মুসলিমদের প্যাগানিজমে ফিরে যাওয়া: সংস্কারের আগে নির্ণয়
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
জনগুলি
والدكتور المسيري نفسه عندما كتب مؤلفيه في العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة، كان في خلفية المشهد إشارات سريعة تؤكد علمه اليقيني بما نقول هنا، كما في قوله بالمجلد الأول ص9: «وقد كتبت هذه الدراسة بروح استكشافية، ولا يمكن أن أزعم امتلاكي اليقين الكامل، فمثل هذا اليقين مسألة إيمانية لا علاقة لها بالبحث العلمي.»
ورغم ذلك فإن قوله كان بحاجة إلى بعض التحديد والتدقيق خاصة فيما يقصده بمسألة يقين إيمانه، فهناك أعداد من اليقين الإيماني تساوي عدد الأديان والمذاهب في العالم وهي بمئات الألوف؟
ولو كان يقصد اليقين الإيماني بالإسلام وحده فهو بدوره مذاهب متعارضة متصارعة، تختلف جميعها حول معنى اليقين الإيماني، فيقين السنة غير يقين الشيعة، غير يقين المعتزلة، غير يقين فرق الشيعة وبعضها، غير يقين فرق السنة وبعضها، ويقين حماس غير يقين أحمدي نجاد غير يقين طالبان؛ وهو ما يعني في الخلاصة أن الدين يؤدي إلى التعدد في اليقينيات، وهو ما يعني اللايقين بالمرة، بينما العلمنة هي فكر واحد واضح بيقينه الذي هو العلم والارتقاء بالإنسان حضارة وأخلاقا وقيما، وأن هذا اليقين نسبي قابل للتعديل حسب المتغيرات للأفضل دوما. وعليه فالعلمانية بشكلها الحالي ليست نهاية المطاف أو نهاية التاريخ كما ذهب فوكوياما؛ فهي ليست قرارات سماوية بل هي إنتاج إنساني متطور دوما نحو الأفضل سواء في المكتشفات أو الاختراعات أو الفلسفات أو الفنون أو بقية العلوم والأخلاق والآداب الاجتماعية والنظم السياسية هي كائن حي يتطور بتطور البشر وحاجتهم.
الدكتور المسيري كمفكر مسلم حداثي (إن جاز التعبير) يقول ص17ج1: «نحن نذهب إلى أن ثمة فصلا حتميا نسبيا للدين والكهنوت في كل المجتمعات الإنسانية تقريبا.» بينما العلمانية تقول باستقلال تام لا نسبية فيه، حتى يتمكن الدين من الاستقلال عن الدولة والسياسة ويقوم بدوره المنوط به بتعريف الناس الطريق إلى الجنة، وتربية الضمير الحي بالطقوس والروحانيات، وحتى يتفرغ المجتمع والدولة إلى إدارة شئونهم وفق مصالحهم وحسب الظروف المتغيرة، وهو تفرع وانفصال مطلوب عن الدين، للتخفيف من ارتباك العقل بين النسبي والثابت، ويعطيهم الدافع لخلق جنتهم على الأرض بالعلم، والعمل، والإنتاج، ولا بأس من دعم معنوي من رجال الدين بالدعاء للعلمانية بالنجاح في مساعيها للارتقاء بالإنسان وتحقيق أمانه وعلاجه ورفاهيته وسعادته.
ومثل هذا الفصل التام سيرفع يد المؤسسة الدينية عن مؤسسات الدولة؛ لأن كل يد تدخل إدارة الدولة وليست منها ولا من مهامها، هي يد جاهلة بالإدارة لا تبغي سوى مكاسب يحققها هذا التدخل بالتحالف مع إدارة الدولة ضد المجتمع، ويحصل كل على نصيبه من الفريسة في مجتمع استبدادي يستمد فيه السارقان مشروعيتهما منهما معا، وهو تحالف تاريخي عرفته منطقتنا طوال تاريخها الأسود البغيض، وآن أوان فك عراه.
وكي يخلق الدكتور المسيري الاتصال النسبي إزاء الفصل الحتمي ما بين الدين ورجاله وبين المجتمع؛ فإنه يعطينا تعريفا للدولة يجعلها بحاجة إلى وجود الدين ورجاله؛ فهو يقول (ص18، ج1): «الدولة هنا تعني في واقع الأمر بعض الإجراءات السياسية والاقتصادية ذات الطابع الفني مثل الجوانب البيروقراطية في إدارة الدولة، أو شراء نوع معين من الأسلحة، أو مناقشة أمور فنية تتصل بالميزانية العامة وهي أمور لا يعرفها سوى الفنيين، ولذا فليست في إمكان رجال الدين مشايخ أو قساوسة.» العبارة تبدو علمانية بشكل ناصع، لكنه تحدث عن الجوانب العلمية الفنية باعتبارها هي الدولة، ولكن يبقى الأهم والذي تعمل بموجبه كل هذه الشئون الفنية وهو دستور هذه الدولة، وشكل حكمها، وأنظمتها القانونية، وفلسفتها العامة التي تحدد مصالحها العامة. وهنا يورب الباب من خلف الستارة ليمر الدين ورجاله ليجلسوا في دماغ الدولة.
والرد السهل البسيط على هذا التعريف يحدث على أرضنا اليوم، فإن كانت الدولة مجموعة أجهزة بيروقراطية فنية، فلماذا يبكي الفلسطينيون خاصة الحمساوية على غياب الدولة؟ وهم يقومون بكل الأفعال البيروقراطية الفنية، فلديهم الوزارات والوزراء والإدارات والهيئات، وحسب الدكتور المسيري يكون الفلسطينيون قد حازوا كل حقوقهم وصارت لهم دولة طبقا لتعريفه.
إن الدولة سلطة مستقلة ذات فلسفة وطريقة حكم تستمد شرعيتها من أصوات مجموع شعبها الذي اختار نوابه لتحقيق أمانيه، ولذلك تفتعل حماس كل هذه الحرائق وتضحي بأبناء غزة في حروب بلا معنى ولا هدف سوى إجبار العالم على الاعتراف بسيادتها على الدولة وبفلسفة هذه الدولة، ليجلسوا معها على مائدة مفاوضات فيتم الاعتراف بسلطتها فتظهر لها دولة أو إمارة إلى جوار دولة الضفة.
ومن ثم يستطرد شارحا (ص9): «إن مسألة فصل الدين عن الدولة تنطبق على الآليات والإجراءات الفنية وحسب ، ولا تنطبق بأي حال على القيمة الحاكمة والمرجعية النهائية للمجتمع والدولة.» وهو كلام خلاصته تحويل الدولة إلى موظف يعمل لدى السلطة الدينية، وبدلا من أن يصل إلى ما يسميه علمانية جزئية، يضل طريقه إلى سلطة دينية هي سلطة السلطات المطلقة، ولا يبقى سوى الفتوى مرجعا قانونيا والداعية سيدا مطلق النفوذ.
إن ما أصر عليه باستبعاد الدين من المجال العام كله ليس لمجرد المعاندة، وإنما لكي يتفرغ الدين والعلمانية كل منهما لتحقيق المراد منه لخير الناس، كل بأسلوبه وكل بطريقته، هذا عبر الروح، والآخر عبر العلم والعقل المادي، وإذا اتفقا على أن أهدافهما إسعاد البشرية، فإن الهدف إذا كان صادقا فلن يجعل أحد الطرفين يختلق المعارك والصراع ضد الطرف الآخر.
অজানা পৃষ্ঠা