فتأمل سعيد في الصورة، ومرت في خاطره أفكار متضاربة، وتذكر حوادث كثيرة شبت فيها الحروب أعواما بسبب دعاة الملك المشكوك في أنسابهم. لكنه عاد إلى المهمة التي جاء من أجلها، فقص على فوزي بك نجاح الجمعية وقال: «إنها عزمت على طلب الدستور من السلطان، فرأيت أن نستشيرك في ذلك قبل الإقدام عليه، فماذا ترى؟»
قال: «أرى المبادرة إلى الطلب بلهجة شديدة، فإن السلطان ضعيف الآن وهذه فرصة لا تضيعوها.»
وكان رامز وهو يسمع الحديث ينزه نظره فيما حوله من الأشجار والرياحين، فوقع بصره على شبح بلباس النساء مر في طرف الحديقة البعيد بأسرع من لمح البصر فارتاب في أمره، لكنه رأى السؤال عنه فضولا منه فسكت. ولم تمض بضع عشرة دقيقة حتى رأى أهل القصر في هرج، وقد قامت الصيحة وتراكض الخدم نحو الحديقة، فبغت فوزي بك وصاح فيهم: «ما بالكم؟!» فتقدم إليه أحد الخدم وهو يلطم ويقول: «الطفل! الطفل!»
فقال: «ما باله؟! ماذا جرى له؟!»
قال: «لا أدري، إنه يصيح من الألم وقد ازرق بدنه وغارت عيناه!»
فركض فوزي وتبعه سعيد ورامز فسمعوا بكاء القادين قبل الوصول إلى البيت، فدخلوا الدار ودخل فوزي إلى غرفة القادين، وبعد برهة عاد وهو يحمل الطفل ميتا لا حراك به، ويكاد جلده يكون أسود، فحالما وقع نظر سعيد عليه عرف أنه مات مسموما، فقال: «ماذا أطعمتموه؟»
قالوا: «لم نطعمه شيئا.»
قال: «لا بد من أن شيئا ساما دخل جوفه. انظروا من خدعكم ...»
فالتفت الخادم إلى المرضع، فانتبهت لأمر جرى في تلك الساعة فصاحت: «ويلاه! لعل تلك الساحرة التي حنكته قد دست السم في فيه!»
فقال فوزي: «من هذه الساحرة؟!»
অজানা পৃষ্ঠা