عين القصة العربية المعروفة باسم (عويد السدب).
أما رواية (إحسان) التي نسج بردها بشعر نادر المثال النابغ أحمد زكي أبو شادي فمبنية على قصة حقيقية أو على الأقل معقولة وممكنة الوقوع في كلمتين (الحب والحرب)، وهكذا الإنسانية تمر حياتها وتضمحل بين هاتين الكلمتين القويتين: «الحب» الذي تحيا به المخلوقات وتنجذب بسحره نحو بعضها، و«الحرب » التي تفنيها وتقضي عليها ...
غير أن موضوع قصة زكي أبو شادي أميل إلى الدرامة منه إلى الأوپرا المألوفة؛ لأن الأوپرا عادة ليست في حاجة إلى إيراد الوقائع معقدة ثم تحليلها، ولكنها في حاجة إلى وصف عناصر الطبيعة وعواطف الإنسان؛ ليكون امتزاج تينك الحالتين مع الموسيقى أقرب إلى الغاية المرغوبة، فهنا نقطة في فن تأليف الأوپرا نفسه سوف يستكملها ذلك الشاعر المبتكر في المستقبل القريب عندما تنفتح له أبواب تلك الصناعة على مصاريعها.
على أن تنقله في تلك القصة بين موضوعات شتى وتوفيقه بمهارة بين روح كل موضوع وبين الشعر الواجب نظمه للأداء أمر جدير بالإعجاب، وإن كان الشعر في بعض المواقف لم يكسب المرونة المطلوبة للإنشاد الموسيقي، وهذه علة سوف تزول عندما يعاني هذا المؤلف القدير الإشراف على تلحين تلك الرواية وصبها في القالب الموسيقي، وهذا هو المجهود الأخير الذي يظهر قصته في ثوبها القشيب الجدير بها.
بيد أن الحياة المصرية بصفة خاصة والحياة الشرقية الإسلامية بصفة عامة لا تؤهلان الشاعر للتغلغل في تفهم العواطف البشرية على حقيقتها بسبب غياب عامل الحب الصحيح؛ ولهذا كان المؤلفون في أوروبا نفسها يختارون موضوعات تكاد تكون خالية لاتقاء الوقوف في ذلك المأزق، وليس أدل على هذا من رواية (فاوست
Faust ) التي ألفها أعظم شاعر في الدنيا، العظيم ذو العبقرية الكونية المطلقة
Absolute Univereal Genius
ولفجان جوت
Johann Wolfgang Von Goethe ، وهي تلك القصة الفلسفية التي نقلت إلى جميع لغات الدنيا وعجز الشعراء والكتاب في مصر عن نقلها إلى العربية، بل لا أكون مبالغا إذا قلت: إنهم يعجزون عن قراءتها ما عدا واحدا هو خليل مطران. فإن هذه القصة النادرة المثال - التي قضى فيلسوف ألمانيا وشاعرها الفذ وأديبها المفرد أكثر من ستين عاما في تأليفها - على الرغم من كونها تنطوي على موضوع خيالي، فإنها قد تناولت جميع حقائق الحياة؛ ولأن أحمد زكي أبو شادي حاول أن يكون مؤلفا في الشعر القصصي التمثيلي وسائرا على خطوات هؤلاء العظماء فنحن نحييه ونشجعه، ونتمنى له الثبات والصبر في تلك الطريق الوعرة ونستحثه على الاستمرار حتى يبلغ الكمال، ويتسنم ذروة هذا المجد الذي يعادل المجد العلمي في أرقى وأسمى مراتبه.
هوامش
অজানা পৃষ্ঠা