أجابوهم: بأن المنع من ذلك مبني على مذهبكم في الحسن والقبح ونحن لا نقول به، وهذا أيضا رفض منهم لدعواهم أن الثواب والعقاب آجلا داخلان في المعنى المتنازع فيه كما مر، ورفض أيضا لدعواهم أنهم لا ينفون حكم العقل ولا يتهمونه في النقص والكمال فكلام إمام الحرمين وصاحب التلخيص وصاحب المواقف قد وقع على المفصل،....... وأن أبا سعد الدين إنما هي غلفة منه كما مر، لكنها غفلة تقبح من مثله لظهور أمر وإنكشافه لكل ناظر حتى السعد نفسه فإنه قد حام على ذلك في التلويح كما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى، فلا أدري كيف غفل هذا.
فإن قيل: سلمنا أن الأشاعرة يتهمون العقول في التحسين والتقبيح وصفتي الكمال والنقص، أن مرجعهما إلى التحسين والتقبيح، كما اعترف به هؤلاء الذين هم إمام الحرمين، وصاحب تلخيص المحصل، وصاحب المواقف وشارحه، لكن اتهام العقل في الحكم ..... كالتحسين والتقبيح لا يستلزم اتهامه في الحكم الكلي أي كل أحكامه لا بد لذلك من دليل، فمن أين قلت: أنهم متهمون للعقول في جميع أحكامنا كما مر.
قلنا: المعلوم أنهم لا تهمون العقول في مثل التماثل والتخالف، والعلم والجهل، والإحسان، والإساءة، وغير ذلك مما تدركه العقول والحكم به جزما، ولا تتعلق بها التهمة بدون خلاف منهم.
قلت: هذا سؤال سيأتي لنا جواب، لكنا نقدم إشارات منه هنا، ونود تفصيله لموضعه الآتي إن شاء الله تعالى.
فنقول: قد عرفت أنه لا حكم لاو شهادة لمتهم، فاتهام العقول في أحكامه بالحسن والقبح كشهادتها بذلك اتهام لها في جميع أحكامها.
أما أولا: فلأن تعيين أحكام الحسن والقبح.......بالضرورة، وقد اعترف الرزاي بذلك حتى قال في النهاية: أنهم لا ينازعون في أن الناس يستحسنون بعقولهم، ويستحسنون أمورا أخرى.
পৃষ্ঠা ১৫৬