وأنت خبير بأن لفظ الإبانة في قوله: أبان مشعر بثبوت الحكم في نفسه ومغايرته للمبيبن به الذي هو القرآن، إذ المعنى أنه إنما أبانه بالقرآن وكشف جلبابه حتى ظهر وبان، ولا بد من مغاير للمبين والمبين وهذا لا يطابق مذهب الأشاعرة، ومن كابدهم كالمعترض بل يناقضه، فإن الحكم عندهم عبارة عن خطاب الشارع، وكيف يكون خطاب الشارع مبينا للحكم وهو نفس الحكم، فيلزم منه إبانة الشيء لنفسه وهذا ظاهر البطلان بدون تصور نزاع، وقد وقع المعترض فيما هو أشد من هذا وأصح منه، حيث قال: فيما سيأتي إن شاء الله تعالى في مسألة القرآن ما نصه: فتعلق الأمر بما علمه تعالى حسنا بشروطه، وتعلق النهي بما علمه قبيحا بشروطه...إلى آخر كلامه، وهو صريح في تقبل الأمر والنهي متعلقين بالحكم المعلوم له معاني الموصوف بالحسن والقبح، فلا يكون شيء منهما نفس الحكم، بل لا بد من المغايرة بالذات ضرورة، وهذا مناقض لمذهب الأشاعرة، وعلى مذهب العدلية.
وبهذا يندفع ما يقال أنه قد أراد المجاز، حيث جعل القرآن مبينا للحكم أو مبينا به الحكم، مع أنه عندهم نفس الحكم، وأن المغايرة بالاعتبار تكفي، ولما كان مندفعا؛ لأن هذا التصريح الذي صرح به في مسألة القرآن يأبى هذا التوجيه المذكور كما أنه يناقض مذهبهم المشهور.
পৃষ্ঠা ১৩