94

وما قوله الأخير: «أو لم يقصد منه شيء » إلا تمحل ليجد لكلام القوم محملا، ألا تراه يختتم كلامه بقوله: «ولعل هذا الأخير محمل كلامهم»؟

الصرف

التنوين الذي يلحق الاسم المعرب يسمى صرفا، والاسم المنون مصروفا أو منصرفا، وهذا التنوين يعده النحاة دليلا على تمكن الاسم في باب الاسمية تمام التمكن؛ وذلك أنهم قسموا الاسم إلى ثلاثة أقسام: (أ)

اسم غير متمكن، وهو الذي أشبه الحرف فبني. (ب)

ومتمكن غير أمكن، وهو الذي أشبه الفعل فمنع من الصرف. (ج)

ومتمكن أمكن، وهو الذي خلص من شبه الحرف، وخلص من شبه الفعل، واستوفى حقوق الاسم فأعرب ونون.

فالأصل عند النحاة أن التنوين حق كل اسم معرب، وأن معناه الدلالة على تمكن الاسم في بابه كل التمكن، وأنه لا يمنع منه، حتى يتحقق فيه شبه الفعل بأوجه من الشبه، بينوها وسموها «موانع الصرف».

ومن قبل أن نناقش رأي النحاة في هذا، نشير إلى الأصل الذي رأينا؛ ليتمثل لك الرأيان إجمالا، ثم نأخذ معا في درس المذهبين ومناقشتهما.

والقاعدة التي نضعها لهذا الباب مستمدة من الأصل الذي قررنا في بحثنا هذا، وهو أن العرب تدل بهذه الخواص على معان يقصدون إليها في الكلام، فللتنوين معنى يجب أن نتبينه.

ومعنى التنوين غير خفي، فهو علامة التنكير، وقد وضعت العرب للتعريف أداة تدخل أول الاسم، هي «ال»، وجعلت للتنكير علامة تلحقه، وهي التنوين. وسترى اطراد هذا الحكم وتحققه فيما ينصرف من الأسماء وما لا ينصرف، وسيكون أوسع شقة للخلاف بيننا وبين النحاة في «العلم»؛ فهم يرون أن حقه التنوين وأنه لا يحرمه، حتى تتحقق فيه علتان من موانع الصرف، ونرى أنه لا ينون كما لا ينون غيره من المعارف، ولا يدخله علم التنكير حتى يكون فيه نصيب من معنى التنكير، كما سترى.

অজানা পৃষ্ঠা