها دون تسع سنين.
الثناء عليه:
قد اثنى عليه كل من تأخر عنه واطراه بالعلم والفضل والتقي والنسك والكرامة:
قال عنه الشيخ النوري في خاتمة المستدرك: «السيد الأجل الأكمل الأسعد الأورع الأزهد، صاحب الكرامات الباهرة رضي الدين أبو القاسم وأبو الحسن علي بن سعد الدين موسى بن جعفر طاوس آل طاوس، الذي ما اتفقت كلمة الأصحاب على اختلاف مشاربهم
পৃষ্ঠা ১০
وطريقتهم على صدور الكرامات عن أحد ممن تقدمه أو تأخر عنه غيره- ثم تبرك بذكر بعض كراماته.» (1)
وقال أيضا: «وكان (رحمه الله) من عظماء المعظمين لشعائر الله تعالى، لا يذكر في أحد من تصانيفه الاسم المبارك الا ويعقبه بقوله: جل جلاله.» (2)
اثنى عليه الحر العاملي في أمل الأمل بقوله: «حاله في العلم والفضل والزهد والعبادة والثقة والفقه والجلالة والورع أشهر من ان يذكر، وكان أيضا شاعرا أديبا منشئا بليغا.» (3)
قال التستري في المقابس: «السيد السند المعظم المعتمد العالم العابد الزاهد الطيب الطاهر، مالك أزمة المناقب والمفاخر، صاحب الدعوات والمقامات، والمكاشفات والكرامات، مظهر الفيض السني واللطف الخفي والجلي .» (4)
قال الماحوزي في البلغة: «صاحب الكرامات والمقامات، ليس في أصحابنا أعبد منه وأورع.» (5)
قال المحدث القمي عنه: «. رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاوس الحسني الحسيني، السيد الأجل الأورع الأزهد قدوة العارفين. وكان (رحمه الله) مجمع الكمالات السامية حتى الشعر والأدب والإنشاء، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» (6).
وقال أيضا: «السيد رضي الدين أبو القاسم الأجل الأورع الأزهد الأسعد، قدوة العارفين ومصباح المتهجدين، صاحب الكرامات الباهرة والمناقب الفاخرة، طاوس آل طاوس السيد بن طاوس (قدس الله سره) ورفع في الملإ الأعلى ذكره.» (7)
مشايخه والمجيزين له:
1- الشيخ أسعد بن عبد القاهر بن أسعد الأصفهاني، صاحب كتاب رشح الولاء في شرح
পৃষ্ঠা ১১
دعاء صنمي قريش، أجازه في صفر سنة 635 ه.
2- بدر بن يعقوب المقري الأعجمي، المتوفى سنة 640 ه.
3- تاج الدين الحسن بن علي الدربي.
4- الشيخ الحسين بن أحمد السوراوي، قال في الفلاح: اجازني في جمادى الآخرة سنة 609 ه.
5- كمال الدين حيدر بن محمد بن زيد بن محمد بن عبد الله الحسيني، قرأ عليه السيد في يوم السبت السادس عشر من جمادى الثانية سنة 620 ه.
6- سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة بن وشاح السوراوي الحلي، قرأ عليه التبصرة وبعض المنهاج.
7- أبو الحسن علي بن يحيى بن علي الحناط- كما في بعض الكتب، نسبته إلى بيع الحنطة- أو الخياط- كما في بعض، نسبته إلى عمل الخياطة- أو الحافظ- كما في بعض آخر، صرح السيد في كتبه بأنه اجازه سنه 609 ه.
8- شمس الدين فخار بن معد الموسوي.
9- نجيب الدين محمد السوراوي- كما في بعض الإجازات، لكن في الرياض: الشيخ يحيى بن محمد بن يحيى السوراوي.
10- أبو حامد محيي الدين محمد بن عبد الله بن زهرة الحسيني الحلبي.
11- أبو عبد الله محب الدين محمد بن محمود المعروف بابن النجار البغدادي، المتوفى سنة 643، صاحب كتاب «ذيل تاريخ بغداد».
12- صفي الدين محمد بن معد الموسوي.
13- الشيخ نجيب الدين محمد بن نما.
14- الشريف موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن الطاوس- والده.
تلاميذه والرواة عنه:
1- إبراهيم بن محمد بن أحمد بن صالح القسيني، أجاز له في سنة وفاته جمادى الآخرة سنة 664 ه.
2- السيد أحمد بن محمد العلوي.
3- جعفر بن محمد بن أحمد بن صالح القسيني، أجاز له في سنة وفاته.
পৃষ্ঠা ১২
4- الشيخ تقي الدين الحسن بن داود الحلي.
5- جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي، العلامة.
6- السيد غياث الدين عبد الكريم بن أحمد بن طاوس.
7- السيد علي بن علي بن طاوس ابن المؤلف، صاحب كتاب زوائد الفوائد.
8- علي بن محمد بن أحمد بن صالح القسيني، أجاز له في سنة وفاته.
9- الشيخ محمد بن أحمد بن صالح القسيني.
10- الشيخ محمد بن بشير.
11- السيد محمد بن علي بن طاوس، ابن المؤلف.
12- السيد نجم الدين محمد بن الموسوي.
13- الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي.
14- سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر- والد العلامة.
آثاره الثمينة وتصانيفه القيمة:
1- الإبانة في معرفة أسماء كتب الخزانة.
2- الإجازات لكشف طرق المفازات فيما يخصني من الإجازات.
3- أسرار الصلاة.
4- الأسرار المودعة في ساعات الليل والنهار.
5- الاصطفاء في تاريخ الملوك والخلفاء.
6- اغاثة الداعي واعانة الساعي.
7- الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرة في السنة- وهو الكتاب الذي بين يدي القارئ.
8- الأمان من إخطار الاسفار والأزمان.
9- الأنوار الباهرة.
10- البهجة لثمرة المهجة.
11- التحصيل من التذييل.
12- التحصين في أسرار ما زاد على كتاب اليقين.
13- التراجم فيما نذكره عن الحاكم.
14- التعريف للمولد الشريف.
পৃষ্ঠা ১৩
15- التمام لمهام شهر الصيام.
16- التوفيق للوفاء بعد التفريق في دار الفناء.
17- جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع.
18- الدروع الواقية من الاخطار فيما يعمل مثلها كل شهر على التكرار.
19- ربيع الألباب في معاني مهمات ومرادات.
20- روح الأسرار وروح الأسمار، ألفه بالتماس محمد بن عبد الله بن علي بن زهرة.
21- ري الظمآن من مروي محمد بن عبد الله بن سليمان.
22- زهرة الربيع في أدعية الأسابيع.
23- السعادات بالعبادات.
24- سعد السعود.
25- شفاء العقول من داء الفضول.
26- الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف.
27- الطرف من الإنباء والمناقب في شرف سيد الأنبياء وعترته الاطائب.
28- غياث سلطان الورى لسكان الثرى.
29- فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين رب الأرباب.
30- فتح الجواب الباهر في شرح وجوب خلق الكافر.
31- فرج المهموم في معرفة الحلال والحرام من علم النجوم.
32- فرحة الناظر وبهجة الخواطر.
33- فلاح السائل ونجاح المسائل.
34- القبس الواضح من كتاب الجليس الصالح.
35- كشف المحجة لثمرة المهجة.
36- لباب المسرة من كتاب مزار ابن أبي قرة.
37- اللطيف في التصنيف في شرح السعادة بشهادة صاحب المقام الشريف (جعله في ضمن كتاب الإقبال).
38- المجتنى من الدعاء المجتبى.
39- محاسبة النفس.
40- مسالك المحتاج إلى مناسك الحاج.
পৃষ্ঠা ১৪
41- مصباح الزائر وجناح المسافر.
42- مضمار السبق في ميدان الصدق، وهو الكتاب الذي بين يدي القارئ.
43- الملاحم والفتن في ظهور الغائب المنتظر.
44- الملهوف على قتلي الطفوف.
45- المنتقى في العوذ والرقي.
46- مهج الدعوات ومنهج العنايات.
47- المواسعة والمضايقة.
48- اليقين باختصاص مولانا أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بإمرة المؤمنين.
وفاته ومدفنه الشريف:
توفي (رضوان الله عليه) في بغداد بكرة يوم الاثنين خامس شهر ذي القعدة من سنة 664 ه.
اما مدفنه الشريف فقد اختلف فيه الأقوال:
قال الشيخ يوسف البحراني: «قبره غير معروف الآن.» (1)
ذكر المحدث النوري: «ان في الحلة في خارج المدينة قبة عالية في بستان نسب إليه ويزار قبره ويتبرك به، ولا يخفى بعده لو كان الوفاة ببغداد- والله العالم.» (2)
قال السيد الكاظمي في خاتمة كتابه: تحية أهل القبور بما هو مأثور: «والذي يعرف بالحلة بقبر السيد علي بن طاوس في البستان هو قبر ابنه السيد علي بن السيد علي المذكور، فإنه يشترك معه في الاسم واللقب.» (3)
يدفع هذه الشكوك ما ذكره السيد في فلاح السائل من اختياره لقبره في جوار مرقد أمير المؤمنين (عليه السلام) تحت قدمي والديه.
قال (قدس سره): «وقد كنت مضيت بنفسي وأشرت إلى من حفر لي قبرا كما اخترته في جوار جدي ومولاي علي بن أبي طالب (عليه السلام) متضيفا ومستجيرا ووافدا وسائلا وآملا، متوسلا بكل ما يتوسل به أحد من الخلائق إليه وجعلته تحت قدمي والدي (رضوان الله عليهما)، لانه وجدت الله جل جلاله يأمرني بخفض الجناح لهما ويوصيني بالإحسان إليهما، فأردت ان يكون رأسي مهما
পৃষ্ঠা ১৫
بقيت في القبور تحت قدميهما.» (1)
مضافا إلى ما ذكره ابن الفوطي في كتابه الحوادث الجامعة، قال: «وفيها- أي في سنة 664 هتوفي السيد النقيب الطاهر رضي الدين علي بن طاوس وحمل إلى مشهد جده علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قيل: كان عمره نحو ثلاث وسبعين سنة.» (2)
ما ذكره هو الصحيح ومقدم على أقوال الآخرين لمعاصرته لتلك الفترة، ولهذا أفضل من ارخ حوادث القرن السابع الهجري.
وبالجملة: هو الحسني نسبا، والمدني أصلا، والحلي مولدا ومنشأ، والبغدادي مقاما، والغروي جوارا ومدفنا.
كلام حول المؤلف وتأليفاته:
اهتم السيد بالتصنيف بالجانب الدعائي اهتماما زائدا على التصنيف في سائر الجوانب، حتى كأنه الصفة الغالبة لمصنفاته، وأشار إلى سبب هذا الأمر في إجازته وقال:
«واعلم انه انما اقتصرت على تأليف كتاب غياث سلطان الورى لسكان الثرى من كتب الفقه في قضاء الصلوات عن الأموات، وما صنفت غير ذلك من الفقه وتقرير المسائل والجوابات لأني كنت قد رأيت مصلحتي ومعاذي في دنياي وآخرتي في التفرغ عن الفتوى في الأحكام الشرعية لأجل ما وجدت من الاختلاف في الرواية بين فقهاء أصحابنا في التكاليف الفعلية، وسمعت كلام الله جل جلاله يقول عن أعز موجود عليه من الخلائق محمد (صلى الله عليه وآله):
«ولو تقول علينا بعض الأقاويل. لأخذنا منه باليمين. ثم لقطعنا منه الوتين. فما منكم من أحد عنه حاجزين» (3) .
فلو صنفت كتابا في الفقه يعمل بعدي عليه كان ذلك نقضا لتورعي عن الفتوى ودخولا تحت حظر الآية المشار إليه لأنه جل جلاله إذا كان هذا تهديده للرسول العزيز الأعلم لو تقول عليه، فكيف يكون حالي إذا تقولت عليه جل جلاله وأفتيت أو صنفت خطأ أو غلطا يوم حضوري بين يديه.» (4)
পৃষ্ঠা ১৬
وكان من فضل الله جل جلاله عليه ان قد هيأ له من الكتب وغيرها من أسباب التصنيف ما لم يهيئه لأحد في عصره وما بعده، حيث إنه جرى ملكه على الف وخمسمائة مجلد من الكتب عند تأليفه لكتاب الإقبال (1) به في سنة 650 ه. صرح نفسه في كتاب كشف المحجة الذي ألفه لولده محمد سنة 649، ان خصوص كتاب الدعاء الموجودة عنده أكثر من ستين مجلدا وقال: «وهيأ الله جل جلاله عندي مجلدات في الدعوات أكثر من ستين مجلدا فالله الله في حفظها والحفظ من أدعيتها فإنها من الذخائر التي تتنافس عليها العارفون في حياطتها وما اعرف عند أحد مثل كثرتها وفائدتها.» (2)
وذكر في أواخر مهج الدعوات الذي ألفه قبل وفاته بسنتين (3) وفي كتاب اليقين الذي يعد من أواخر تصانيفه، ان في خزانة كتبه أكثر من سبعين مجلدا من كتب الدعاء.
جعل السيد تصانيفه الدعائية تتمات لكتاب مصباح المتهجد لشيخ الطائفة محمد بن حسن الطوسي (قدس سره)، وألف عدة مجلدات في أدعية الأيام والأسبوع والشهور والسنة، ذكر في مقدمة كتاب فلاح السائل الذي يعد أول كتابه في هذا المضمار في علة تصنيف هذه الكتب وتعداده:
«فانني لما رأيت بما وهبني الله جل جلاله من عين العناية الإلهية في مرآة جود تلك المراحم والمكارم الربانية كيف انشأني ورباني وحملني في سفن النجاة على ظهور الآباء وأودعني في البطون وسلمني مما جرى على من هلك من القرون وهداني إلى معرفته- الى ان قال:- وعرفت ان لسان المالك المعبود يقول لكل مملوك مسعود: أي عبدي قد قيدت السابقين من الموقنين والمراقبين والمتقين وأصحاب اليمين يأملون فلا يقدرون على زيادة الدرجات الآن وأنت مطلق في الميدان فما يمنعك من سبقهم بغاية الإمكان أو لحاقهم في مقامات الرضوان، فعزمت أن أجعل ما اختاره الله جل جلاله مما رويته أو وقفت عليه وما يأذن جل جلاله لي في إظهاره من إسراره وما هداني إليه، كتابا مؤلفا اسميه كتاب تتمات مصباح المتهجد ومهمات في صلاح المتعبد، وها انا مرتب ذلك بالله جل جلاله في عدة مجلدات يحتسب ما أرجوه من المهمات والتتمات:
المجلد الأول والثاني: أسميه كتاب فلاح السائل في عمل يوم وليلة وهو مجلدان (4).
পৃষ্ঠা ১৭
والمجلد الثالث: اسميه كتاب زهرة الربيع في أدعية الأسابيع.
والمجلد الرابع: اسميه كتاب جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع.
والمجلد الخامس : اسميه كتاب الدروع الواقية من الاخطار فيما يعمل مثله كل شهر على التكرار.
والمجلد السادس: اسميه كتاب المضمار للسباق واللحاق بصوم شهر إطلاق الأرزاق وعتاق الأعناق.
والمجلد السابع: اسميه كتاب السالك المحتاج إلى معرفة مناسك الحجاج.
والمجلد الثامن والتاسع: اسميهما كتاب الإقبال بالأعمال الحسنة فيما نذكره مما يعمل ميقاتا واحدا كل سنة.
والمجلد العاشر: اسميه كتاب السعادات بالعبادات التي ليس لها وقت معلوم في الروايات بل وقتها بحسب الحادثات المقتضية والأدوات المتعلقة بها.»
الف السيد بعد هذه الكتب كتاب مهج الدعوات ومنهج العنايات، قال في مقدمة الكتاب:
«فانني كنت علقت في أوقات رياض العقول ونقلت من خزائن بياض المنقول من الإحراز والقنوتات والحجب والدعوات المعظمة عن النبي والأئمة النجب ومهمات من الضراعات المتفرقة في الكتب ما هو كالمهج لاجسادها والمنهج لمرتادها».
ثم ألف كتاب المجتنى من الدعاء المجتبى في ذكر دعوات لطيفة ومهمات شريفة [1].
ما أورده السيد (قدس الله جل جلاله سره) في عشرة مجلدات كتابه وغيرها من كتب الأدعية من الأدعية والأعمال كلها منقول من تلك الكتب الكثيرة التي لم يهيأ لأحد قبله ولا بعده، وليس فيها من منشئات السيد إلا في عدة مواضع صرح فيها بأنه لم يجد في كتب الأدعية دعاء خاصا به فأنشأ دعاء من نفسه- كما يظهر من بعض فصول كتاب المضمار والدروع الواقية- وأكثر تلك الكتب كانت عنده معتمدة صحيحة مروية، والبعض الذي وجده ولم يكن له طريق معتبر إليه اكتفى فيه بعموم الحديث فيمن بلغه ثواب على عمل- كما أشار إليه في أول كتاب فلاح السائل.
ما يمتاز كتب السيد عن غيره هو في الحقيقة لصفاء ذاته ونورانيته وخلوص عمله، وأكثر كتبه مشحون بالمواعظ والنظريات الأخلاقية وذكر كيفية معاملة العبد مع مولاه.
পৃষ্ঠা ১৮
اما تأثير الدعوة الأخلاقية لا يأتي من مجرد شحن الكتاب بالنظريات الأخلاقية المجردة بل لروحية المؤلف أعظم الأثر في اجتذاب القلوب إلى الخير والصواب، ومن هنا اشترطوا في الواعظ ان يكون متعظا.
ومن العجيب ان قلب الرجل الاخلاقي يبرز ظاهرا على قلمه في مؤلفاته فتلمسه في ثنايا كلماته وبالعكس ذلك الرجل الذي لا قلب له فإنك لا تقرء منه الا كلاما جافا لا روح فيه مهما بلغت قيمته في حساب النظريات الأخلاقية وغيرها.
وفي نظري ان قيمة كتب السيد في الروح المؤمنة التي تقرأها في ثناياه أكثر بكثير من قيمته العلمية، واني لا تحدى قارئ هذه الكتب إذا كان مستعدا للخير ان يخرج منه غير متأثر بدعوته.
وهذا هو السر في اشتهار كتبه والإقبال عليه، على انه لا يزيد عن ناحية علمية على بعض الكتب المتداولة التي لا نجد فيها هذا الذوق والروحانية، وكتبه يكشف لنا عن نفسية المؤلف وما كان عليه من خلق عال وايمان صادق.
حتى ان السيد ميز بين كتبه وكتاب مصباح الزائر الذي ألفه في بداية ما شرع في التأليف، بأنه خالية من الأسرار الربانيات وسلك فيه سبيل العادات (1).
ذكر السيد نفسه في جواب من قال: ان في أيدي الناس المصباح وغيره من المصنفات ما ليس عندهم نشاطا للرغبة إليه فأي حاجة كانت إلى زيادة عليه:
«ان الذي أودعناه كتابنا هذا ما هو مجرد زيادات وعبادات، ولا كان المقصود جمع صلوات ودعوات، وانما ضمناه ما لم يعرف فيما وقفنا عليه المخالف والمؤالف مثل الذي هدانا الله جل جلاله بتصنيفه إليه، من كيفية معاملات الله جل جلاله بالإخلاص في عبادته ومن عيوب الأعمال التي تفسد العمل وتخرجه من طاعة الله جل جلاله إلى معصية- الى ان قال:- مع ان الذي عملنا هذا العمل لأجله قد كان سلفنا أجرة أكثر من استحقاقنا على فعله، وأعطانا في الحال الحاضرة ما لم تبلغ آمالنا إلى مثله ووعدنا وعد الصدق بما لا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين من فضله، فقد استوفينا أضعاف أجرة ما صنفناه ووضعنا، ومهما حصل بعد ذلك إذا عمل عامل بمقتضاه ورغب فيما رغبناه فهو مكسب على ما وهبناه.» [1]
وبالجملة للسيد (قدس الله جل جلاله إسراره) لتأليفه اجزاء كتاب التتمات وجمعها من تلك
পৃষ্ঠা ১৯
الكتب حق عظيم على جميع الشيعة، وكل من ألف بعده كتابا في الدعاء فهو عيال عليه، مغترف من حياضه، متناول من موائده.
كلام حول كتاب المضمار والإقبال:
هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ يشتمل على تأليفين ثمينين من تأليفات السيد، وهما كتاب المضمار السباق واللحاق بصوم شهر إطلاق الأرزاق وعتاق الأعناق، [1] وكتاب الإقبال بالأعمال الحسنة فيما نذكره مما يعمل ميقاتا واحدا كل سنة.
ذكر السيد في كتاب المضمار اعمال شهر رمضان وأدعيتها وكيفية معاملة العبد مع مولاه في هذا الشهر وذكر في كتاب الإقبال اعمال سائر الشهور، وهو في مجلدين: أشار في المجلد الأول من كتاب الإقبال فوائد شهر شوال وشهر ذي القعدة وشهر ذي الحجة، وذكر في المجلد الثاني منه إعمال بقية الشهور.
صرح السيد في مواضع من كتاب الإقبال ان تأليف كتاب المضمار قبل كتاب الإقبال، وأشار في خاتمة كتاب الإقبال أنه فرغ من تأليفه يوم الاثنين ثالث عشر جمادى الأولى سنة خمسة وخمسون وستمائة في الحائر الحسيني على مشرفها آلاف التحية والثناء.
يظهر من بعض فصول الكتاب انه الحق بهذين الكتابين فصولا بعد تأليفهما، كما الحق فصلا في سنة ستين وستمائة بعد ان وجد تعليقة غريبة على ظهر كتاب عتيق وصل إليه في معرفة أول شهر رمضان، والحق فصلا في الثالث عشر من ربيع الأول سنة 662 حين تفطن فيه لانطباق حديث الملاحم على نفسه، والحق في آخر شهر المحرم فصلا في سنة 656، وذكر في ذلك الفصل انقراض دولة بني العباس في تلك السنة وجعل السلطان إياه نقيب العلويين والعلماء فيها.
ذكر السيد في خلال كتاب الإقبال كتاب اللطيف في التصنيف في شرح السعادة بشهادة صاحب المقام الشريف، وشرح فيه ما جرى في يوم عاشوراء من وصف الإقبال والقتال.
حيث إن هذين الكتابين طبع مرات في مجلد واحد واشتهر كلاهما باسم كتاب الإقبال، جعلناهما تحت عنوان الإقبال، وحيث إن أول شهور السنة في العبادات شهر رمضان، جعلنا المضمار مقدما على الإقبال.
পৃষ্ঠা ২০
كيفية التحقيق والتعليق:
1- اعتمدت في تصحيح الكتاب على نسخ الموجودة منه، إليك بعضها:
ألف- النسخة المحفوظة في مكتبة الامام الرضا (عليه السلام) في مدينة مشهد المقدسة برقم 3319، فرغ ناسخه من كتابتها سنة 957.
ب- النسخة المحفوظة في مكتبة الامام الرضا (عليه السلام) في مدينة مشهد المقدسة برقم 3318، فرغ ناسخه من كتابتها سنة 1074.
ج- النسخة المطبوعة التي قوبلت بعدة نسخ سنة 1320.
جدير بالذكر: يوجد نسخ أخرى من هذا الكتاب في مكتبة الامام الرضا (عليه السلام) ومكتبة آية الله العظمى المرعشي العامة، التي راجعنا إليها عند الحاجة، ويوجد في هامش بعضها خطوط بعض العلماء كوالد المجلسي (رحمه الله) يطول بذكرها الكلام، والنسخة الأولى أقدم نسخ الموجودة من هذا الكتاب.
2- يوجد في هذين الكتابين موارد يظهر بالتأمل والمراجعة بنسخ الخطية انها من إضافات النساخ، كأدعية الأيام في شهر رمضان من مجموعة مولانا زين العابدين (عليه السلام)، ومن اختيار المصباح لسيد بن الباقي.
3- سقط من كتاب المضمار خطبة المؤلف في أولها وسقط بعضها من المجلد الأول من كتاب الإقبال، وأيضا سقط من كتاب المضمار حديث تعظيم شهر رمضان من رواية المفيد (رحمه الله) وبقي منه سطر واحد، وحيث اننا وجدنا هذه الرواية ذكرناها في المتن وحفظا لكلام المؤلف جعلناها بين المعقوفتين.
4- استخرجت النصوص الحديثية والأدعية الواردة في المتن من مصادرها الأصلية الموجودة، واستقصيت كل ما نقله الشيخ في مصباحه والكفعمي في مصباحيه، والعلامة المجلسي في بحار الأنوار والمحدث الحر العاملي في الوسائل والمحدث النوري في المستدرك، مع ذكر مظانها في الهامش، ولا نقصد به التوثيق المصدري وانما تفيدنا في تقويم النص وضبط الاعلام وأمور أخرى.
5- اعتمدت بقدر الإمكان على التلفيق بين الكتاب وما نقل في كتب الأدعية والمجاميع الحديثية، لإثبات نص صحيح أقرب ما يكون لما تركه المؤلف، لعدم العثور على نسخة اصلية قابل للاعتماد عليه، ووجود السقط والتحريف في النسخ.
6- بذلت جهد الإمكان في ضبط الاعلام الواردين في الكتاب خصوصا عند اختلاف
পৃষ্ঠা ২১
الكتب، وشرحت بعض مفاهيم المشكلة والألفاظ عند الحاجة إليها.
7- نظرا لأهمية الفهرس في مساعدة القارئ في استخراج المطالب التي يحتاجها، رتبت مجموعة من الفهارس الفنية بمقدار ما يتحمله الكتاب من ذلك.
وفي الختام نشكر شكرا جزيلا لسماحة العلامة المحقق حجة الإسلام السيد عبد العزيز الطباطبائي، الذي شملني عنايته الابوية في تحقيق هذا الكتاب وسائر ما من الله جل جلاله علي بتحقيقها، جزاه الله عني خير الجزاء ووفقه لما يحب ويرضى.
يوم ولادة مولانا والد الحجة أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) 8 ربيع الثاني سنة 1414 هجواد القيومي الأصفهاني
পৃষ্ঠা ২২
الباب الأول فيما نذكره من فوائد شهر رمضان
وفيه فصول:
فصل (1) في تعظيم شهر رمضان
[من الروايات [1] في تعظيم شهر رمضان ما
رواه شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في أماليه، قال:
حدثنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثنا جعفر بن أحمد الشاهد، قال:
حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أبي مسلم، قال: حدثنا أحمد بن خليس الرازي، قال:
حدثنا القاسم بن الحكم العرني، قال: حدثنا هشام بن الوليد، عن حماد بن سليمان السدوسي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد السيرافي، قال: حدثنا الضحاك بن مزاحم، عن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أنه سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول:
পৃষ্ঠা ২৩
إن الجنة لتنجد (1) وتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان، فإذا كان أول ليلة منه هبت ريح من تحت العرش يقال لها: المثيرة، تصفق ورق أشجار الجنان وحلق المصاريع (2) ، فيسمع لذلك طنين لم يسمع السامعون أحسن منه، وتبرزن (3) الحور العين حتى يقفن بين شرف الجنة، فينادين: هل من خاطب إلى الله عز جل فيزوجه؟ ثم يقلن: يا رضوان ما هذه الليلة؟ فيجيبهن بالتلبية، ثم يقول: يا خيرات حسان! هذه أول ليلة من شهر رمضان، قد فتحت أبواب الجنان للصائمين من امة محمد (صلى الله عليه وآله).
قال: ويقول له عز وجل: يا رضوان! افتح أبواب الجنان، يا مالك! أغلق أبواب الجحيم عن الصائمين من امة محمد، يا جبرئيل! أهبط إلى الأرض فصفد مردة الشياطين، وغلقهم بالأغلال، ثم اقذف بهم في لجج البحار حتى لا يفسدوا على امة حبيبي صيامهم.
قال: ويقول الله تبارك وتعالى في كل ليلة من شهر رمضان ثلاث مرات: هل من سائل فأعطيه سؤله؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ من يقرض الملي (4) غير المعدم والوفي غير الظالم؟
قال: وان لله تعالى في آخر كل يوم من شهر رمضان عند الإفطار ألف ألف عتيق من النار، فإذا كانت ليلة الجمعة ويوم الجمعة، أعتق في كل ساعة منهما ألف ألف عتيق من النار، وكلهم قد استوجبوا العذاب، فإذا كان في آخر يوم من شهر رمضان أعتق الله في ذلك اليوم بعدد ما أعتق من أول الشهر إلى آخره.
فإذا كانت ليلة القدر أمر الله عز وجل جبرئيل (عليه السلام)، فهبط في كتيبة من الملائكة إلى الأرض، ومعه لواء أخضر، فيركز اللواء على ظهر الكعبة، وله ستمائة جناح، منها جناحان لا ينشرهما إلا في ليلة القدر، فينشرهما تلك الليلة، فيتجاوزان المشرق والمغرب، ويبث جبرئيل الملائكة في هذه الليلة، فيسلمون على كل قائم وقاعد، ومصل
পৃষ্ঠা ২৪
وذاكر، ويصافحونهم ويؤمنون على دعائهم حتى يطلع الفجر.
فإذا طلع الفجر نادى جبرئيل (عليه السلام): يا معشر الملائكة! الرحيل الرحيل، فيقولون: يا جبرئيل! فما ذا صنع الله تعالى في حوائج المؤمنين من امة محمد؟ فيقول: ان الله تعالى نظر إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم وغفر لهم إلا أربعة.
قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وهؤلاء الأربعة: مدمن الخمر، والعاق لوالديه، والقاطع الرحم، والمشاحن (1) .
فإذا كانت ليلة الفطر، وهي تسمى ليلة الجوائز، أعطى الله العاملين أجرهم بغير حساب، فإذا كانت غداة يوم الفطر بعث الله الملائكة في كل البلاد، فيهبطون إلى الأرض ويقفون على أفواه السكك، فيقولون: يا امة محمد اخرجوا إلى رب كريم، يعطي الجزيل ويغفر العظيم، فإذا برزوا إلى مصلاهم قال الله عز وجل للملائكة: ملائكتي! ما جزاء الأجير إذا عمل عمله؟ قال: فتقول الملائكة: إلهنا وسيدنا جزاؤه إن توفي أجره.
قال: فيقول الله عز وجل: فاني أشهدكم ملائكتي أني قد جعلت ثوابهم عن صيامهم شهر رمضان وقيامهم فيه رضاي ومغفرتي، ويقول: يا عبادي! سلوني فوعزتي وجلالي لا تسألوني اليوم في جمعكم لآخرتكم ودنياكم إلا أعطيتكم، وعزتي لأسترن عليكم عوراتكم ما راقبتموني، وعزتي لآجرتكم (2) ولا أفضحكم بين يدي أصحاب الخلود، انصرفوا مغفورا لكم، قد أرضيتموني ورضيت عنكم.
قال: فتفرح] (3) الملائكة وتستبشر ويهنئ بعضها بعضا بما يعطي الله هذه الأمة إذا أفطروا (4).
ومن ذلك ما رواه محمد بن أبي القاسم الطبري في كتاب بشارة المصطفى لشيعة المرتضى بإسناده إلى الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن
পৃষ্ঠা ২৫
الحسين، عن أبيه السيد الشهيد الحسين بن علي، عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطبنا ذات يوم فقال:
أيها الناس! انه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، وهو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب، فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة، ان يوفقكم الله لصيامه وتلاوة كتابه، فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم.
اذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه، وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقروا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا أرحامكم، واحفظوا ألسنتكم، وغضوا عما لا يحل النظر إليه أبصاركم، وعما لا يحل الاستماع إليه أسماعكم، وتحننوا على أيتام الناس يتحنن على أيتامكم، وتوبوا إلى الله من ذنوبكم، وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم، فإنها أفضل الساعات، ينظر الله عز وجل فيها بالرحمة إلى عباده، ويجيبهم إذا ناجوه، ويلبيهم إذا نادوه ويستجيب لهم إذا دعوه.
أيها الناس! ان أنفسكم مرهونة بأعمالكم، ففكوها باستغفاركم، وظهوركم ثقيلة من أوزاركم، فخففوا عنها (1) بطول سجودكم ، واعلموا ان الله عز وجل ذكره اقسم بعزته ان لا يعذب المصلين والساجدين، وان لا يروعهم بالنار، يوم يقوم الناس لرب العالمين.
أيها الناس! من فطر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه، فقيل: يا رسول الله وليس كلنا نقدر على ذلك؟ فقال (عليه السلام): اتقوا النار ولو بشق تمرة، اتقوا النار ولو بشربة من ماء.
أيها الناس! من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الاقدام، ومن خفف منكم في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه، ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيما أكرمه
পৃষ্ঠা ২৬