119

خلوا عن الماء. فقال أبو الأعور: أما والله قبل أن تأخذنا وإياكم السيوف فلا.

فقال الأشعث: أظنها والله قد دنت منا ومنكم. قال: وبعث الأشعث إلى الأشتر أن أقحم الخيل، فأقحمها الأشتر، حتى وضع سنابكها في الفرات، وحمل الأشتر في الرجالة، فأخذت القوم السيوف فانكشف أبو الأعور وأصحابه، وبعث الأشتر إلى علي: هلم يا أمير المؤمنين، قد غلب الله لك على الماء، فلما غلب أهل العراق على الماء ، شمت عمرو بن العاص بمعاوية، وقال: يا معاوية، ما ظنك إن منعك علي الماء اليوم كما منعته أمس؟أتراك ضاربهم كما ضربوك؟فقال:

دع ما مضى عنك فإن عليا لا يستحل منك ما استحللت منه، وإن الذي جاء له غير الماء[ (1) ].

دعاء علي معاوية إلى البراز

قال: وذكروا أن الناس مكثوا بصفين أربعين ليلة: يغدون إلى القتال ويروحون، فأما القتال الذي كان فيه الفناء فثلاثة أيام[ (2) ]. فلما رأى علي كثرة القتال والقتل في الناس، برز يوما من الأيام ومعاوية فوق التل، فنادى بأعلى صوته: يا معاوية فأجابه فقال: ما تشاء يا أبا الحسن؟قال علي: علام يقتتل الناس ويذهبون؟على ملك إن نلته كان لك دونهم؟وإن نلته أنا كان لي دونهم؟ أبرز إلي ودع الناس، فيكون الأمر لمن غلب. قال عمرو بن العاص: أنصفك الرجل يا معاوية. فضحك معاوية وقال: طمعت فيها يا عمرو[ (3) ]، فقال عمرو:

والله ما أراه يجمل بك إلا أن تبارزه. فقال معاوية: ما أراك إلا مازحا، نلقاه بجمعنا.

[ (1) ]وفي ذلك يقول النجاشي:

كشف الأشعث عنا # كربة الموت عيانا

ويقول عمرو بن العاص شامتا بمعاوية:

أمرتك أمرا ففسخته # لرأي رأى ابن أبي سرحة...

وقد شرب القوم ماء الفرات # وقلدك الأشعث الفضحة

[ (2) ]وهي: الوقعة المعروفة بوقعة الخميس (وقعة صفين ص 362) وليلة الهرير (وقعة صفين ص 475) .

ويوم الهرير وهو اليوم الأعظم في معركة صفين (وقعة صفين ص 479) .

[ (3) ]والله يا عمرو إن تريد إلا أن أقتل فتصيب الخلافة بعدي، اذهب إليك، فليس مثلي يخدع.

(وقعة صفين ص 316 و388) .

পৃষ্ঠা ১২৬