الباب الثامن
في النفل والسلب، وأحكام الفيء والخُمس، ووجوه مصارفهما،
وتفصيل أحكام الأموال المستولى عليها من الكفار
قال الله ﷿: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنفَالُ للَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [الأنفال: ١]، وقال -تعالى-: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: ٤١]، وقال
-تعالى-: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ﴾ [الحشر: ٦]، وقال -تعالى-: ﴿مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الحشر: ٧] .
فاختلف أهل العلم في تأويل هذه الآي وأحكامها، وما عسى أن يكون فيها من نسخٍ أو حمل بعضها على بعض اختلافًا كثيرًا، نُشير منه -إن شاء الله- إلى ما هو الأظهر في حمل الخطاب عليه، والأرجح في شهادة الأدلة له، مما يكون فيه غُنيةٌ، ثم نعقِّب ذلك بالكلام على كلِّ فصلٍ من فصول هذا الباب وأحكامه، وما للعلماء في ذلك من المذاهب بحول الله.
ولنُبيِّن أولًا معنى (النَفلِ) و(الفَيءِ) على القول الأظهر الأكثر، وإن كان لهم فيه اختلافٌ يُتَعَرَّفُ عند تفصيل اختلافهم في معاني الآي وأحكامها، وبالله تعالى نستعين.
فأمّا النَّفل (١): فهو ما يُنَفِّلُهُ الإمامُ الجيشَ، أو
بعضَهم، إن رأى لذلك وجهًا،
(١) انظر: «الزاهر في غريب ألفاظ الإمام الشافعي» للأزهري (ص ١٦٨)، «تحرير ألفاظ التنبيه» (ص ٤٣)، «شرح حدود ابن عرفة» (٢٣٣)، «القاموس الفقهي» (٣٥٨)، «حلية الفقهاء» (١٦٠)، «الكليات» (٦٦٩)، «طلبة الطلبة» (١٩٦)، «المُغرب في ترتيب المُعرب» (٢/٣١٩) . والنَّفَل: بفتح الفاء.