الحمد لله الكريم العادل، ذي الفضل الشامل، والإحسان الكامل، محق الحق، ومبطل الباطل. أحمده على ما منحنا من التوفيق، وهدانا به إلى سواء الطريق. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من خلص له يقينه، وصح بالوحدانية مذهبه ودينه. وأشهد أن محمدا عبده الأواب، ورسوله المبن للصواب، أرسله بالآيات الباهرة، والحجج الزاهرة، والدلائل الظاهرة، ففرق بين الصحيح والسقيم، والمعوج والقوي، وهدى أمته إلى الصراط المستقيم. صلى الله عليه وعلى آله الأكرمين، وأصحابه الهداة المنتخبين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
... وبعد، فإني وقفت على جملة من مصنفات عالم معرة النعمان، أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، فوجدتها مشحونة بالفصاحة والبيان، مودعة فنونا من الفوائد الحسان، محتوية على أنواع الآداب، مشتملة من علوم العرب على الخالص واللباب؛ لا يجد الطامح فيها سقطة، ولا يدرك الكاشح فيها غلطة. ولما كانت مختصة بهذه الأوصاف، مميزة على غيرها عند أهل الإنصاف، قصده جماعة لم يعوا وعيه، وحسدوه إذ لم ينالو سعيه، فتتبعوا كتبه على وجه الانتقاد، ووجدوها خالية من الزيغ والفساد؛ فحين علموا سلامتها من العيب والشين، سلكوا فيها معه مسلك الكذب والمين، ورموه بالإلحاد والتعطيل، والعدول عن سواء السبيل. فمنهم من وضع على لسانه أقوال الملحدة، ومنهم من حمل كلامه على غير المعنى الذي قصده، لجعلوا محاسنه عيوبا، وحسناته ذنوبا، وعقله حمقا، وزهده فسقا؛ ورشقوه بأليم السهام، وأخرجوه عن الدين والإسلام؛ وحرفوا كلمه عن مواضعه، وأوقعوه في غير مواقعه.
পৃষ্ঠা ২