أولًا: عموم النص الشرعي في المكلفين، وهذا لا يجوز تخصيصه بالتعليل بل يكاد يكون ذلك كفرًا.
ثانيًا: عمومه في الأزمنة.
ثالثًا: عمومه في الأمكنة.
رابعًا: عمومه في الأحوال.
وهذه العمومات الثلاث يجوز تخصيصها بالتعليل بشرطين:
الأول: أن يكون التعليل في ذاته صحيحًا.
والثاني: أن يكون النص معلّلًا بعلة واحدة فقط، حتى يلزم من ارتفاعها ارتفاع الحكم، وإلا فلو وُجدت علة أخرى لثبت الحكم بها.
وكلام ابن تيمية هذا لا غبار عليه.
ثم إنه ﵀ تعرض في موضع آخر من كتاب النسخ لمسألة نسخ النص الشرعي بالعلة المستفادة منه، وفرق بينها، وبين تخصيص العموم الزماني للنص بالعلة، فمنع من النسخ بالعلة وفصّل في التخصيص بها بالنظر إلى نوع الخطاب.
قال ﵀: «ما حَكَمَ به الشارع مطلقًا أو في أعيان معينة فهل يجوز تعليله بعلة مختصة بذلك الوقت بحيث يزول ذلك الحكم زولًا مطلقًا؟ قد ذهب الحنفية والمالكية [في بعض الفروع الفقهية] إلى جواز ذلك». قال: «وهذا عندي اصطلام للدين، ونسخ للشريعة بالرأي، ومآله إلى انحلال من بعد الرسول ﷺ عن شرعه بالرأي، فإنه لا معنى للنسخ إلا اختصاص كل زمان بشريعة، فإذا جُوِّز هذا بالرأي، نسخ بالرأي، وأما أصحابنا وأصحاب الشافعي فيمنعون ذلك ولا يرفعون الحكم المشروع بخطاب إلا بخطاب».