الانتخاب لكشف الأبيات المشكلة الإعراب
1 / 1
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسّر يا كريم
قال الشيخ الإمام العالم الأوحد، تاج الأدب وحجّة العرب، فريد دهره ونسيج وحده، عفيف الدين أبو الحسن عليٌّ بن عدلان بن حماد بن عليّ الموصليّ أمتع الله بحياته:
الله أحمد على أن كرّمنا كما خيّرنا وفضّلنا بالألسنة الناطقة حين صوّرنا بمبعث محمدٍ، صلوات الله عليه وسلامه، إلى الحمراء والسوداء، ومفضله على ساكني الغبراء والخضراء، ومهلك كلّ جانحٍ عن سنن شريعته الزاهرة، ومبيد المنحرف عن لألاء براهينه القاهرة، ومشرّفه بالكتاب العربيّ الذي أعجز الفصحاء حسن نظامه، وأفحم البلغاء بديع إحكامه، وموكلّ فهم أسراره المصونة إلى الأدباء المتفحصين عن دقائق كلام العرب ومعانيه، والباحثين عن حقائق غوامضه، ومبانيه، فحين علموا شرف اللغة العربية آثروا صونها عن التخليط والتحريف، وفرقوا بين تعذير المترص منها بالضعيف، فوضعوا كتب اللغة المنقولة عن أبيات العرب مانعةً من اضطراب المسميّات في إطلاق المطلقين، وألفوا كتب النحو على اختلاف حلى كلمها الفارقة بين المعاني المتعلجة في صدور المتكلمين، وصنّفوا كتب التحريف حافظةً لمباني تلك الكلم المترددة بين المتحاورين.
كلّ ذلك اهتمامًا بحفظ محاسن اللغة المشّرف مقدارها، المرفوع منارها، ففضلها بارز لا يدفع وخصلها الشافي لا يبرقع، فما ندبت أن نصب الزمان منابه ... . إذ أودى بها وحرّفها، وما فتئ الدهر حتى أناخ كلكله على جلابيب وجهها فخّرقها، وهي مع ذلك موادّ العلوم ومدارها لانحصار تحصيل المعاني في الخطاب اللساني والنطق البياني، فكم من غاضٍّ لها وغاضٍّ عليها، وماصعٍ لأديمها وماصعٍ لقويمها، وافتقاره إليها افتقار المحرص إلى زوال حرصه، فهي كالمثل السائر: (الشّعير يؤكل ويذم) .
1 / 15
ولعلمي برغبة المولى الأجلّ، السّيد الكبير العالم، عز الدين، شرف الإسلام، عمدة الملوك والسلاطين، مجد الحضرتين، فريد دهره أبي الحسن علي بن مبادر، وإلى الله عليه نعمه وأجزل لديه منها قسمة في العلوم على اختلاف أنواعها وتباين أوضاعها، وشدة اهتمامه بكشف حجاب الغفلة عن شريف علم العربية خاصًّا لغوصه في عباب بحره واستخلاصه فائق درّه.
وسمت كتابي هذا بخدمة خزانته العالية رجاء أن يقع عليه نظره الشريف ولمحه اللطيف فيحلى بعينه وقلبه وتفضله على جل لجل كتبه، لأقضي حقوقه السالفة والآنفة، وأشكر نعمه التالدة والطارفة ... الله ... بعونه لشكر أياديه.
وخصصت هذا الكتاب بالأبيات المشكلة الإعراب، ورتبته على حروف العجم، فذكرت من كلّ حرفٍ أبياتًا إلى آخر الحروف، ولم أطل الكلام بالشواهد والمسائل حذارًا أن لا يقع منه، أعلاه الله، موقع ما رجوت.
وأنا أبدأ بحرف الألف (٣ ب) ثمّ أتبعه الباء، ومن الله استمد المزيد، بمنّه وكرمه.
(حرف الألف)
قال بعض الملغزين من المحدثين:
١ - (إنّ هند الجميلة الحسناء ... وأي من أتبعت بوعدٍ وفاء)
(إنّ) فعل أمر للمؤنث مؤكد بالنون الثقيلة، من وأي يئي، بمعنى وعد.
وأصل هذا الأمر: تئين مثل تفين، فحذف التاء للمواجهة، والنون للياء المضاهي لجزم المضارع، والياء الضمير لئلا يلتقي ساكنان، الياء والنون المدغمة، وكسرة الهمزة دالّة على صفة حذف الياء.
و(هند) منادى مبني على الضم محذوف حرف النداء كقوله: ﴿يوسف أعرض﴾ .
و(الجميلة) وصف له على الموضع.
و(الحسناء) صفة لمفعول محذوف تقديره: المرأة
1 / 16
الحسناء.
و(أي) منصوبٌ مصدرٌ ل (إنّ)، كما تقول: عدنّ يا هند المرأة وعد من يفي.
وقال حسان بن ثابتٍ الأنصاريّ:
٢ - (كأنّ سلافةً من بيت رأس ... يكون مزاجها عسل وماء)
يروى برفع (مزاجها) ورفع عسل، ويحتمل ثلاثة أوجه: أن يضمر في يكون الشأن والقصة والسلافة، وتجعل كان زائدة.
ويروى بنصب (مزاجها) ورفع عسل، على جعل اسم كان نكرةً وخبرها معرفةً، في الشعر ضرورة.
ويروى بنصب عسل ورفع المزاج، وهي رواية أبي عثمان المازني، على جعل اسمها معرفةً وخبرها نكرةً، على القاعدة المستقرة، و(ماء) مرفوع بفعل دلّ عليه الكلام تقديره: وخالطها ماء أو وفيه ماء.
وقال آخر محدث: (٤ أ)
٣ - (بكى ويحق للدّنف البكاء ... إذا ما سار من يهوى عشاء)
في نصب البكاء وجهان: أحدهما مصدر لبكى تقديره: بكى البكاء.
والثاني هو مفعول به معدّى ب (على) تقديره: بكى على البكاء، لفقده إياه وعدمه.
وقال آخر، محدث أيضًا:
٤ - (ويح من لام عاشقًا في هواه ... إنّ لوم المحبّ كالإغراء)
رفع (الإغراء) لأنّه خبر إنّ، والكاف ضمير المخاطب، وينبغي أن تتصل بالمحب في
1 / 17
الخطّ، غير أنه فصل لموضع النكتة، وهو اللغز.
وكلّ موضعٍ رأيته في دوارج الكتاب مكتوبًا على هذا المنهاج فاحمله على ما ذكرناه هنا.
واللام في المحب بمعنى الذي تقديره: إنّ لوم الذي يحبك الإغراء.
وقال محدث آخر:
٥ - (صل حبالي فقد سئمت الجفاء ... يا قتولي واحفظ عليّ الإخاء)
رفع (الجفاء) بالابتداء، وخبره (قتولي)، و(يا) حرف تنبيهٍ لا منادى له، أو قد حذف مناداه، كقوله: يا لعنة الله، أي: يا قوم.
وفصل بين المبتدأ والخبر بالنداء، وهو جائز، لقولك: زيد يا عمرو كريم.
و(سئمت) لا تعلق له بما بعده لأنّ مفعوله محذوفٌ، وكذلك مفعول (احفظ) .
و(الإخاء) مبتدأ، و(عليّ) الخبر، تقديره: صل حبالي فقد سئمت الصدّ، الجفاء يا قوم قتولي، واحفظ الودّ عليّ الإخاء.
وقال الفرزدق:
٦ - (هيهات قد سفهت أمية رأيها ... واستجهلت سفاؤها حلملؤها)
(حربٌ تردّد بينهم بتشاجرٍ ... قد كفّرت آباؤها أبناؤها)
هذا نظير قوله تعالى: ﴿إلاّ من سفه نفسه﴾ و﴿بطرت معيشتها﴾ .
وقد اختلف علماء العربية (٤ ب) في وجهة نصب ذلك، فقال يونس بن حبيب وأبو الحسن الأخفش: سفه يعني سفّه.
1 / 18
وقال أبو عبيدة: بمعنى أهلك.
وقال الّزجّاج: جهل.
وقال أبو سعيد السيرافي: المعنى: سفه في نفسه، فحذف حرف الجر وأوصل بفعل، كقول الشاعر:
(يغالي اللحم للأضياف نيئًا ...)
أي: باللحم.
وقيل: هو تمييزٌ.
و(استجهلت) كلامٌ تامٌ، وفيه ضميرٌ عائدٌ إلى أميّة.
و(سفاؤها) مبتدأ، و(حلملؤها) الخبر.
و(قد كفرت) مثله، ومعناه: لبست السلاح فاستترت به.
و(أبناؤها) الخبر.
والضمير في (آباؤها) عائدٌ على أمية، وفي الخبر عائد على الحرب، تقديره: آباء أميّة أبناء الحرب.
وقال ملغزٌ آخر:
٧ - (قال زيدٍ سمعت صاحب بكرٍ ... قائلٌ قد وقعت في اللأواء)
(قال) اسمٌ للقول، مضافٌ إلى زيد، منصوبٌ لسمعت.
و(صاح) من صاحب، ترخيم صاحب، وهو من الشذوذ.
و(ببكرٍ) جار ومجرور، وهو خبر مبتدأ، ومبتدؤه: (اللأواء) .
و(قائلٌ): خبر مبتدأ محذوف.
و(فِه) أمٌر من: وفى يفي، والتقدير: سمعت قول زيدٍ يا صاح ببكرٍ اللأواء، أيّ الشدّة، فه لي.
1 / 19
وأنشد أبو علي في بعض تأليفه:
(لما رأيت أبا يزيد مقاتلًا ... أدع القتال وأترك الهيجاء)
بنصب أدع وأترك.
(حرف الباء)
قال الفرزدق:
٨ - (وما مثله في الناس إلا ّمملكًا ... أبو أمّه حيٌ أبوه يقاربه)
الممدوح إبراهيم بن هشام بن المغيرة المخزوميٍ [خال هشام] بن عبد الملك.
فتوجيه إعرابه: أن (ما) حرف (٥ أ) نفي، و(مثله) ابتداء، والهاء فيه عائدة إلى الممدوح.
و(في الناس) متعلق بمثل.
و(حي) خبره، و(يقاربه) صفة لحي، والهاء فهي عائدة إلى الممدوح.
[إلا مملكا] استثناء مقدم من (حي) .
و(أبو أمه) مبتدأ، والهاء التي فيه عائدة إلى مملك، وهو الخليفة.
وخبره (أبوه)، والهاء التي فيه عائدة إلى الممدوح تقديره: وما مثل هذا الممدوح في الناس حي مقارب له إلا مملك، هو الخليفة، وأبو أم الخليفة أبو هذا الممدوح.
وفي البيت ضرورتان:
إحداهما: الفصل بين صفة (حي) وحي ب (أبوه) .
والثانية: الفصل بين المبتدأ والذي هو أبو أمه وخبره بحي.
وقال آخر، وهو من أبيات الكتاب، وأنشده الزمخشري:
٩ - (لن تراها ولو تأملت إلا ... ولها في مفارق الرأس طيبا)
1 / 20
نصب (طيبا) حملا على المعنى ب (تراها)، وفيه ضعف، لأنه محمول على: (رأيت زيدا له مال وحسبا)، وهذا إنما يكون بعد تمام الكلام، وليس كذلك في البيت، لأن قوله: (لن تراها ولو تأملت) ليس بتام، لكنه نصبه لدخوله في الرؤية، لأنه قد علم أنه متى رآها فقد دخل طيبها في الرؤية، تقديره: إلا وترى لها في مفارق الرأس طيبا.
وقال آخر، أنشده أبو الحسن:
١٠ - (كساني أبي عثمان ثوبان للوغى ... وهل ينفع الثوب الرقيق لذي الحرب)
الكاف للتشبيه، و(ساني) فاعل من (سنايسنو) إذا استقى.
و(ثوبان) اسم رجل، وهو مبتدأ، وخبره (كساني) .
واللام في قوله (للوغى) متعلقة بما في الخبر من معنى الفعل (٥ ب) تقديره: ثوبان كساني أبي عثمان للوغى في الضعف وقلة الغناء.
والوغى: الصوت في الحرب، وسميت الحرب وغى لذلك استعارة.
وقال آخر، أنشده أبو علي:
١١ - (هما حين يسعى المرء مسعاة أهله ... أناخا فشدا كالعقال المؤرب)
(هما) ضمير الجدين في بيت قبله، وهو:
(غضبت علينا أن علاك ابن غالب ... فهلا على جديك إذ ذاك تغضب)
و(هما) مبتدأ، وخبره (الفعال المؤرب) .
والمؤرب: المحكم الفتل والشد، من قولك: أربت العقدة: إذا أحكمت شدها.
والمعنى: لومها ملازم لك كالعقال المشدود.
والكاف ضمير المخاطب، وهي متصلة [في] التقدير بشدا، ووصلت في الخط بالعقال للمحاجاة.
و(أناخا فشدا) محمول على التثنية على (هما)، أو على (العقال) في المعنى، وأناخا مستأنف، أو خبر ثان.
والعامل في (حين) أناخا.
وقد فصل بين المبتدأ وخبره بهذا الكلام
1 / 21
للضرورة، والترتيب: هما العقال المؤرب أناخا فشداك حين يسعى المرء مسعاة أهله، والمعنى: أن جديه لا يسعيان لاكتساب المعالي حين يسعى المرء لها، فقد حبساه على الرتبة العالية.
وقال جرير، وهو من أبيات الكتاب:
١٢ - (فلو ولدت قفيرة جرو كلب ... لسب بذلك الكلب الكلابا)
الكلاب مفعول به غير قائم مقام الفاعل، والقائم مقام الفاعل مصدر سب، تقديره: لسب السب، وهو ضعيف.
وقال ملغز من المحدثين:
١٣ - (ألبست ثوب وكان البرد أقلقني ... فرد روحي بعد الهلك جلبابا)
«٦ أ) فالله أحمد لولاه لما سترت ... جلدي عن الناس أبرادًا وأثوابا)
(ثوب) اسم منادى مرخم من ثوبان، اسم رجل، مضموم على أحد وجهي الترخيم، فنون للضرورة، وضم المنادى، إذا نون، الوجه عند سيبويه، كقول مهلهل:
(يا عدي لقد وقتك الأواقي ...)
خلافا لعيسى بن عمر.
و(جلبابا) مفعول ثان لألبست.
وفي (رد) ضمير فاعل من الجلباب، تقديره: ألبست يا ثوب جلبابا وكان البرد آلمني فرد روحي بعد الهلك.
وفي (سترت) ضمير فاعل من الجلباب، وأتى فيه بعلامة التأنيث إما لأن الجلباب مؤنثة في قول
1 / 22
الفراء، وإما أنه حمله على معنى الدرع، كما قال: جاءته كتابي.
ونصب (أبرادا وأثوابا) باسم الفاعل، وهو الناسي وحذف الياء للضرورة، كما قيل في (داع)، و(أخو الغوان)، تقديره: لما سترت الجلباب جلدي عن الذي نسي أبرادا وأثوابا.
وقال ثابت بن نافع السلمي:
١٤ - (أبلكوز تشرب قهوة بابلية ... لها في عظام الشاربين دبيب)
(أبلكوز) كلمتان وقع بها الألغاز لخروجهما في شكل الاستفهام وحروف الجر، وهما: أبل، من إبلال العلة، وقد خفف اللام للضرورة، وكوز: اسم رجل منادى، تقديره: يا كوز.
(حرف التاء)
١٥ - (أقول لخالدًا يا عمرو لما ... علتنا بالسيوف المرهفات)
(خالدًا) مفعول (له)، لأنه أمر من (ولي يلي) مثل (وأي يئي)، وقد تقدم.
و(علت) فعل ماض، و(نابي) مفعول به، والناب: الناقة المسنة.
و(السيوف) فاعل و(علت)، تقدير معناه: أقول اتبع خالدا (٦ ب) لما علت نابي السيوف.
وقال بعض الأعراب والبيت بيت شاهد:
١٦ - (رحم الله أعظمًا دفنوها ... بسجستان طلحة الطلحات)
يروى بنصب (طلحة) وجره، فالنصب على المدح، أي: اخفض أو أعني.
وأما الجر
1 / 23
فبه مضاف محذوف، تقديره: وأعظم طلحة.
وقد قرئ: ﴿والله يريد الآخرة﴾ على هذا، وهو قليل جدًا
وقال متعسف محدث:
١٧ - (على صلب الوظيف أشد يومًا ... وتحتي فارسٍ بطلٍ كميت)
في هذا البيت تقديم وتأخير وضرورتان وأعراب، وترتيبه: على فارس بطل أشد يوما وتحتي كميت صلب الوظيف.
فجر فارسا ب (على)، و(بطل) صفته، ونصب (صلب الوظيف) على أنه حال للنكرة، وقد تقدمت عليها.
والضرورتان: الفصل بالحال بين المجرور وجاره.
والفصل بالمجرور وصفته بين المبتدأ والخبر.
وقال محدث آخر:
١٨ - (يقولون لي: ماذا ولدت أفتيةٌ ... فقلت مجيبًا: ما ولدت بنات)
(فتية) خبر مبتدأ محذوف، [ما مبتدأ] و(بنات) خبره، تقديره: أهم قتية فقلت: اللاتي ولدتهن بنات.
وقال محدث آخر:
١٩ - (لا تبادر برحلةٍ وانتزاح ... لست تدري متى يكون المماتا)
(واحذر الله إنه لك راع ... وتأيد لكل جمع شتاتا)
نصب الممات بتدري، وفي (يكون) ضمير منه هو فاعله، واسم الباري سبحانه رفع
1 / 24
بالابتداء، وخبره: (إنه لك راع) .
و(شتاتا) مفعول احذر.
و(لكل جمع) متعلق بفعل دل عليه (شتاتا) تقديره: (٧ أ) لست تدري الممات متى يحدث واحذر شتاتا وتأيد، الله إنه لك راعٍ.
ومثل هذا قول الآخر:
٢٠ - (ليس يبقى عليك لو كنت تدري ... غير فعل الجميل والحسنات)
أي ليس يبقى عليك غير فعل الجميل والحسنات لو كنت تدري.
وقال آخر:
٢١ - (لم يذدني عن الصلاة ضلالًا ... في حياتي ولا اتبعت الغواة)
(إنما المرء بالصلاح وموت المرء ... إن كان ذا فسادٍ حياة)
في البيت تقديم وتأخير، وترتيبه: لم يذدني عن الصلاة الغواة، ولا اتبعت ضلالا.
فالغواة فاعل بيذدني، وضلال: مفعول (اتبعت)
(حرف الثاء)
قال بعض الملغزين:
٢٢ - (جاءك سلمان أبو هاشمًا ... وقد غدا سيدها الحارث)
(جاء) فعل ماض، والكاف للتشبيه.
و(سلمان) مجرور بها.
و(أبوها) فاعل جاء.
وموضع الكاف نصب على الحال إن كانت حرفا، وحال إن كانت اسمًا.
و(شما) فعل أمر، من شام البرق: إذا نظر إليه، مؤكد بالنون الخفيفة، فالواجب فيه: شيما، فحذف الياء للضرورة.
1 / 25
وقال ملغز آخر:
٢٣ - (إذا ما كنت في أرض غريبًا ... يصيد بها ضراغمها البغاث)
(فكن ذا بزة فالمرء تزري ... به في الحي أثواب رثاث)
الرواية بضم الضراغم والبغاث معا.
ووجه ذلك أنه رفع البغاث، وهي ضعاف الطير، ب (يصيد)، والجملة في موضع جر صفة للأرض، وقد حذف العائد إليها.
و(ضراغمها) (٧ ب) مبتدأ، و(بها) الموجودة في البيت خبره، والجملة في موضع الحال من (البغاث)، وحذف الواو مستغنيا بالضمير عنه، نظير قول المسيب بن علس:
(نصف النهار الماء غامره ... ورفيقه بالغيب لا يدري)
يصف صائدا غائصا في الماء.
تقديره: إذا ما كنت في أرض تصيدها البغاث، وبها ضراغمها.
ويجوز أن تكون الجملة صفة أخرى لأرض، والمعنى: أنك إذا كنت بأرض تصيدها الضعاف وهناك أقدر منها فاستعمل الحذر واعتد ببزة.
وقال ملغز متعسف:
٢٤ - (ولولا الكريم أبو مخلد ... أخو ثقة لم يغثني مغيثا)
(ولا كنت إلا لقى لا أحسُّ ... وهل في البرية إلا خبيثا)
(الكريم) مبتدأ محذوف الخبر عند البصري، وفاعل (لولا) عند الكوفي و(أبو مخلد) بدل من الكريم أو عطف بيان.
و(أخو ثقة) فاعل فعل محذوف هو جواب لولا، تفسيره: لم يغثني.
وفي نصب مغيث وجهان: أحدهما: هو مصدر، كقوله: قم قائما.
والثاني: هو حال مؤكدة، كقوله تعالى: ﴿ويوم ابعث حيا﴾،
تقديره: لولا أبو مخلد لم يغثني أخو ثقة إغاثة.
واللقى: الشيء الملقى.
و(أحس) فعل لم يسم فاعله، وفيه ضمير قام مقام الفاعل.
و(خبيثا) نصب على الحال من المضمر في (أحس) .
(وهل): فعل ماض مسكن اللام، معناه: ذهب وهمي إليه وأنا أريد غيره، وقد اسقط منه حرف
1 / 26
وهو (إلى)، لأنك تقول: وهلت إلى الشيء ومنه، فتعديه به، لأنه حال من المضمر في (أحسن) .
فإن قيل: الضمير في (وهل) للغائب، وفي (أحس) للمتكلم، فكيف صح أن يكون حالا
قلت: هذا عدول (٨ أ) من الخطاب إلى الغيبة، وهو جائز بلا خلاف، التقدير: لا أحس وأهلا في البرية ولا مغيثًا.
وقد وجهه بعض النحويين على غير هذا، وهو تكلف بعيد.
وقال محدث:
٢٥ - (سلمان ابن أخينا ليت مقوله ... وناقل القول بالأحجار محثوث)
(سل) فعل أمر من سأل يسأل.
و(مان) فعل ماض بمعنى كذب.
وهمزة الاستفهام معه مرادة.
و(ابن أخينا) فاعل (مان) .
و(ناقل القول) عطف على الهاء في (مقوله)، وهو غير جائز البصريين إلا بإعادة الجار، وقياس ومذهب عند الكوفيين، تقديره: سل أكذب ابن أخينا ليت مقوله، أي لسانه، ولسان ناقل القول بالأحجار محثوث.
وقال متكلف:
٢٦ - (طال ليلي وعاودتني النثوثا ... ساريات به النجوم حثيثا)
(لست أدري ما النوم وجدا سميري ... الهم فيه ووجدي البرغوثا)
عاودتني بمعنى ذاكرتني، والنثوث: جمع نث، وهو التحديث والشكوى، وهي منصوبة مفعول ثان لعاودتني، والنجوم فاعلة، و(ساريات) حال من النجوم، و(حثيثا) مصدر في موضع الحال من الضمير في ساريات بالليل حاثات.
و(ما) في البيت الثاني استفهام وهي مبتدأ، و(النوم) خبره، وموضع الجملة نصب ب (أدري)، و(وجدا) مفعول له، وهو الحزن والبرغوث منصوب بالوجد على تقدير حرف الجر، أي بوجود البرغوث
1 / 27
و(سميري) مبتدأ، و(الهم فيه) خبره.
و(خذني) عطف على (سميري)، والتقدير: لست أدري أي شيء (٨ ب) النوم لحزني بوجود البرغوث، ثم استأنف فقال: مسامري وخدني الهم فيه.
(حرف الجيم)
أنشد سيبويه لغيلان بن عقبة الملقب ذا الرمة:
٢٧ - (كأن أصوات من إيغالهن بنا ... أواخر الميس أصوات الفراريج)
الميس: خشب الرحل، والإيغال في المشي: الدخول فيه على جهة الاستقصاء، ويريد إيغال الإبل.
وجر (أواخر الميس) بإضافة (أصوات) إليها، وفصل بينهما بالظرف ضرورة، التقدير: كأن أصوات أواخر الميس من إيغالهن بنا أصوات الفراريج.
و(من إيغالهن بنا) حال، والعامل في العامل فيها (كأن)، أي كأننا من إيغالهن بنا.
وقال ملغز:
٢٨ - (رجع القوم بعدما كان فيهم ... من تولى وحقق الاحتجاج)
(الاحتجاج) فاعل رجع.
(القوم) مفعوله، وهو نظير قوله تعالى: ﴿فإن رجعك الله﴾، التقدير: رجع الاحتجاج القوم بعدما كان فيهم من تولى وحقق.
وقال آخر:
٢٩ - (أنت أعلى الورى وأشرف قدرا ... إنما الملك فوق رأسك تاجا)
(الملك) مبتدأ، و(فوق رأسك) الخبر، و(تاجا) حال من الضمير الذي في الخبر، وهو العامل فيها، كقولك: زيد في الدار قائما.
1 / 28
وقال آخر:
٣٠ - (وقد برمت مما تراكم نيها ... إذا نهضت في ساعديها الدمالجا)
تقديره: برمت الدمالج في ساعديها مما تراكم نيها، أي شحمها يصف سمنها وأنها تستثقل الدمالج.
وقال آخر:
٣١ - (أنت نعم الكمي تورده الحرب ... إذا ما استطار منها العجاجا)
(٩ أ) الكمي: الشجاع المستتر بالسلاح.
و(أنت) مبتدأ، و(نعم الرجل) الخبر.
و(العجاج) مفعول ثان لتورده،
وفي (استطار) ضمير منه، تقديره: تورده الحرب العجاج إذا استطار منها.
وقال آخر:
٣٢ - (ركبت على جواد حين نادوا ... وما إن كان لي إذ ذاك سرجا)
(فكدت أعود موقوصًا لأني ... كأني راكب من فوق برجا)
(سرج) مفعول (ركبت)، وفي كان ضمير منه هو اسمها، و(لي) الخبر.
ونصب (برجا) ب (راكب) .
و(فوق) ظرف، وهو غاية، مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة.
وهذان البيتان من أمالي أبي إسحاق الزجاج.
وقال ملغز:
٣٣ - (لا تقنطن وكن في الله محتسبا ... فبينما أنت ذا يأس أتى الفرجا)
نصب الفرج بمحتسب.
و[في] أتى ضمير منه.
ونصب (ذا يأس) على خبر كان.
فإن
1 / 29
قلت: فأين كان قلت: محذوفة لضرورة الألغاز، تقديره: فبينما كنت.
فحين حذفها انفصل اسمها لأنه لا يقوم بنفسه على لفظه متصلا، تقديره: لا تقنطن وكن في الله محتسبا فبينما كنت ذا يأس أتى.
وقال آخر:
٣٤ - (إلى الله ربي قد رجعت تنصلا ... لتغفر ما قدمت رب المعارج)
(المعارج) مبتدأ، وخبره (إلى الله ربي) .
و(رب) الثاني منادى.
و(قد رجعت)
خبر مستأنف، تقديره: إلى الله المعارج يا رب قد رجعت تنصلا لتغفر ما قدمت.
(حرف الحاء)
أنشد أبو علي لابن مقبل:
٣٥ - (ولو أن حبي أم ذي الودع كله ... لأهلك مال لم تسعه المسارح)
(٩ ب) حبي: مصدر مضاف، و(أم ذي الودع) مفعوله.
و(كله): إن نصبته كان مؤكدا لجي، وإن رفعته جعلته مبتدأ، خبره [مال]، والجملة خبر أن، والمعنى: أن حبه بها كثير.
وأنشد سيبويه للحارث بن ضرار النهشلي:
٣٦ - (ليبك يزيد ضارع لخصومة ... ومختبط مما تطبح الطوائح)
يروى بضم ياء (لبيك) ورفع (يزيد)، وبفتحها ونصبه، فلا إشكال في الرواية الثانية لأن ضارعًا فاعل، ويزيد مفعول.
وعلى الأولى: يزيد مفعول لم يسم فاعله، وضارع: فاعل فعل دل عليه ليبك، أي: ليبكه.
1 / 30
ونظيره قول الأخر:
(أسقى الإله عدوات الوادي ...)
(وجوفه كل ملث غادي ...)
(كل أجش حالك السواد ...)
وقال آخر:
٣٧ - (مررت على قوم ابن هندٍ فقال لي ... أكابرهم منا سفيهًا وصالحا)
الهمزة في (أكابرهم) حرف نداء.
وكابر: اسم رجل، منادى مضاف إلى ياء المتكلم.
و(هم) فعل أمر من هام يهيم.
و(منا) بمعنى أكذبنا، وقد تقدم نظيره.
و(سفيهًا وصالحا) حالان من الضمير في (منا)، تقديره: يا كابري هم أكذبنا في حال الصلاح والسفه.
وقال آخر:
٣٨ - (وقالوا حربنا حرب عوانٍ ... أأحضرها ولم أحمل سلاح)
(هي النكبات تهلك من تلاقي ... كميا ليس جاحمها مزاح)
(حربنا) مبتدأ.
و(حر) أمر من: حار يحار، و(بن) أمر من: بان يبين.
و(عوا) من عوان: فعل ماض، وحقه اتصال تاء التأنيث به، لأنه خبر (حربنا)، لكنه أجري مجرى القتال.
و(نن) (١٠ أ) أمر من: ونى يني، مؤكد بالنون الخفيفة، والواجب: نين، كما قلنا في (شمن) في حرف الثاء.
و(سلاح) خبر مبتدأ محذوف.
وقد حذف من (أحمل) ضميرا مفعولا عائد إلى (سلاح)، التقدير: حربنا عوت، حر منها وبن عنها، أأحضرها هذا سلاح ولم أحمله.
وفي (ليس) في البيت الثاني ضمير الشأن، الملقب ب (المجهول) عند الكوفي، هو اسمها، والجملة بعده الخبر.
1 / 31
وقال آخر:
٣٩ - (وقد رحلوا واستحلوا لنا ... بعادا بلا سبب وإطراح)
(وط) فعل أمر من: وطى يوطي.
و(راحوا) فعل ماض، والضمير فاعله، تقديره: وط لي فقد راحوا.
وقال آخر:
٤٠ - (قالوا أتفرح بالأزواد تجمعها ... وهل تدوم لك الأزواد والفرحا)
نصب الأزواد على البدل من الضمير المفعول في (تجمعها)، والفرح بالعطف عليها.
وفي (تدوم) ذكر من الأزواد.
وفائدة البدل هنا التكرار فقط.
وقال آخر:
٤١ - (قد جاءني عبد قيس لو عبأت به ... يومًا وقد بهرتني منه لي المدحا)
نصب المدح بجاءني على أنّها مفعول ثان معدّى بحرف الجر، وهو محذوف للضرورة، تقديره: بالمدح.
وفي (بهرتني) ذكر من المدح.
وقال آخر:
٤٢ - (تفرقّ قومي راحلين لصارخٍ ... أهاب بهم غادي المطيّ ورايحٍ)
غادي: فعل أمر بمعنى باكر، والمطي: مفعوله.
و(رابح) كلمتان، أحداهما: وراي بمعنى خلفي، و(ح) أمر من: وحى يحي، إذا عجل، تقديره: باكر المطيّ خلفي عجّل.
(حرف الخاء)
قال بعض الملغزين:
٤٣ - (يا ابن زيد قد خان كل صديق ... عنده من حمامه أفراخا)
1 / 32
(١٠ ب) كسرة (ابن) كسرة بناء لأنّها المجتزأة عن حذف ياء الإضافة.
و(زيد) مبتدأ، و(قد خان) خبره.
و(كل) فعل أمر من الأكل.
و(صديق) مجرور بلام الجر في أوله، ولهذا أدغمت لاجتماعها مع لام (كل) .
و(أفراخا) مفعول (كل)، و(من) متعلقة ب (كل) .
و(عنده) إمّا ظرف للأكل أو صفة لحمامه وقد تقدّم فصار حالًا، وهذا على مذهب من أجاز تقديم حال المجرور عليه، تقديره: يا ابني زيدٌ قد خان فاعلم وكل أفراخا للصديق من حمامه عنده.
وقال ملغزٌ آخر:
٤٤ - (أتانا عبيد الله في أرض قومنا ... ولم يأتنا ذاك الكذوب الموبخا)
(أتانا) تثنية أتانٍ، وعبيدِ الله مجرور بإضافتها إليه.
و(الموبخ) منصوب على الذّمّ، وناصبه أعني.
وقال آخر:
٤٥ - (نصبت لي الفخاخ تريد صيدي ... وقد أفلتّ من قبل الفخاخ)
رفع (الفخاخ) على البدل من الضمير في (تريد)، لأنّه ضمير الفخاخ المنصوبة، وتريد حال من الفخاخ الأولى، وقد حذف التنوين من (قبل)، التقدير: نصبت لي الفخاخ، تريد الفخاخ صيدي، وقد أفلتّ من قبل.
وقال آخر:
٤٦ - (قالوا تفرّدت لا خلاّ ولا سكنًا ... فقلت من أين للحرّ الكريم أخا)
نصب (خلاّ وسكنًا) بفعل مقدر دلّ عليه، أي: تصحب أو تألف و(أخا) مقصورٌ، أحد لغاته، حكاه ابن السّكيّت في إصلاحه وغيره، وهو مبتدأ (١١ أ) والظرف قبله خبرٌ عنه.
1 / 33