هذا باب الإضافة، وهي في الكلام على ضربين: فمن المضاف إليه ما تضيف إليه بحرف جر، ومنه ما تضيف إليه اسما مثله، فأما حروف الجر التي تضاف بها الأسماء والأفعال إلى ما بعدها فمن وإلى ... إلخ.
12
هذه عبارات المتقدمين من أئمة النحاة، ومن محققي المتأخرين من اتبعهم، كالإمام ابن الحاجب، ونص عبارته:
13 «والمجرورات هو ما اشتمل على علم المضاف إليه، والمضاف إليه كل اسم نسب إليه شيء بواسطة حرف جر لفظا، أو تقديرا مرادا.» ا.ه. قال شارحه المحقق الرضي: «بني الأمر أولا على أن المجرور بحرف جر ظاهر مضاف إليه، وقد سماه سيبويه أيضا مضافا إليه، ولكنه خلاف ما هو المشهور الآن من اصطلاح القوم، فإنه إذا أطلق لفظ المضاف إليه أريد به ما انجر بإضافة اسم إليه بحذف التنوين من الأول للإضافة، وأما من حيث اللغة فلا شك أن زيدا في مررت بزيد مضاف إليه، إذا أضيف إليه المرور بواسطة حرف الجر.» ا.ه.
وقد أطلنا بما نقلنا من النصوص لنقرر بلسان المتقدمين أن الكسرة علم الإضافة، وأن موضعها هو المضاف إليه مهما اختلفت وسيلة الإضافة.
ولعلك ترى في ثبوت هذا الأصل وتقرير الأئمة له ما يعود بحظ من التأييد على الأصل الذي قررناه في الفصل السابق، فإن الكسرة إذا كانت علما على معنى في تأليف الكلام وهو «الإضافة» كان من المساير لهذا والمنسجم معه أن تكون الضمة علما أيضا على معنى في الكلام كما بينا من قبل، فهو سبيل من التفكير يشد لاحقه سابقه، وينسجم أوله وآخره.
وبعد، فاعلم أن باب الإضافة في العربية من أكثر الأبواب شيوعا في الكلام، وأسيرها على الألسن، حتى في عصرنا هذا، وتستطيع أن تختبره فيما تقرأ وفيما تكتب، ولقد تحريت هذا كثير من الصحف، وأقلام الكتاب المعاصرين، فإذا الإضافة من أشيع أساليبهم في البيان، ومن أكثر الأصول النحوية جريا على الأقلام.
والعرب يضيفون لبيان الفاعل «خلق الله»، ولبيان المفعول «خلق السماوات»، وللمكان «ظباء وجرة» و«أسد بيشة»، وللزمان «برد الشتاء» و«مكر الليل»، ولبيان الموصوف «حسن الوجه» و«طلق اللسان»، ولبيان الصفة «يمين صدق» و«كلمة الحق»، وغير هذا من الأساليب المتسعة الكثيرة. ويستعملونها في التفضيل «أعلم القوم» و«أخصب الأرض» و«فتى الفتيان»، ويضيفون لأدنى ملابسة - كما يقول النحاة - «لثلاث ليال وأيامها» و«وعاد وثمودها».
وقد تكون الإضافة أسلوبا للبيان؛ كبنات الشوق، وبنات الدهر، وأخو الصدق، وأخو الأنصار؛ أي أحدهم.
ويضيفون إلى الكلمتين: «غلام عبد الله»، ويضيفون الكلمتين؛ كعبد شمسكم. ومن قول سيبويه: «ألا ترى أنك تقول: «هذا حب رمان»؛ فإذا كان لك قلت: «هذا حب رماني»، فأضفت الرمان إليك وليس لك الرمان، وإنما لك الحب.» ا.ه.
অজানা পৃষ্ঠা