وسترُها عن أفهام المؤمنين وعلمائهم (^١)، حتى إن طائفةً ممن كانوا يعظِّمونه لمَّا رأوا ذلك تعجَّبوا منه غاية التعجُّب، وجعل بعض المتعصِّبين له يدفعُ ذلك حتى أرَوْه النسخة بخطِّ بعض المشايخ المعروفين الخبيرين بحاله، وقد كتبها في ضمن كتابه الذي سمَّاه «المطالب العالية» (^٢) وجمع فيه عامَّة آراء الفلاسفة والمتكلمين.
وتجدُ أبا حامدٍ الغزالي ــ مع أن له من العلم بالفقه والتصوُّف والكلام والأصول وغير ذلك، مع الزُّهد والعبادة وحُسْن القصد، وتبحُّره في العلوم الإسلامية أكثر من أولئك ــ يذكرُ في كتاب «الأربعين» (^٣) ونحوِه كتابَه «المضنونُ به على غير أهله»، فإذا طلبتَ ذلك الكتاب واعتبرتَ (^٤) فيه أسرارَ الحقائق وغايةَ المطالب وجدتَه قولَ الصَّابئة المتفلسفة بعينِه قد غُيِّرَت عباراتُه وترتيبُه (^٥)، ومن لم يَعْلَمْ حقائقَ مقالات العباد ومقالات أهل المِلَل يعتقدُ أن ذاك هو السِّرُّ الذي كان بين النبي ﷺ وأبي بكر (^٦)، وأنه هو الذي