أَحدهمَا أَنه لم ينْقل عَنْهُم النَّهْي عَن ذَلِك والزجر عَنهُ بل من تدبر اخْتِلَاف الصَّحَابَة ﵃ فِي الْمسَائِل واحتجاجهم فِي ذَلِك عرف أَنهم كَانُوا يرَوْنَ الْقيَاس وَالِاجْتِهَاد فِي الْفُرُوع
وَقد روى أهل الحَدِيث وَالنَّقْل عَنْهُم ذَلِك واحتجاج بَعضهم على بعض وَطلب الْأَشْبَاه ورد الْفُرُوع إِلَى الْأُصُول
وَأما من كره ذَلِك فَيحْتَمل أَنه إِنَّمَا كره ذَلِك إِذا كَانَ مَعَ وجود النَّص من الْكتاب وَالسّنة على مَا سبق بَيَانه
وَأما الْكَلَام فِي أُمُور الدّين وَمَا يرجع إِلَى الِاعْتِقَاد من طَرِيق الْمَعْقُول فَلم ينْقل عَن أحد مِنْهُم بل عدوه من الْبدع والمحدثات وزجروا عَنهُ غَايَة الزّجر ونهوا عَنهُ
جَوَاب آخر أَن الْحَوَادِث للنَّاس والفتاوى فِي الْمُعَامَلَات لَيْسَ لَهَا حصر وَلَا نِهَايَة وبالناس إِلَيْهَا حَاجَة عَامَّة فَلَو لم يجز الِاجْتِهَاد فِي الْفُرُوع وَطلب الْأَشْبَه بِالنّظرِ وَالِاعْتِبَار ورد الْمَسْكُوت عَنهُ إِلَى الْمَنْصُوص عَلَيْهِ بالأقيسة لتعطلت الْأَحْكَام وفسدت على النَّاس أُمُورهم والتبس أَمر الْمُعَامَلَات على النَّاس
ولابد للعامي من مفت فَإِذا لم يجد حكم الْحَادِثَة فِي الْكتاب وَالسّنة فلابد من الرُّجُوع إِلَى المستنبطات مِنْهُمَا فَوسعَ الله هَذَا الْأَمر على هَذِه الْأمة وَجوز الِاجْتِهَاد
1 / 32