وقال أنه قال هنا: ومراصد الأهواء المضلة، فاسند الإضلال إلى الأهواء، وهو في قواعد مذهبه أن المضل حقيقة هو الباري سبحانه وتعالى، وحينئذ فكون الأهواء مضلة مجاز يحتاج إلى علاقة، وما أراه بقدر على تصحيح العلاقة بناء على مذهبه في أن الله خالق أعمال العباد أعم من أفعال الجوارح وأفعال القلوب كالهوى والغرض النفسي، وأنه سبحانه يضل عباده ابتداء بلا سبب ولا علة، بل ليس في الوجود عندهم سبب وعلة حقيقية إلا أنه كما يصرح المعترض فيما سيأتي إن شاء الله تعالى من الكلام على صفاف المعاني فتأمل.
وأما قوله: وتحقيق المقاصد، فيحتمل الإشارة إلى المدح، ويحتمل الذم لمقاصد سعد الدين التفتازاني، ومن تعرض في كلامه للطائف وطبعه أجنبي عنها كبعض الأكراد فلا يكاد يسلم كلامه من الفساد.
ألا ترى إلى ما في قوله: بيت العقائد من السماحة، وهذه الألفاظ التي وجه بها غير خاف تنافي بعضها، فلا تطول ببيانه بلا حاجة.
ومنها: أي تلك الأشياء التي في خطبته ما في قوله: هو الله خالق كل شيء عامل وعمل علوي وسفلي، هابط وصاعد، فإنه ذهاب منه إلى قاعدتهم في الجبر وبنائهم على أن الله تعالى خالق لأعمال العباد كلها، سواء كانت من أعمال الملائكة العلويين أو من أعمال الشياطين أو أعمال بني آدم وسائر الحيوانات السفليين، لكن لا يخفى فساد هذا التعميم الذي في كلامه من وجوه:
الأول: أنه تعميم مبني على أن قول الله تعالى: {وخلق كل شيء} وقوله تعالى {الله خالق كل شيء} وأمثالهما من العمومات التي اعترف رءوساء الأشاعرة وأكابر الماتريدية بضعف تمسكهم بها متناولة لأعمال العباد، وهذا ميل منه إلى إثبات مسألة من المسائل العلمية بالعمومات الظنية، بل ليست من الظن في شيء كما اعترفوا به، وسيجيء نقله إن شاء الله تعالى.
পৃষ্ঠা ২১