এক শূন্য বিন্দুতে থাকা নারী
امرأة عند نقطة الصفر
জনগুলি
وعرفت أنه قواد خطير، يسيطر على عدد من المومسات وأنا منهن، وله أصدقاء في كل مكان ومن جميع المهن، ينفق عليهم بسخاء، له صديق طبيب يلجأ إليه إذا ما حملت واحدة من المومسات، وله صديق في البوليس يحميه من هجمات البوليس، وله صديق في المحاكم يعرفه ببنود القانون التي تحميه، ويطوع القانون لتبرئة أي مومس تحبس، أو دفع الغرامة في أسرع وقت؛ لتخرج المومس من السجن ولا تتعطل طويلا عن عملها وإنتاجها.
وأدركت أنني لست حرة كما تصورت، وأنني لست إلا آلة جسدية تعمل ليل نهار؛ من أجل أن يثرى بعض الرجال من مختلف المهن ثراء فاحشا. ولم أعد أملك حتى بيتي الذي دفعت فيه عرقي وجهدي. وذات يوم قلت لنفسي: لن أستمر، ووضعت في حقيبتي الصغيرة أوراقي، وكدت أخرج من الباب، لكنه ظهر أمامي على الفور، وقال: أين تذهبين؟ قلت: سأبحث عن عمل، ولا تزال معي شهادتي. قال: ومن قال: إنك لا تعملين؟ قلت: سأختار العمل الذي أريده. قال: ومن قال لك إن هناك أحدا على ظهر هذه الأرض يختار العمل الذي يريده؟! قلت: لا أريد أن يستعبدني أحد. قال: ومن قال لك أن هناك أحدا على ظهر الدنيا لا يستعبده أحد؟! الناس يا فردوس نوعان اثنان لا ثالث لهما: العبيد والسادة، قلت: فلأكن من السادة وليس من العبيد. قال: كيف تكونين من السادة يا فردوس؟ إن المرأة وحدها لا تستطيع، فما بالك إذا كنت امرأة ومومسا؟ ألا ترين أن هذا مستحيل؟ قلت: لا شيء عندي اسمه مستحيل.
حاولت أن أخرج من الباب، لكنه دفعني وأغلق الباب، ثبت عيني في عينيه وقلت له: سأخرج! قال وهو يثبت عينيه في عيني: لن تخرجي، ظلت عيناي ثابتتين في عينيه، وأدركت أنني أكرهه بمقدار ما تكره المرأة الرجل المتسلط، وبمقدار ما يكره العبد سيده، وأدركت من عينيه أنه يخاف مني بمقدار ما يخاف السيد من عبده، وبمقدار ما يخاف الرجل المتسلط من المرأة.
لكنها لم تكن إلا لحظة خاطفة، وعادت إلى عينيه نظرة الأسياد المتكبرة، ونظرة الذكور المقتحمة غير الهيابة لشيء، وأمسكت الباب لأفتحه، فرفع يده عاليا وصفعني، فرفعت يدي أعلى من يده وصفعته، ورأيت الشرر الأحمر في عينيه، وتحركت يده نحو جيبه ليخرج السكين، لكن يدي كانت أسرع من يده، وأغمدت السكين في عنقه.
وأخرجت السكين من عنقه، ثم أغمدته مرة ثانية في صدره، وأخرجته، وأغمدته في بطنه، في كل أجزاء جسمه أغمدت السكين، ودهشت لسهولة حركة يدي وهي تغمد السكين، ودهشت أكثر لأنني لم أفعلها من قبل، حاولت أن أعرف لماذا لم أفعلها من قبل، وأدركت أنني كنت أخاف، وأن الخوف لم يفارقني إلا تلك اللحظة الخاطفة التي رأيت فيها الخوف في عينيه.
وفتحت الباب وخرجت إلى الشارع، جسمي خفيف كالريشة، كأنما ثقل جسمي لم يكن إلا تراكم الخوف أعواما فوق جسدي. الليل صامت والظلام بديع، كأنما الضوء لم يكن إلا تراكم الوهم أعواما فوق عيني، النيل ساحر والهواء منعش، ورأسي مرفوع نحو السماء بكبرياء من مزق الحجب وكشف الغيب، وقدماي تمزقان الصمت بوقع ثابت متصل، ليس سريعا يتعجل شيئا أو يخاف من شيء، وليس بطيئا أيضا؛ لأنه وقع قدمي امرأة واثقة من نفسها، تعرف طريقها وتعرف هدفها، حذاؤها جلدي ثمين، له كعب عال متين، وقدماها لهما تقوس أنثوي، يرتفع إلى ساقين ممتلئتين لهما استدارة ناعمة، نزع كل ما كساهما من شعر.
لا يمكن لأحد أن يتعرف علي بسهولة؛ فأنا امرأة أشبه كل النساء الشريفات من الطبقة العليا، شعري مصفف عند حلاق متخصص في شعور نساء الطبقة العليا، وشفتاي صبغتا بلون طبيعي شريف، لا يكشف عن الخلاعة ولا يخفيها في الوقت نفسه، وعيناي رسمتا بخطوط متقنة، فيها نداء، وفيهما رفض، كزوجة أي موظف كبير في أعلى طبقة، لكن خطوتي الواثقة القوية فوق الأسفلت تدل على أنني لست زوجة لأحد.
مررت بعدد من رجال البوليس، لكن أحدا منهم لم يتعرف علي، ربما ظنوا أنني إحدى الأميرات أو الملكات أو الإلهات؛ فمن هذه التي يمكن أن ترفع رأسها في السماء على هذا النحو؟ ومن هذه التي يمكن أن يكون لوقع حذائها فوق الأسفلت هذا الوقع! وظلوا ينظرون إلي، وكان علي أن أرفع رأسي عاليا وأرتفع عن حياتهم العادية، أن أحتفظ بهدوئي وبرودي، أن أسير بخطوة قوية ثابتة لا تتعثر، إنهم ينتظرون حتى تتعثر الواحدة منا فينقضوا عليها.
وعند ثنية الشارع رأيت السيارة الفاخرة، يطل منها رأس رجل ملهوف، فتح باب السيارة وقال: تعالي معي. قلت: لا. قال: سأدفع ما تطلبين. قلت: لا. قال: صدقيني، سأدفع ما تطلبين. قلت: لا. قال: صدقيني، سأدفع ألفا. قلت: لا. قال: ألفين، ثبت عيني في عينيه، وعرفت من الذعر الكامن في قاع عينيه أنه أحد الأمراء أو الحكام، فقلت له: ثلاثة آلاف. قال: أوافق.
في الفراش الوثير، أغمضت عيني وانفصل عني جسدي، جسد لا زال شابا ولا زال قويا، قادرا على الانسحاب والمقاومة. وأحسست بالجسد الثقيل فوق صدري، مثقلا بسنين طويلة لا أعرف عددها، متخما بعرق مختزن، وشبع مستمر يزيد عن الحاجة ويزيد عن النهم، وفي كل حركة يسألني بغباء؟ أتشعرين بلذة؟ وأغمض عيني وأقول: نعم. فيبتهج بسعادة غبية، ويسألني مرة أخرى، فأقول: نعم. ويصدقني بغباء أشد، ويبتهج مرة أخرى، ويعاود الغباء، في كل مرة أقول: نعم، أحس بالثقل مرة أخرى فوق صدري، وحينما هم بأن يسألني مرة أخرى، انفجرت بالغضب وقلت: لا. وحينما هم بأن يناولني الأوراق المالية، كنت لا أزال غاضبة؛ فانقضضت على الأوراق أمزقها ورقة ورقة.
অজানা পৃষ্ঠা