91

ثم قال له عن حاشيته: إن هؤلاء اتخذوك سلما لشهواتهم، فأنت الأخذ بالقرنين وهم يحلبون.

فاتق الله فإنك ميت وحدك، ومحاسب وحدك، ومبعوث وحدك، ولن يغنوا عنك هؤلاء من ربك شيئا.

فقال له: أعني بأصحابك فأستعين بهم دون هؤلاء فرد عليه أظهر الحق يتبعك أهله.

فقال له: ألك حاجة؟ قال: نعم، قال: ما هي؟ قال: ألا تعث إلي حتى آتيك، إذا لا نلتقي، قال: عن حاجتي سألت، ثم ذهب.

قال الحجاج ليحيى بن يعمر: ما تقول في واسط (مدينة بناها الحجاج)، فقال له: ما أقول فيها وقد بنيتها من غير مالك وسيسكنها غير أهلك.

فقال له الحجاج في غيظ وغضب: ما حملك على ما قلت؟ قال: ما أخذ الله تعالى على العلماء من العهد ألا يكتموا الناس حديثا.

فقال له: ألم تخش سيف الحجاج؟

فقال: لقد ملأتني خشية الله جل وعلا فلم تدع مكانا لخشية سواه.

وقيل: إن الحجاج خطب يوما، فقال: أيها الناس، الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذاب الله، فقام إليه رجل فقال له: ويحك يا حجاج، ما أصفق وجهك وأقل حياءك تفعل ما تفعل وتقول مثل هذا الكلام خبئت وضل سعيك.

فقال للحرس: خذوه، فلما فرغ من خطبته، قال له: ما الذي جرأك علي؟ فقال: ويحك يا حجاج، أنت تجترئ على الله ولا أجترئ عليك، ومن أنت حتى لا أجترئ عليك، وأنت تجترئ على رب العالمين! فقال: خلوا سبيله، فأطلق.

ودخل العز بن عبدالسلام على السلطان فوعظه وشدد في الموعظة فعاتبه ولده في ذلك، فقال له: هذا اجتماع لله فلا أكدره بشيء من عرض الدنيا.

يا بني، لقد رأيت السلطان في تلك العظمة، فأردت أن أهينه لئلا تكبر نفسه عليه فتؤذيه.

পৃষ্ঠা ৯২