7
الجميلة الخدين، الأبواب، وكانت ابنة «كيسيوس»، وزوجة «أنتينور» مستأنس الخيول؛ إذ كان الطرواديون قد جعلوها كاهنة أثينا. ثم رفع الجميع أيديهن لأثينا، صارخات صرخات مقدسة، وأخذت «ثيانو» الفاتنة الوجنتين الرداء ووضعته فوق ركبتي أثينا ذات الشعر الجميل، وبالنذور صلت لابنة زوس العظيم، قائلة: «أيتها السيدة أثينا، يا حارسة مدينتنا، وأعظم الربات فتنة وإغراء، نتضرع إليك أن تحطمي الآن رمح ديوميديس، وتجعليه يسقط هو نفسه حالا أمام الأبواب السكابية، وعندئذ نذبح لك فورا، في معبدك، اثنتي عشرة بقرة بكرا، لم تعرف المنخس بعد، لو أنك رحمت طروادة وزوجات الطرواديين وأطفالهم الصغار.» هكذا قالت في صلاتها، غير أن أثينا لم تقبل الصلاة!
ومضى هكتور في طريقه إلى قصر ألكساندر، ذلك القصر الجميل الذي شيده ألكساندر نفسه بواسطة أبرع من كان في طروادة حينذاك من البنائين. فبنى له هؤلاء حجرة وبهوا وفناء بالقرب من قصور بريام وهكتور في القلعة. فدخل هكتور، العزيز على زوس، يمسك في يده رمحا طوله أحد عشر ذراعا، تتألق أمامه سن الرمح البرونزية المحوطة بحلقة من الذهب. فوجد باريس في حجرته مشغولا بأسلحته الرائعة، ترسه ودرقته، وممسكا بقوسه المعقوفة، بينما كانت هيلينا الأرجوسية جالسة وسط خادماتها تحدد لهن أعمالهن اليدوية، فلما رآه هكتور وبخه بعبارات الخزي، قائلا: «أيها الرجل الغريب الأطوار إنك لا تحسن صنعا بتنمية هذا الغضب في قلبك. إن قومك يهلكون في المعارك حول المدينة والسور المرتفع، وبسببك تشتد صيحة القتال وتستعر نار الحرب حول هذه المدينة، فلا يحق لك أن تغضب على أي شخص آخر، تراه بمحض المصادفة محجما عن الحرب البغيضة. كلا، انهض إذن، حتى لا تشتعل المدينة بسرعة بالنيران المحرقة.»
فرد عليه ألكساندر، شبيه الإله، بقوله: «أي هكتور، إنك توبخني بحق، وليس بدون حق؛ لذلك سأوضح الأمر لك، وأرجو أن تفكر وتعيرني أذنا صاغية، إني لم ألزم غرفتي بسبب غضبي أو حنقي على الطرواديين، ولكني كنت قد عزمت على الاستسلام للكمد. وحتى زوجتي كانت الآن تسعى إلى تهدئة روعي برقيق الألفاظ، وراحت تحثني على الحرب، وأعتقد أنا شخصيا أن هذا سيكون أفضل أن ينتقل النصر من رجل إلى رجل. تعال الآن. وانتظر قليلا، دعني ألبس عدة القتال، أو انصرف إلى حال سبيلك، وسوف أتبعك، وأعتقد أنني سألحق بك.»
هكذا قال، ولكن هكتور ذا الخوذة البراقة لم يرد عليه ببنت شفة، وإنما تحدثت إليه هيلينا بألفاظ رقيقة، قائلة: «أي أخي، يا أخا الكلبة، المدبرة للأذى والممقوتة من الجميع. كم كنت أتمنى يوم ولدتني أمي، بادئ ذي بدء، لو قد حملتني ريح عاتية شريرة وذهبت بي بعيدا إلى جبل ما ، أو إلى لجج البحر الشاهقة الصاخبة إذ كان في مكنة الأمواج أن تجرفني بعيدا، وألا تكون هذه الأمور قد حدثت. وبما أن الآلهة قد رتبت هذه الشرور بتلك الكيفية، فليتني كنت زوجة رجل أفضل، يستطيع أن يشعر بسخط أتباعه وسبابهم الكثير، ولكن إدراك هذا الرجل ليس بثابت الآن، ولن يصير ثابتا أبدا فيما بعد. وإنني لأعتقد أنه سوف يلقى جزاء رخاوته. تعال الآن، وادخل، واجلس فوق هذا المقعد، يا أخي، ما دام القلق قد استولى على جنانك أكثر من أي فرد آخر، بسببي أنا السيدة العديمة الخجل، وبسبب حماقة ألكساندر، الذي جلب عليه زوس مصيرا شريرا، حتى إن من سيأتون بعدنا من البشر سوف يتغنون بذكرنا في المستقبل.»
فرد عليها هكتور العظيم ذو الخوذة البراقة قائلا: «لا تأمريني بالجلوس يا هيلينا، فبرغم كل حبك لي لا يمكن أن تؤثري علي. وإن قلبي لتواق إلى إسداء المعونة للطرواديين الذين يتلهفون على وجودي بينهم، أنا البعيد عنهم، هيا، وحثي هذا الرجل، ودعيه يسرع بالنهوض، حتى يلحق بي وأنا لا أزال داخل المدينة؛ لأنني سأذهب إلى داري لأرى أهل بيتي، زوجتي العزيزة، وولدي الرضيع، فلا أدري ما إذا كنت سأعود مرة أخرى إليهم، أم أن الآلهة ستقتلني على أيدي الآخيين.»
حديث هكتور وأندروماخي
ما إن قال هكتور، ذو الخوذة البراقة، هذا، حتى انصرف، ولم يلبث أن بلغ منزله المتين البناء، ولكنه لم يجد «أندروماخي» - أندروماك - الناصعة الذراعين في أبهاء داره، إذ كانت تقف مع طفلها تبكي وتنتحب بجوار الحائط، ومعها أمة جميلة الهندام.
فلما لم يجد هكتور زوجته الفريدة في البيت، خرج إلى عتبة الدار وخاطب خادماته بقوله: «هيا، أيتها الإماء، ولتقلن الحق: إلى أين غادرت القصر أندروماخي البيضاء الساعدين؟ هل ذهبت إلى منزل إحدى شقيقاتي أو زوجات إخوتي الجميلات الثياب. أم تراها انطلقت إلى معبد أثينا حيث تهرع سيدات طروادة الأخريات، ذوات الغدائر الجميلة، لاسترضاء الربة المرهوبة؟»
فأجابته خادمة نشطة، على الفور: «بما أنك تلح علينا يا هكتور في أن نصدقك الخبر ، فإن زوجتك لم تذهب إلى أي من شقيقاتك، ولا إلى زوجات إخوتك ذوات الملابس الفاخرة، ولا حتى إلى معبد أثينا الذي تسعى إليه السيدات الطرواديات الأخريات ، الجميلات الغدائر، ليسترضين الربة المرهوبة، وإنما ذهبت إلى سور طروادة العظيم؛ لأنها علمت أن الطرواديين قد ضيق عليهم الخناق، وأن الآخيين على وشك الحصول على نصر عظيم؛ لهذا أسرعت هي إلى الحائط كمن فقدت وعيها، ومعها المربية تحمل لها طفلها.»
অজানা পৃষ্ঠা