قيل لهم: لأنه لو كانت معادن مختلفة لم يجز أن يكون الأمر إلا بالشورى. ولا تجوز الشورى إلا في القبائل التي تجوز لهم الإمامة. فإذا ذهبوا إلى أن يجمعوا أهل الشورى من كل قبيلة، لم يجز إلا أن يختاروا من أهل الاسلام جميعا، وإذا كان ذلك لم يجز إلا جمعهم من الآفاق كلها جميعا، مع أنه لا يكون ذلك إلا برضاهم جميعا، ولو جاز اجتماعهم اختلفت هممهم أن يكون الأمر فيهم. وفي اختلاف هممهم ومشاورتهم منازعة، لأن كل قوم يقولون: لهم فضل الإمامة؛ لأن البنية على هذا. فإذا وقعت المنازعة وقعت الفتنة، وإذا وقعت الفتنة وقع الحرب، وإذا كان ذلك تفانوا. فإذا ما وقعوا فيه من الشر والفساد أعظم مما طلبوا من الصلاح في طلب الإمامة، ولم يكن الله تبارك وتعالى يفرض عليهم فريضة يريد بها صلاح عباده، فتكون تلك الفريضة عليهم وبالا وهلاكا وفسادا. مع ما يدخل من النقص في التوحيد والرسالة، فمن قبل ذلك قلنا: لا يجوز إلا أن تكون في مكان معروف.
فإن قال قائل: إنما جعل الله الإمامة في قريش وهي معروفة، فما دليلكم في الموضع الذي تدعون ؟
قيل لهم: لأنكم إذا ادعيتم أنها في قريش دون غيرها كانت الحجة لنا عليكم، ولقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا غيرها. فإن كان ما قلتم حقا فنحن أولى بما ادعينا من القرابة؛ لأنهم أقرب برسول الله من موضعكم الذي ادعيتم وأبين فضلا.
পৃষ্ঠা ১০৭