মুসলিমদের প্যাগানিজমে ফিরে যাওয়া: সংস্কারের আগে নির্ণয়
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
জনগুলি
القيم السماوية لم تمنع الأسباط الكرام من بيع أخيهم يوسف طفلا في سوق النخاسة، بينما القيم الوضعية المصرية هي التي أعطت الفرصة ليوسف عندما أثبت المهارة ليتبوأ منصب وزير خزانتها، وهو غير مصري، وهو المبيع لها عبدا، وهو ما تمكنت أمريكا من إنجازه مؤخرا بعد قرون من العنصرية البغيضة، وانتخب الشعب الأمريكي أوباما الذي هو من أول جيل مهاجر لأمريكا، ناهيك عن كونه قدم بالأمس من أصول زنجية إفريقية، هذا بينما عندما فتح العرب أصحاب القيم السماوية مصر أو العراق أو بلاد الشام، لم يتخذوا من أبنائها واليا أو وزيرا. وكان يأتيها الوالي والوزراء وكبار المتنفذين قرشيين من عاصمة الخلافة، أو عثمانيين من بعد.
وإذا تساءلنا عن السر في العداء الصريح للقيم الإنسانية، أجابونا: «إن القيم الوضعية توضع لحفظ النظام العام في حياة المجتمع، ولا تعالج إصلاح القلوب والضمائر، أما القيم السماوية فإنها تقوم بإصلاح القلوب والضمائر لكل شيء، وتكسبه قوة العقيدة، والإيمان، والسلوك الحميد» (المصدر نفسه).
وهذا إنما يعني أن القيم الوضعية لها مهمة هي حفظ النظام العام، وهي مهمة ليست بالقليلة ولا بالهينة ، لكن هذه القيم لا تجعل أهلها أصحاب خلق كريم، وهنا يأتي دور القيم السماوية. وهو ما يعني أن ما يتعلق بالنظام العام للمجتمع ليس مهمة القيم السماوية؛ وهو ما يعني أن القيم الوضعية لها ضرورة لحفظ هذا النظام؛ وهو ما يعني أن القيم السماوية قاصرة عن الاهتمام بالمجتمع ككل لذلك يلزم اللجوء إلى القيم الوضعية لاستكمالها كي تحفظ لنا نظام المجتمع العام. ناهيك عن الدورين وأهمية كل منهما وعمق أثرهما في المجتمع ككل؛ فالقيم الإنسانية/الوضعية ينعكس أثرها على المجتمع ككل، وهي ابتكار توافق عليه المجتمع ككل، بينما القيم الدينية، حسبما يشرحون لنا، تتعلق بضمير الفرد وصلاح قلبه وأن مهمتها إكساب الفرد قوة العقيدة والإيمان! ودمتم!
وهكذا تجدهم يدركون جيدا دور كل من اللونين من القيم ومع ذلك يعيبون بشدة القيم الوضعية ويبخسونها، كما لو كانوا يضربون النظام العام للمجتمع في مقتل وهو ما أثبت جدارته وفعاليته في اختفاء وتواري القيم الإنسانية في بلادنا بعد الصحوة الإسلامية، وبقاء القيم الدينية وما نتج عنها من تفشي جرائم التحرش والاغتصاب بنسب غير معهودة في بلادنا، وتفشي التقوى ومعها الفساد والنصب والاحتيال بشكل لم يسبق أن عرفه تاريخنا سوى أيام المماليك والهكسوس.
لا تفهم مشايخنا هنا، ولا تفهم مبرر مهاجمتهم للقوانين الوضعية، ما داموا يعترفون بأن القيم السماوية لا يمكنها القيام بالعمل كله؛ لذلك نستوضحهم قولا حاسما وحاكما فيقولون لنا: «إن القيم الوضعية لا تستطيع أن تخفف من محبة الدنيا وحب المادة، أما القيم الدينية فإن من خصالها القدسية التي تخفف من محبة الدنيا وحب المادة الوضعية» (المصدر نفسه).
أول ما يتبادر إلى الذهن هنا فورا لماذا لا يريد لنا مشايخنا أن نحب الدنيا ومادتها التي يسميها الإسلام متاعا أي متعة وبهجة وسرورا؟ وإذا لم نحب دنيانا فهل نكون فاعلين منتجين مبهجين؟ وهل إذا لم نسعد في هذه الدنيا ونفرح فيها يعني أن ذلك هو التقوى؟ ولماذا تشترط التقوى كراهة السعادة والسرور؟ وهل لذلك حرموا علينا كل الفنون؟ كراهة الفنون التشكيلية لأنها تصنع أصناما، ومعها كراهة الفنون الموسيقية رغم أن هبل لم يكن ممسكا بربابة! وهل لهذا كله علاقة بنصيبنا في إنجازات شعوب الدنيا وهو صفر حقير؟ وإذا كان ذلك صحيحا فلماذا لا يوضحون لنا أسماء وأصناف القيم التي سادت مجتمع الصحابة الأوائل زمن الخلافة الراشدة ؟ ولماذا لا يشرحون لنا كيف تصدت هذه القيم لحب الدنيا الذي غلب على الخليفة عثمان، كما غلب على الصحابة الذين قتلوه لأنهم لم ينالوا نصيبهم كبني أمية من الأموال المنهوبة من البلاد المفتوحة؟ وأن يبرزوا لنا كيف منعت القيم السماوية بني أمية من الضغط على الخليفة عثمان لينالوا النصيب الأعظم من جاه الدنيا دون بقية الصحابة، فكانت الفتنة الكبرى وما تلاها من فتن أكبر وأعظم وأكثر خزيا. ثم هل صانت تلك القيم دماء الخلفاء الراشدين الأربعة بعد أن ماتوا جميعا صرعى الاغتيالات؟
فإذا كان السادة الأزاهرة الدعاة الدكاترة يعلمون تفاصيل تاريخنا الدموي يقينا، فهل تراهم يكذبون على المسلمين؟ وإذا كان هذا الفرض صحيحا، فلأي غرض ولتحقيق أي هدف؟
إن التنفير الدائم من كل منجز بشري ونعته بالوضعي تقزيما وتحقيرا رغم أنه نعم الوضع ونعم الإنجاز، ليس مقصوده وهدفه توفير الإسلام؛ لأن ذلك يهينه ولا يوقره، بقدر ما يضحون بتوقير الإسلام في سبيل لبس المسوح الدعوية ووجاهتها الاجتماعية ومردودها التجاري العظيم. القصد والهدف هما ليس توقير الإسلام وإلا ما كذبوا عليه، القصد والهدف هما توقير الشيخ الفقيه الدكتور، ثم الصعود إلى درجة أعلى لتقديس ما يقول الشيخ، وعندما يقول إنسان قولا مقدسا فقد حاز رتبة النبوة وإن لم يعلنها، فكان أن امتلأت بلادنا بالأنبياء الكذبة!
بينما الوقائع أمام عيوننا مترجمة إلى مكانة اجتماعية رفيعة في مجتمعات جهولة ومسوح دعوية من بيوت الأزياء العالمية من الغترة السويسرية إلى السروال الطلياني، ومكاسب مادية ببذخ معهود في الفضائيات البترولية، ويسعى الناس إليهم بالنذور يقبلون الأيادي طلبا للرضا السماوي، الهدف المقصود عند مشايخنا ليس الإسلام، الهدف والمقصود هو اكتساب الشيخ للقدسية وتوابعها من أطايب الحياة الدنيا التي يريدوننا أن نتخلى عنها، حتى لا نأخذ جزءا من نصيبهم فيها، فيصرفوننا عن التطلع إلى ما بيد شعوب الدنيا من عز وسعادة ورفاه، ليحدثونا عن ارتفاع نسبة الانتحار في تلك البلاد نتيجة الشبع والبطر، الذي لم يحقق لهم السعادة حتى أنهم يعضون الأنامل غيظا لما نحن فيه من جهل ومرض وخراب ضمائر جمعي وفساد عمومي هو العار نفسه؛ لذلك علينا بالفقر والجهل والمرض نعض عليها بالنواجذ فهي منقذنا يوم الدينونة أمام الرحمن الرحيم.
ولا يبقى سوى الشيخ حلا وحيدا وقدسيا بلا منافس في سوق الفكرة، وتقام له الموالد بعد موته وينال خلود الذكر في الدنيا كما في حالة الشعراوي مثلا، فأي مكسب أعظم من كل هذه الحظوظ مجتمعة؟ إنها الحظوظ التي تدفع بصاحبها إلى امتلاك الأرض والناس، فلماذا لا يرنو إلى الملك والكرسي الأعظم بالدعوة إلى دولة الخلافة؟
অজানা পৃষ্ঠা