فقال إيهاب: لا شكر على واجب، وما تخافيش إن شاء الله خير.
انصرفت والأفكار تصارعني وتزيد من وطأة الصداع وعدت للبيت، واتصلت بي مسئولة التوظيف في الشركة التي قبلتني للعمل بها، فاعتذرت لها عن العمل لظروف صحية، وقلت لنفسي أنا لا أعلم ماذا تدخر لي الأقدار. نمت قليلا وبعد الظهر اتصلت بسليم وحكيت له كل ما حدث فطمأنني، عرفت بعد ذلك أنه اتصل بنادر ليتأكد من كل ما قلته، وهو مفزوع من فكرة فقدي، فطمأنه نادر وطلب منه أن يأتي لمقابلة والدتي في وجوده؛ ليشرح لها حالتي حتى نبدأ رحلة العلاج.
جاء نادر وجلس مع والدتي وقال لها إن هناك تجمعا دمويا في رأسي بسبب وقوعي، وإنه يجب إزالته حتى لا يتحول لورم، فوافقت والدتي على الفور وقالت له: اللي تشوفوه صح اعملوه، المهم بنتي تعيش سليمة.
بدأنا الإجراءات والتحضير للعملية وأنا لا أشعر بالخوف، بل بالطمأنينة لأني على يقين بأن الله لن يفعل لي سوى ما فيه الخير لنا جميعا، كما أني لست راغبة في الحياة بقوة، بل أعيشها لأنها مفروضة علي. دخلت المستشفى ومر علي الطبيب الكبير الذي سيجري لي العملية وقال مازحا: ماتخافيش، إيدي خفيفة مش هتحسي بيها. - مش خايفة، بس أهم حاجة تسيبولي عقلي سليم وحتة واحدة.
فضحك، وبعد أن تابع كل التحاليل واطمأن على مؤشراتي الحيوية انصرف، وفي الصباح جاء نادر وقال مبتسما: جاهزة؟ - لما أشوف سليم هابقى جاهزة.
عندها دخل سليم واحتضنني وقال: متخافيش أنا معاكي ومش هاسيبك. - وده اللي مطمني.
ثم قال لنادر: حافظ على دمي اللي عندها، ولو احتجت تاني أنا موجود. - ماما فين؟ - مارضيتش أجيبها ولا قلت لها على الميعاد، هي وسلوى فاكرين العملية بكرة، وماما عمالة تدعي لك.
فقال نادر: كفاية عواطف، وسيبنا نشوف شغلنا.
دخلت غرفة العمليات وقال لي طبيب التخدير: عدي لحد 10. - لا، أنا هاقرأ قرآن، ولما تلاقيني لخبطت اعرف أني اتخدرت.
ذهبت في عالم آخر، ورأيت أبي يبتسم لي ويضمني بشوق وأنا سعيدة بين أحضانه، ثم رأيت من بعيد طفلا صغيرا يبتسم لي ويمد لي يده، لكن أبي قال لي: دا مش وقتك، ارجعي لأمك يا حبيبتي.
অজানা পৃষ্ঠা