أو إلى مجرد الاستعراض (Revue)
الذي لا روح له من الفن الحقيقي. وقد دلت الخبرة على أنه كلما قلت المبالغة بالزخرفة استطاع الجمهور أن يلتفت إلى موضوع القصة، وأن يتذوق بلذة معانيها الأدبية وتعابيرها الموسيقية بل وحدتها الفنية الكاملة، وهذا ما نزعت إليه في هذه الأوپرا وإن ترك فيها مجال كاف لإخراج مناظر شائقة ومؤثرة، وأرجو أن أكون قد هيأت بذلك سببا آخر قويا من أسباب نجاحها.
التمثيل والتلحين
التمثيل للأوپرا (ويشمل الغناء) والتلحين (الذي هو إمام الموسيقى والمغني الممثل) خارجان بطبيعة الحال عن دائرة نفوذ المؤلف، اللهم إلا من قبيل الإرشاد العام. ولعلي بما قدمت من تعابير شعرية منظومة متنوعة الأوزان، وبما ذكرته من الإرشاد التمثيلي قد نقلت إلى الملحن العواطف الجياشة في نفسي حينما تخيلت هذه القصة ونظمتها، كما أرجو أن يكون منها المعين أيضا للمغني الممثل، وكذلك أن تكون في هذه النظرات والملاحظات فائدة ذهنية تساعد على إخراج الأوپرا بحماسة فنية وتقدير صحيح، ولن يكون ذلك ما لم يعرف أهل المسرح حق المعرفة مغزى الأوپرا ومرماها، وما لم تتسع معارفهم بتاريخ الأوپرا ونهضتها وبالواجب القومي المنشود منهم في هذا المجال؛ ولهذا لم أدخر وسعا في إنشاء هذا البحث النقدي ليكون جامعا أقصى المستطاع - في الفراغ المتيسر - للضروري من معلومات عن الأوپرا مما هي خليقة بعناية الأدباء وأهل التمثيل معا. ولفرقنا مديروها الغنيون الذين بخبرتهم الطويلة واطلاعهم المستمر على المؤلفات الغربية النقدية يستطيعون أن يخدموا تمثيل الأوپرا في مصر خدمة جليلة نازعة دائما إلى التقدم المستمر.
تلخيص
تمثل الأوپرا (إحسان) نموذجا متواضعا للأوپرا المصرية الصميمة التي تفتقر إليها موضوعا وتفكيرا وأسلوبا، والغرض من إظهارها خدمة الشعر العصري والأدب المسرحي معا، والتعاون على إيجاد أوپرا مصرية أصيلة واعتبارها فرعا ساميا جديرا بالإكبار من الثقافة الحديثة، بدل أن نعيش عالة على المتقدمين لا نتعدى حدود تبويبهم وتفكيرهم وتعريفهم لمعنى الأدب الفكري، ومن أجل ذلك كله ونظرا لكونها الأولى من نوعها في العربية تحاشيت كل تعقيد في إخراجها المسرحي وكل ما يمكن أن يقف في سبيل إظهارها وتحبيبها إلى الجمهور، فتجنبت الإطالة وتحاشيت ما يستدعي النفقة الباهظة، وراعيت سهولة التعبير مع المحافظة جهدي على سمو التفكير، وضمنتها أخلص العواطف الوطنية التي يصونها فؤاد مثلي الذي يعتقد أيضا بأن الإنسانية لا تتجزأ. وإذا كان الرأي الشائع أن المجتمع هو الذي يكيف أدباءه قبل أن يكيف الأدباء المجتمع، فقد تخطيت هذا الرأي ولم أتخذه عذرا للتواني، وقمت رغم شواغلي العلمية بفرض الزكاة الأدبية الواجبة على كل أديب، والآن أنتظر بدوري تشجيع المجتمع الذي كنت الأسبق إلى خدمته برا بنفعه قبل نفعي، حتى استمر بالعزيمة الواجبة في خطة التأليف المسرحي التي أقدمت عليها بقلب مخلص ووجدان غيور يعشق الفن للفن،
أحمد زكي أبو شادي
هوامش
فصل ختامي
نقد الأوپرا إحسان
অজানা পৃষ্ঠা