جلس حزينا وقد تلاشت الفرحة من عينيه وقال: أنا مافكرتش فيها كده، أنا فكرت إنها هتبقى مفاجأة حلوة لكي. - عشان تبقى مفاجأة حلوة لازم نكون اتكلمنا فيها، وتعرف أنا بحلم بالسفر بره ولا لأ. - قصدك إنك مش عاوزة تسافري معايا؟ ولا ألغي السفر من أساسه؟ - مش عارفة، بس هي زي ما قلت مفاجأة فعلا، وسيبني أفكر بهدوء. - بس أنا حجزت التذاكر كمان 10 أيام. - ما تضغطش علي من فضلك. - خلاص براحتك.
لأول مرة أراه حائرا ومنكسرا وليس قويا كما اعتدته، هل حقا يهتم لغضبي لتلك الدرجة؟ هل سيفتقدني إن سافر بمفرده؟ هل سأقوى على الحياة بدونه أو بعيدا عن أهلي؟ ومن الواضح أنها الفرصة التي يحلم بها، لكني لا أستطيع العيش بعيدا عن أهلي وخاصة أمي التي كبرت وتحتاجنا بجوارها، أنا حائرة لا أدري أيهم أختار. كان اليوم التالي هو يوم الجمعة حيث نجتمع على الغداء عند أمي، فذهبت مع نادر الذي ظل صامتا طوال الطريق وبعد أن تناول الغداء استأذن بحجة متابعة حالة في المستشفى، وبعد أن غادر قالت أمي: جوزك ماله! إنتم متخانقين؟ - لا يا ماما، أنا هاحكيلكم وانتم احكموا.
وبدأت في سرد ما حدث، فقالت لي أمي: يا بنتي أنا زمان غلطت لما فضلت عيلتي على جوزي، وكانت النتيجة إني خسرته وعشت بطولي شايلة حمل تقيل لوحدي، ما تغلطيش غلطتي وتضيعي راجل بيحبك.
وقالت هدى زوجة أخي التي نادرا ما تتدخل في الحديث: بصي يا نهلة، بلدك مكان ما يكون جوزك، لكن دا ما يمنعش إنك تبري أهلك وتنزلي لهم في الإجازات مثلا.
فقال سليم: سافري، ولو تعبتي هناك ابعتيلي، وساعتها أبعتلك تذكرة سفر تقعدي لحد ما ترتاحي وبعدين ترجعي لجوزك.
ثم قالت سلوى: وأنا أخلي جوزي يجيبلك تخفيض على التذاكر، وبعدين النت قرب الدنيا من بعضها، دا جوزي طول ما هو مسافر بافضل أكلمه فيديو لحد ما يرجع.
ضحك سليم وقال: إنتي فظيعة، سيبيه يتنفس. - أبدا، هافضل كاتمة على نفسه لآخر لحظة.
ضحكنا كلنا وقالت أمي: سافري مع جوزك يا حبيبتي، وماتخافيش أخوكي وأختك معايا.
عدت لبيتي مبكرا لأصالح نادر وأبشره بموافقتي وأنا سعيدة أني توصلت لحل سيسعدنا معا، وبمجرد أن فتحت باب الشقة وجدت نور غرفة نومي مضاء، فارتجفت بشدة فقد استعدت نفس مشهد خيانة عصام، مما جعلني أتسمر مكاني ولا أقوى على الحركة لمدة دقيقة، وتجمعت الدموع في مقلتي، ودعوت الله ألا يتكرر ذلك المشهد مرة أخرى، فأنا لن أحتمل تلك المرة مرارة الغدر، استجمعت نفسي، وأنا أشعر بثقل جسمي وتحركت صوب حجرتي، ومع خفقات قلبي المجنونة صار جسدي يرتجف بشدة، وفتحت الباب ففوجئت بمشهد لم أتخيله، فنادر ساجد يصلي ويبكي وهو يقول بصوت مرتفع من خلال دموعه: يا رب زي ما رزقتني بيها وزرعت حبها في قلبي وأسعدتني بيها، ماتحرمنيش منها، يا رب لو سفري هيتعسها أو هيبعدها عني هاتخلى عنه وعن حلمي، بس خليها تفضل معايا ماتسيبنيش يا رب، أنت وحدك عارف أنا اتعذبت أد إيه وهي الوحيدة اللي قدرت تعوضني عن كل اللي فات، فما تحرمنيش منها. يا رب واجمعنا على حبك وطاعتك.
لم أستطع منع دموعي ولا شهقاتي، فسقطت على الأرض جالسة وجسدي كله يرتجف، فختم نادر صلاته وأسرع إلي وضمني لصدره وقال بلهفة: نهلة مالك؟ - أنا كويسة، أنا بس مش مصدقة إن ربنا عوضني بيك، وعمري ما تخيلت إنك بتحبني كده. - أنا ما باعرفش أقول كلام حلو، وده عيب في، لكن على استعداد أعمل أي حاجة ترضيكي. - أنا أكتر حاجة ترضيني إني أكون جنبك لآخر عمري.
অজানা পৃষ্ঠা