* إحقاق الحق للتستري *
পৃষ্ঠা ১৯২
قال المصنف رفع الله درجته البحث الخامس في ذكر بعض الفضايل التي يقتضي وجوب إمامة أمير المؤمنين (ع) هذا باب واسع لا تحصى كثرة روى أخطب خوارزم من الجمهور بإسناده إلى ابن عباس قال قال رسول الله (ص) لو أن الرياض أقلام والبحر مداد والجن والإنس كتاب ما أحصوا فضايل علي بن أبي طالب (ع) فمن يقول عنه رسول الله (ص) مثل هذا كيف يمكن ذكر فضايله لكن لا بد من ذكر بعضها لما رواه أخطب خوارزم أيضا قال قال رسول الله (ص) إن الله جعل لأخي علي فضايل لا تحصى كثرة فمن ذكر فضيلة من فضايله مقرا بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومن كتب فضيلة من فضايله لم يزل الملائكة يستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم ومن استمع فضيلة من فضايله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع ومن نظر إلى كتاب من فضايله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر ثم قال النظر إلى علي عبادة وذكره عبادة ولا يقبل الله إيمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه وقد ذكرت في كتاب كشف اليقين في فضايل أمير المؤمنين (ع) أن الفضايل أما قبل ولادته مثل ما روى أخطب خوارزم من علماء الجمهور عن ابن مسعود قال قال رسول الله (ص) لما أن خلق الله تعالى آدم ونفخ فيه من روحه عطس آدم فقال الحمد لله فأوحى الله تعالى حمدني عبدي وعزتي وجلالي لولا عبدان أريد أن أخلقهما في دار الدنيا ما خلقتك قال إلهي فيكونان مني قال نعم يا آدم إرفع رأسك وانظر فرفع رأسه فإذا مكتوب على العرش لا إله إلا الله محمد نبي الرحمة وعلي مقيم الحجة من عرف حق علي زكى وطاب ومن أنكر حقه لعن وخاب أقسمت بعزتي وجلالي أن أدخل الجنة من أطاعه وإن عصاني وأقسمت بعزتي أن أدخل النار من عصاه وإن أطاعني والأخبار في ذلك كثيرة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول لا يشك مؤمن في فضايل علي بن أبي طالب (ع) ولا في فضايل أكابر الصحابة كالخلفاء فإن النبي (ص) قد خص كل واحد منهم بالفضايل التي كانت فيه وهي مذكورة في كتب الصحاح وكما أن هذا الرجل يذكر فضايل أمير المؤمنين (ع) من كتب صحاحنا كذلك كل على حسب مرادهم يذكرون فضايل من يريدون من الخلفاء الراشدين ولكن يشترط في ذكر الفضايل أن يروى من الصحاح المعتبرة ومن العلماء الذين اعتمدهم الناس ويكونوا صاحب قول مقبول ويعرفون سقيم الأخبار من صحيحها وجيدها من رديها ومقبولها من مردودها فإن الممارس لفن الحديث المبالغ في التتبع والاقتفاء لا يخفى عليه صحة الحديث وضعفه ووضعه فإن المنكر والشاذ معلومان موسومان بوسم النكر والشذوذ لأنها غير المألوفة مثل هذه الأحاديث والأخبار التي يرويها عن أخطب خوارزم أثر النكر والوضع ظاهر عليها بحيث لا يخفى على المتدرب في فن الحديث فإن هذه المبالغة التي نسبها إلى النبي (ص) في فضايل علي (ع) بقوله لو أن الرياض أقلام والبحر مداد أو الجن حساب والإنس كتاب ما أحصوا فضايل علي بن أبي طالب (ع) لا يخفى على الماهر في فن الحديث إن هذا لبس من كلام رسول الله (ص)
পৃষ্ঠা ১৯৩
ولينصفنا المنصف المتدرب في معرفة الأخبار أن من شأن الرسول (ص) أن يبالغ مثل هذه المبالغة في مدح أحد من المخلوقين وهذا من أوصاف الخالق قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ثم أن لفظ الفضايل لا يوجد أصلا في كلام النبي (ص) ومحال أن يحكم المحدث أن النبي (ص) تكلم بلفظ الفضايل فإن هذا من ألفاظ المحدثين المولدين وليس من كلام العرب والمحدث لا يخفى عليه أن هذا موضوعا وأكثر ما ذكر من مناقب الخوارزمي موضوعات وأما الحديث الذي رواه عن الخوارزمي عن ابن مسعود وهو أن الله خلق آدم لأجل محمد وعلي وأن العاصي بالله إن أطاع عليا فهو من أهل النجاة والمطيع بعد أن عصى عليا فهو من أهل النار فقد تحتم الحكم بأنه من الموضوعات لأنه مخالف لحكم الشرع فإن عليا عبد من عباد الله تعالى وهو ليس بأكرم على الله من محمد ومن اعتقد أن عليا أكرم على الله من محمد فهو كافر بالله العظيم ولا يرتاب في هذا أحد من المؤمنين محمد (ص) لا يمكن أن يدعى فيه أن من أطاعه وعصى الله فهو من أهل النجاة لأن طاعة الله وطاعة رسوله واحد فكيف يمكن الدعوى أن من أطاع عليا وإن عصى الله فهو من أهل النجاة وهذا من موضوعات غلات الرفضة ذكره هذا الرجل الرافضي ولا اعتداد بهذا النقل ولا اعتبار ثم أن كل ما يذكره من هذه الفضايل وإن صح فإنه لا يدل على وجوب إمامته كما لا يخفى انتهى وأقول لا يخفى على من ترعرع قليلا عن درجة العوام ما في كلام الناصب من الجهل والخبط وعدم الانتظام أما أولا فلأن قوله كذلك كل على حسب مرادهم يذكرون فضايل من يريدون من الخلفاء الراشدين مردود بأن ورود الأحاديث المشتملة على الفضايل الموجبة لاستحقاق الخلافة في شأن الأصحاب الذي وقع النزاع فيهم بين الفريقين غير ما عند الإمامية والمذكور في كتب أهل السنة لا يقوم حجة عليهم فلا فائدة في ذكرها مع أنها معارضة بما ذكر فيها من نقايصهم ومطاعنهم كما مر وسيجئ وإذا تعارضا تساقطا وأما ثانيا فلأن قوله ولكن يشترط في ذكر الفضايل أن يروي من الصحاح المعتبرة أيضا مدفوع بأن الصحاح المعتبرة لا ينحصر فيما زعمه ويشعر به كلامه من صحيحي البخاري ومسلم غاية الأمر أن الكتابين عند المتأخرين من أصحابه أصح عما عداها وكيف يمكن الحكم بنفي اعتبار غيرهما مع أن الفقهاء الأربعة لتقدم زمانهم على البخاري ومسلم وكتابيهما لم يشترطوا على أنفسهم استنباط الأحكام الشرعية عما أورداه في كتابيهما ومن أين علموا أن الأحاديث الذي يجمعا هذان الرجلان في كتابيهما بعد مائة سنة ماذا هل استنبطوا أكثر الأحكام الفقهية من الأحاديث المرسلة وغيرها التي لا يوجد أثر عنها في صحاحهم الست المشهورة كما لا يخفى على من تتبع كتبهم الفقهية سيما كتاب المحلى لابن حزم الأندلسي وأيضا إنما كان من يصح اشترط ذلك لو كان الكتابان المذكوران جامعين لجميع ما في الصحاح الأخر بل لجميع الصحاح المتفرقة في ساير كتب الحديث وليس كذلك لأن كتاب البخاري مشتمل على أربعة آلاف حديث بعد إسقاط المكررات وقد نقل عنه أنه كان يحفظ مائة ألف حديث وقس على هذا مسلم وغيره جمعا وحفظا مع تداخل أحاديث جوامعهم في الأكثر وقال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم أن البخاري ومسلما لم يلتزما استيعاب الصحيح بل صح عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه وأنهما قصدا جمع جمل من الصحيح كما يقصد المصنف في الفقه جمع جملة من مسايله لا أنه يحضر جميع مسائله انتهى وهل يجوز المسلم الذي آمن بما جاء به الرسول (ص) من السنة خصوصا العلماء المجتهدون أن يتركوا تتبع مائة ألف حديث من صحاح أحاديث النبي (ص) بل أضعاف ذلك ويقتصروا في تحقيق العقايد والأحكام والآثار الشرعية على نحو أربعة آلاف حديثا وضعفها مع ظهور عدم وفائها بعشر عشير من أحكام المكلفين ويحكموا بعدم اعتبار غيرها مما ذكر في جامع آخر من كتب أهل السنة ويعدلوا عن ذلك إلى التمسك بالقياس والاستحسان الذين هما من حجج الشيطان على أن النووي قال أنه قد استدرك جماعة على البخاري ومسلم أحاديث أخلا بشرطهما فمنها كتاب الحاكم أبو عبد الله الضبي ومنها كتاب الدارقطني وكتاب أبي علي الغساني وأبي مسعود الدمشقي وابن حزم الأندلسي بل رد ابن حزم في كتابه على كثير من روايات البخاري ونسبه في بحث القسامة من كتاب المحلى إلى الرواية عمن يضع الحديث فيرتفع الاعتماد على اعتبار من قصدهم الناصب من علماء أصحابه ويتعذر؟؟؟
الأحاديث بعد خراب البصرة وتعارضا الخذلان والنصرة وأيضا أن ما نقله الكرماني في فواتح شرحه للبخاري عن كتاب التعديل و الجرح لرجال البخاري تأليف الحافظ أبي الوليد سليمان الباجي المعزلي يدل على أن كتاب البخاري لم يتم في حياته بل كانت مسودة عند موته فزاد فيه الفريري وغيره من أهل ما وراء النهر ونقصوا حيثما اقتضاه آرائهم حيث قال الحافظ المذكور أخبرنا أبو ذر عبد بن محمد بن أحمد الهروي حدثنا أبو إسحاق المسمى إبراهيم بن أحمد قال انتسخت كتاب البخاري من أصله كان عند محمد بن يوسف الفريزي فرأيته لم يتم بعد وقد بقيت عليه مواضع مبيضة كثيرة منها تراجيم لم يثبت بعدها شيئا ومنها أحاديث لم يترجم عليها فأضفنا بعض ذلك إلى بعض قال ومما يدل على صحة هذا القول إن رواية أبي إسحاق ورواية أبي محمد ورواية أبي الهشم ورواية أبي زيد وقد نسخوا من أصل واحد فيها التقديم والتأخير وإنما ذلك بحسب ما قدر كل واحد منهم فيما كان في طرة ورقعة مضافة إنه من موضع ما فأضافه ويبين ذلك أنك تجد ترجمتين وأكثر من ذلك متصلة ليس بينهما أحاديث انتهى على أن الرجلان كما كانا أحفظ أهل زمانهما كذلك كانا أحمقهم فإن الحماقة قلما ينفك عن صاحب الحفظ الكثير لندرة اجتماع الحفظ مع الفهم والذكاء كما برهن عليه الحكأ ودل عليه الاستقراء أما البخاري فقد علم حماقته مجملا من المعاتبة الجارية بين الفاضل التفتازاني وبين أبي مسعود البخاري حيث كتب البخاري إلى ذلك الفاضل شيئان لا يجتمعان الإنسانية والخراسانية فكتب في جوابه شيئان لا يفترقان الحمارية والبخارية وكذا يعلم ذلك مجملا من الشعر الذي نسبه مؤلف كتاب روح الروح إلى أبي بكر الكاتب في ذم بخارا وهو قوله شعر لو الفرس العتيق أتى بخارا لصار فيها بطيعها حمارا فلم تر مثلها عيني كنيفا تبوأها أمير الشرق دارا ومن أن الله تعالى مسخ من مسخ من
পৃষ্ঠা ১৯৪
الأمم بصورة القردة والخنازير ومسخ من أهل بخارا بصورة الحمار فقد سمعت عن كثير من فضلا حنفية الهند أن صاحب تفسير المدارك وكشف المنار في أصول فقه الحنفية والكافي وكنز الدقايق وشرح العقيدة الحافظية من علماء بخارا قد مسخ وجهه إلى وجه الحمار وكان يتنقبه لأجل ذلك وكانوا ينقلون في سبب ذلك قصة طويلة لا يحضرني الآن وتفصيلا من فتواه في مسألة الرضاع كما ذكره صاحب الكفاية في شرح الهداية فقه الخفيفة حيث قال وإذا شرب صبيان من لبن شاة فلا رضاع بينهما لأنه لا حرمة بين الآدمي والبهايم لأن الحرمة لا يكون إلا بعد الآدمية والبهيمة لا يتصور أن يكون أما للآدمي ولادا فكذا رضاعا وكان محمد بن إسماعيل صاحب الحديث يقول يثبت به حرمة الرضاع وأنه دخل في بخارى في زمن الشيخ أبي حفص الكبير وجعل يفتي فقال له الشيخ لا تفعل فقست هنالك فأبى أن يقبل نصيحته حتى استفتى عن هذه المسألة إذا رضع صبيان بلبن شاة فأفتى بثبوت الحرمة فاجتمعوا وأخرجوه من بخارا بسبب هذه الفتوى انتهى ومن أغلاط البخاري ما ذكر في باب الأنساب من الغاية للسخاوي الشافعي في شرح الهداية المنظومة للشيخ محمد بن الجزري الشافعي أن أبا مسعود عقبة بن عمرو البدري لم ينسب كذلك لشهوده بدرا في قول الجمهور وإن عده البخاري في صحيحه فيمن شهدها وإنما كان نازلا يعني ساكنا بها فقد وقع لكبار أهل الحديث من ذلك أوهام انتهى ولا يخفى أن مثل هذا الغلط مع أنه باطل في نفسه يقود إلى غيره من الباطل العظم فإن البخاري إذا توهم أن أبا مسعود شهد بدرا وقد تقرر عند القوم أن أهل بدر كلهم عادلين فيعد جميع رواياته من الصحيح وهذا بلا عظيم كما ترى ولقد ظهر مما نقلناه أن رياسة البخاري وتصدره على السامع والقارئ إنما كان تصدرا بلا استحقاق وترؤسا بشؤم الاتفاق من أهل النفاق وأما مسلم بن الحجاج القشيري فيعلم حماقته أولا من تحقيق حال طائفته فإنهم من قشور العرب وأرذلهم كما ينبئ عنه اسمهم ولهذا قد انحرفوا عن علي بن أبي طالب (ع) وانضموا إلى معاوية وكانوا ناصبية مبغضين لعلي (ع) وشيعته لا يطيقون لذكره (ع) فيما بينهم حتى أنهم جادلوا في ذلك أبا الأسود الديلي (ره) حين ما ابتلى بالنزول في جوارهم بالبصرة وقالوا له حتى متى تقول من علي فأجابهم بقوله شعر يقول الأرذلون بنو قشير طوال الدهر لا تنسى عليا أحب محمدا حبا شديدا وعباسا وحمزة والوصيا هوى أعطيته منذ استدارت رحى الإسلام لم يعدل هويا أحبهم كحب الله حتى أجئ إذا بعثت على هويا فإن يك حبهم رشدا أصبته ولم أك مخطيا إن كان غيا قالوا له شككت قال فقد شك الله تعالى حيث قال إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين أي أن الترديد والتشكيك قد يكون للإبهام على المخاطب لا للشك الحاصل للمتكلم وأيضا روى أنه قال لهم ذات يوم أنه ليس في العرب طائفة تكون طول بقائهم أحب إلي من طول بقائكم قالوا لم ذلك قال لأجل أن كل أمر أنتم ارتكبتموه علمت أنه محض ضلال وخطأ فاجتنبته وكل أمر أنتم اجتنبتم عنه علمت أنه عين الرشد والصواب فارتكبته وأيضا قد اشتمل هذان الكتابان وأمثالهما على روايات أبي هريرة وابن عمر وأنس وأمثالهم من الصحابة المتهمين بالكذب والفسق اللذين رد أبو حنيفة أخبارهم ولم يعمل بها قط كما صرح به أمام الحرمين أبو المعالي الجويني الشافعي في رسالته المؤلفة في تفضيل مذهب الشافعي أما أبو هريرة فقد ذكر فخر الدين الرازي في مسألة النصرية رسالته المعمولة مذهب الشافعي أيضا أن الحنفية طعنوا في أبي هريرة وقالوا إنه كان مساهلا في الرواية وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث السادس والستين بعد المائة في المتفق عليه في مسند أبي هريرة عن أبي رزين قال خرج إلينا أبو هريرة فضرب بيده على جبهته وقال ألا إنكم تحدثون على أني أكذب على رسول الله (ص) الخبر وروى في مسند عبد الله بن عمر في الحديث الرابع والعشرين بعد المائة من المتفق عليه أن رسول الله (ص) أمر بقتل الكلاب إلا كلب صيد أو كلب غنم أو ماشية فقيل لابن عمر أن أبا هريرة يقول أو كلب زرع فقال ابن عمر إن لأبي هريرة زرعا وروى في الحديث الستين بعد المائة من المتفق عليه في مسند أبي هريرة يروي عن النبي (ص) من تبع جنازة فله قيراط من الأجر فقال ابن عمر لقد أكثر علينا أبو هريرة وأما عبد الله بن عمر فهو الذي لم يحسن أن يطلق امرأته والذي قعد عن بيعة أمير المؤمنين (ع) ثم جاء بعد ذلك إلى الحجاج فطرته ليلا وقال هات يدك أبايعك لأمير المؤمنين عبد الملك فإني سمعت رسول الله يقول من مات وليس عليه بيعة إمام فموتته جاهلية فأنكر عليه الحجاج مع كفره وعتوه وقال له بالأمس تقعد عن بيعة علي بن أبي طالب (ع) وأنت اليوم تأتيني تسئلني البيعة من عبد الملك بن مروان يدي عنك مشغولة لكن هذه رجلي وقد روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين من تلزمه بيعة يزيد بن معاوية ما يتعجب منه العاقل فما كان علي بن أبي طالب وولده (ع) أو أحد من بني هاشم يجرون مجرى يزيد في أن يبايعه أن هذا من الطرايف وأما أنس بن مالك فهو الذي استشهده علي بن أبي طالب (ع) في كل شئ كان قد سمعه من النبي (ص) في فضايل علي (ع) فلم يشهد فدعا عليه فأصابه برص وقس على ذلك ما ذكر فيهما من رواية المغيرة بن شعبة الذي شهد عليه بالزنا عند عمر بن الخطاب ولقن الرابع حتى تلجلج في الشهادة فدفع عنه الحد وكذا رواية أبي موسى الأشعري مقيم الفتنة مضل الأمة الذي أخبر النبي (ص) أنه إمام الفرقة المرتدة وكذا أخبار كعب الأحبار الذي قام إليه أبو ذر فضربه بين يدي عثمان على رأسه بمحجنه وقال له يا بن اليهودية مثلك يتكلم في الدين فوالله ما خرجت اليهودية من قلبك وكذا عبد الله بن عمرو العاصي الباغي الداعي إلى النار وهو الذي كان في حرب صفين مع معاوية جعله على ميسرته وكان لشدة عناده يقاتل بسيفين ويضرب بهما عليا (ع) وأصحابه كما ذكره سبط الجوزي وغيره ومع هذا هو زاهد القوم وراوي شطر من أحاديثهم وكان من حجته في البغي أنه قال أمرني رسول الله (ص) أن أطيع أبي فلينظر العاقل إلى هذا الثقة الذي يروي البخاري ومسلم وأبو داود عنه وعن أبيه في صحاحهم فليتأمل فيما أخرجه أبو داود عن أبيه في سننه ومسلم في صحيحه قال أبو داود وقال عمر وبن العاص أن النبي (ص) قال
পৃষ্ঠা ১৯৫
من بايع إماما فأعطى صفقه يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا رقبة الآخر قال فلان قلت أنت سمعت هذا الحديث من رسول الله (ص) قال سمعته أذناي ووعاه قلبي قلت ابن عمك معاوية يأمرنا أن نفعل ونفعل قال أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله و أخرجه مسلم وزاد أن يأكل أموالنا بيننا بالباطل ويقتل أنفسنا والله تعالى يقول ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ولا تقتلوا أنفسكم فقال عمرو أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله هذه رواية أبيه وروى مثل ذلك صاحب جامع الأصول في باب الفتن عن عبد الله نفسه أيضا فقال قال عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون إليه فأتيتهم فجلست إليه فقال كنا في سفر مع رسول الله (ص) وساق الحديث إلى أن قال قال رسول الله (ص) من بايع إماما وأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر قال عبد الرحمن فدنوت منه فقلت أنشدك الله أنت سمعت هذا من رسول الله (ص) فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال سمعته أذناي ووعاه قلبي فقلت له إن ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا والله يقول يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما قال فسكت عني ثم قال أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله انتهى فهل كان حرب علي (ع) طاعة حتى أطاع أباه وإمامه معاوية في ذلك أم معصية فيجب عليه فيها عصيان أبيه وإمامه وكذا سمرة بن جندب الذي نقل في شأنه الشيخ عبد الحميد بن أبي الحديد المدايني في شرح نهج البلاغة عن أبي جعفر الإسكافي في المشهور أن معاوية بذل لسمرة مائة ألف درهم حتى يروي أن هذه الآية نزلت في علي (ع) ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحدث والنسل والله لا يحب الفساد وأن الآية الثانية نزلت في ابن ملجم وهي قوله تعالى ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد فلم يقبل فبذل له ثلاثمائة فلم يقبل فبذل له أربعمائة فقبل إلى غير ذلك وبالجملة إنما اعتبر المتأخرون من أهل السنة هذين الأحمقين المقصرين على حفظ ألفاظ الحديث وفضلوا كتابيهما على ساير جوامع الحديث للنسائي والترمذي وأبي داود وابن حيان وغيرهم لما علموا فيهم الغلو في النصب والانحراف عن أهل البيت (ع) والتقليل في نقل مناقبهم وفي مطاعن تيم وعدي بالنسبة إلى غيرهما من المحدثين فالإنصاف اشتراط شرط آخر وهو أن يعتبر في مقام النزاع ما اتفق الفريقان على نقله من الأحاديث المذكورة في كتب الحديث مطلقا وترك تكلف تسمية بعضها صحيحا معتبرا دون غيره والعدول عن هذا الشرط خروج عن الإنصاف كما لا يخفى وأما ثالثا فلأن ما ذكره من أن الأخبار الذي نقلها المصنف عن أخطب خوارزم أثر النكر والوضع ظاهر عليها فكلام منكر لا يروج على من له اطلاع على شان الراوي وعلو منزلته في علم الحديث عن أن يذكر الموضوعات في مناقب مثل علي (ع) بل لو لم يمنعه التقوى لأخفى فضايله المتواترة كما أخفاها غيره من المتعصبين فكيف يظن بمثله من مشاهير أئمة أهل السنة أنه يضع الحديث في فضايل علي (ع) وقد أكثر القدماء من فضلا الشعراء في نظم مضمون هذا الحديث بحيث يشهد على شهرته ويرفع توهم نكارته فقال العوني (ره) شعر ولو كانت الآجام كل بأسرها تقطع أقلام وتبرى وتحصر وكانت سماء الله والأرض كاغذ وكانت بأمر الله تطوى وتنشر وكان جميع الإنس والجن يكتبوا وكان مداد القوم سبعة أبحر لكلت أياديهم وحار مدادهم ولم يؤت عشر العشر من فضل حيدر وعوتب المتنبي في ترك ذكر المناقب فقال شعر وتركت مدحي للوصي تعمدا إذ كان نورا مستطيلا شاملا وإذا استطال الشئ قام مقامه وكذا صفات الشمس تذهب باطلا ثم قال شعر فلو كانت سماء الله صحفا ونبت الأرض أقلام لباري فأبحره المداد يفضن مدا وأيدي الخلق تكتب باقتداري لما كتبوا الفضايل في علي بحد يعلموه ولا اقتصاري ومنشأ إنكار الناصب لذلك الحديث المعروف والحكم بكونه منكرا جهله بحال أخطب خوارزم وهو موفق بن أحمد المكي ثم الخوارزمي من أكابر حفاظ الحديث مشاهيرهم وقصره النظر على ما في كتاب البخاري ومسلم وإهمال تتبع كتب المتقدمين كموطأ مالك ومسند أحمد بن حنبل والمناقب لابن مردويه والخوارزمي وابن المغازلي مع أن كتب المتأخرين من أهل السنة كالصواعق لابن حجر وغيره مشتمل على النقل منها في مناقب الخلفاء ولا ريب في أن من نبذ كتب المتقدمين وراء ظهره إذا ورد عليه شئ من أحاديثها استحدثه واستغربه واستنكره وحكم بوضعه وبطلانه وغلطه كما وقع نظيره في زماننا عن بعض الفقراء والمبتدعين في التحصيل وذلك إنا حين كنا مشتغلا في المشهد المقدس الرضوي على مشرفه الصلاة والسلام بقراءة المطول مع جماعة من فضلا الطلبة على شيخنا المحقق النحرير العلامة عبد الواحد بن علي الشوشتري روح الله روحه إذ قد دخل مجلس الدرس ذات يوم شاب من فقرأ العرب كان مشتغلا بقراءة الرسالة الألفية في الفقه على بعض المدرسين ولما كان في ظنه أن الكتاب منحصر في الألفية وإن كل مجلس درس إنما يقرؤن ذلك بل إنما يقرؤن كل يوم القدر الذي هو يقرأ منها عند أستاذه افتتح كتابه قاصدا لاستفادة درسه في ذلك اليوم مرة أخرى في هذا المجلس فلما أصغى إلى قراءة قاري المطول وتقرير الشيخ النحرير مرارا ولم ير لهما ارتباطا وموافقة مع عبارات الرسالة الألفية خصوصا بالقدر الذي قرأ منها صباح ذلك اليوم عند أستاذه حصل له الملال وساء الظن بما كان في أيدي طلبة ذلك المجلس من نسخ كتاب المطول فقام متعرضا مخاطبا لجماعة الطلبة بأن كل كتبكم غلط فليضحك قليلا وليبك كثيرا وأما رابعا فلأن ما جعله أمارة على وضع الحديث من المبالغة الواقعة فيه فعارض بالمبالغة الواقعة فيما ذكره ابن حجر في صواعقه في الفصل الثالث في فضايل أبي بكر حيث قال أخرج أبو يعلى عن عمار بن ياسر قال قال رسول الله (ص) أتاني جبرئيل
পৃষ্ঠা ১৯৬
آنفا فقلت يا جبرئيل حدثني بفضايل عمر بن الخطاب فقال لو حدثتك بفضايل عمر منذ ما لبث نوح في قومه ما أنفدت فضايل عمر وأن عمر حسنة واحدة من حسنات أبي بكر انتهى بيان المعارضة أنه إذا كان تعذر إحصاء فضايل عمر بالمثابة التي وصف أسلاف ابن حجر في هذا الحديث على لسان جبرئيل مع كون عمر حسنة واحدة من حسنات أبي بكر فإذا نظر إلى باقي الحسنات الحاصلة لأبي بكر من الذوات الداخلة تحت تربيته كعائشة وعثمان وطلحة والزبير وأبو عبيدة الجراح وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص ومغيرة بن شعبة وأبي هريرة وأمثالهم ومن الأفعال الصادرة عنه كتقمصه الخلافة ثم جعلها عند وفاته لعمر ومنع ميراث أهل البيت بحديث افتراه وغصبه فدكا عن فاطمة عليها السلام ومنعه خمس آل محمد (ع) وتخلفه عن جيش أسامة إلى غير ذلك مما سيذكره المصنف في مطاعنه كان أعداد فضايله كتضعيف بيوت الشطرنج متراقيا إلى ما يقدر على عده وإحصاءه الجن والإنس كما لا يخفى وأما خامسا فلأن ما ذكره من أن المذكور في الآية وصف للخالق دون المخلوق فيه من الخلط والخبط ما لا يخفى لظهور أن المذكور فيها ليس وصفا للرب الخالق بل لكلماته وأمير المؤمنين (ع ) من جملة كلماته تعالى كما مر في تفسير قوله تعالى فتلقى آدم من ربه كلمات وأيضا قد صح أنه (ع) قال عند رفع بغاة صفين مصاحفهم على رؤس الرماح أن هذا قرآن صامت وأنا قرآن ناطق ولم ينكر منه ذلك إلى الآن فإذا كان هو القرآن وكلمة الله تعالى حقيقة أو في مرتبته صح أن يقول النبي (ص) في شأنه مثل ما قال الله تعالى في شأن ساير كلماته التامات وأما سادسا فلأن مبالغة أخرى في نفي وقوع لفظ الفضايل في كلام النبي (ص) وحكمه بكونه متولدا محدثا إنما هو شئ تولد منه إنكارا لفضايل أمير المؤمنين (ع) وإصرارا في النصب و الخروج عن ربقة الإسلام لما تلونا عليك من حديث الصواعق المشتملة على تكرار لفظة الفضايل فما بقي له إلا النصب والعناد وترشح البغض والكفر واللداد على أنا لو فرضنا عدم وقوع لفظ الفضايل في حديث آخر من كلام النبي (ص) غير ما وقع في شأن أمير المؤمنين (ع) لما صح أن يجعل أمارة على عدم تكلمه (ص) به أصلا كما زعمه الناصب لأن وجه الاقتصار على ذلك ظاهر فإنه لما لم يكن لغير علي (ع) من أصحاب النبي (ص) فضايل كثيرة يعبر عنها بصيغة الجمع لا جرم لم يقع هذا اللفظ منه (ص) إلا في مقام إظهار فضايل علي (ع) وكان أشار إلى سر ذلك أيضا صفي الدين عبد العزيز ابن السرايا الحلي (ره) في مدحته حيث قال شعر جمعت في صفاتك الأضداد فلهذا عزت لك الأنداد زاهد حاكم حليم شجاع فاتك ناسك فقير جواد شيم ما جمعن في بشر قط ولا حاز مثلهن العباد خلق يخجل النسيم من اللطف وبأس يذوب منه الجماد ظهرت منك للورى مكرمات فأقرت بفضلك الحساد أن يكذب بها عداك فقد كذب من قبل قوم لوط وعاد أنت سر النبي (ص) والصنو وابن العم والصهر المستجاد لو رأى مثلك النبي لآخاه وإلا فأخطأ الانتقاد بكم بأهل النبي ولم يلف لكم خامسا سواه يزاد كنت نفسا له وعرسك وابناك لديه والنساء والأولاد جل معناك أن يحيط به الشعر ويحصي صفاته النقاد وأما سابعا فلأن حكمه بأن أكثر ما ذكر من مناقب الخوارزمي موضوعات تحكم محض وتعصب مجرد لا يلتفت إليه لمخالفته أصول الحديث قال اليزدوي والجعفي في أصوله أن الطعن من أئمة الحديث لا يقبل مجملا لأن العدالة ظاهرة في المسلمين خصوصا في القرون الأول الأولى فلو وجب الرد بمطلق الطعن من أبطلت السنن ألا يرى أن الشهادة أضيق من هذا ولا يقبل فيها الجرح المطلق فهذا أولى وذكر في كشف الأسرار شرح أصول اليزدوي وأما الطعن من أئمة الحديث بقولهم غير ثابت أو منكر أو فلان متروك الحديث أو ذاهب الحديث أو مجروح أو لين لا يقبل من غير ذكر سبب الطعن انتهى وذكر في المستوفى شرح اليزدوي وأما الطعن من أئمة الحديث فلا يقبل مجملا وذاك أن يقول أنه ضعيف أو فاسق أو غير مقبول الرواية انتهى أقول فإذا كان طعن أئمة الحديث لا يقبل مجملا كما عرفت من كلام أئمة الحنفية فكيف يقبل الطعن الإجمالي من هذا الناصب المطعون الذي لم ير كتب الأحاديث إلا عند ارتكابه لهذا التأليف الذي يشهد عليه بالجهل والتعنيف والله يحق الحق ويبطل الباطل ببينات آياته وأما ثامنا فلأن حكمه بوضع ما رواه الخوارزمي عن ابن مسعود إنما هو لبعده عن فهم الموضوعات اللغوية لا كل من له أدنى مناسبة بتتبع أساليب الكلام ودلالتها على المقصود والمرام يعلم أن المراد بمثل هذا الكلام لو أطاعني العبد فيما عدا حكمي بطاعته علي كان مستحقا للنار بسبب الاخلال بطاعة هذا الحكم الواحد ويؤيد إرادة ما ذكرناه ما روي عن ابن عباس (رض) في جملة حديث إلى أن قال فقلت يا رسول الله (ص) أوصيني فقال عليك بمودة علي بن أبي طالب (ع) والذي بعثني بالحق نبيا لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب (ع) وهو تعالى أعلم فإن جاء بولايته قبل عمله على ما كان منه وإن لم يأت بولايته لم يسئله عن شئ ثم أمر به إلى النار والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ولا استبعاد فيه ومن المعلوم أن الشهادتين بمجردها غير كافيتين إلا مع الالتزام بجميع ما جاء به النبي (ص) من أحوال المعاد والإمامة كما يدل عليه ما اشتهر من قوله (ص) من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ولا شك أن المنكر بشئ من ذلك ليس بمؤمن ولا مسلم فإن الغلاة والخوارج وإن كانا من فرق المسلمين نظرا إلى الاقرار بالشهادتين فهما من قبل الكافرين نظرا إلى جحودهما ما علم من الدين وليكن منه بل من أعظم أصوله إمامة أمير المؤمنين (ع) وقد أشار الخليفة الناصر العباسي إلى معنى الحديث المذكور بقوله شعر قسما ببكة والحطيم وزمزم والراقصات وسعيهن إلى منى بغض الوصي علامة مكتوبة كتبت على جبهات أولاد الزنا من لم يوالي في البرية حيدرا سيان عند الله صلى أو زنى وقال (ره) في جملة أبيات كثيرة لو أن عبد أتى بالصالحات غدا وودد كل نبي مرسل وولى وعاش ما عاش آلافا مؤلفة خلوا من الذنوب معصوما من الزلل وقام ما قام قواما بلا كسل وصام ما صام صوما بلا ملل وطار في الجو لا يأوي إلى خلل وغاص في البحر لا يخشى من البلل فليس في الحشر يوم البعث ينفعه إلا بحب أمير المؤمنين علي ولا يخفى أن قوله حجة لازمة عند من يعتقد فرض طاعته وقال القاضي نظام الدين الإصفهاني من معاصري هولاكو خان في قصيدته المشهورة لله دركم يا آل ياسينا
পৃষ্ঠা ১৯৭
يا أنجم الحق أعلام الهدى فينا لا يقبل الله إلا في محبتكم أعمال عبد ولا يرضى له دينا بل أخفف أعباء الذنوب بكم بل أثقل في الحشر الموازينا من لم يوالكم في الله لم ير من فيح اللظى وعذاب القبر شكينا قال المصنف رفع الله درجته وأما حال ولادته فإنه ولد يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة في الكعبة ولم يولد فيها أحد سواه قبله ولا بعده وكان عمر النبي (ص) ثلاثين سنة فأحبه ورباه وكان يطهره وقت غسله ويوجره اللبن عند شربه ويحرك مهده عند نومه ويناغيه في يقظته ويحمله على صدره ويقول هذا أخي ووليي وناصري وصفيي و ذخري وكهفي وصهري وزوج كريمتي وأميني على وصيتي وخليفتي وكان يحمله دائما ويطوف به جبال مكة وشعابها وأوديتها رواه صاحب كتاب بشاير المصطفى من الجمهور انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول المشهور بين الشيعة أن أمير المؤمنين ولد في الكعبة ولم يصححه علماء التواريخ بل عند أهل التواريخ أن حكيم بن حزام ولد في الكعبة ولم يولد فيه غيره وأما ما ذكره من أحوال النبي (ص) بالنسبة إليه في صغره فلا يصح به نقل إلا ما ذكره ولا رد عليه لا في قوله وخليفتي إن أريد به الخلافة بعده وإن أريد أنه من الخلفاء فهذا صحيح لا شك فيه انتهى وأقول حكمه بعدم التصحيح سقيم بعد ما روى المصنف ذلك عن صاحب كتاب بشاير المصطفى وهو رواه عن زيد بن قغب ورواه ابن المغازلي مرفوعا إلى علي بن الحسين (ع) على ما نقله صاحب كشف الغمة وكفى برواية مثلهما من أهل السنة حجة لنا عليهم كما مر وجهه مرارا وأيضا كما صرح به الراوي الفضيلة والكرامة إن في باب الكعبة كان مقفلا ولما ظهر آثار وضع الحمل على فاطمة بنت أسد (رض) عند الطواف خارج الكعبة انفتح لها الباب بإذن الله تعالى وهتف لها هاتف بالدخول وعلى تقدير صحة تولد حكيم بن حزام قبل الإسلام في وسط بيت الله الحرام فإنما كان بحسب الاتفاق كما يتفق سقوط الطفل عن المرأة والعجل عن البقرة في الطريق وغيره على أن الكلام في تشرف الكعبة بولادته فيها لأن في تشرفه بولادته في الكعبة فإنه (ع) هو الكعبة الحقيقية لأهل الانتباه وقبلة أقبال المقبلين إلى الله كما روى عنه (ع) أنه قال نحن كعبة الله ونحن قبلة الله وقال ابن حماد (ره) شعر هو القبلة الوسطى ترى الوفد حولها لها حرم الله المهيمن والحل وآيته الكبرى وحجته التي أقيمت على من كان منا له عقل وقال المولى العارف لطف الله النيشابوري (رحمه الله تعالى) نظم طواف خانه كعبة ازان شد بر همه واجب كه انجا در وجود آمد علي بن أبي طالب وأما ما ذكره من الترديد في قوله (ص) خليفتي فمردود بأن إرادة خلافته بعد النبي بفاصلة خلاف الظاهر والأصل فلا يعدل عنه إلا لدليل ووجوده كالعنقاء على ما لا يخفى قال المصنف رفع الله درجته وأما بعد ولادته وأقسامها ثلاثة نفسانية وبدنية وخارجية أما النفسانية فيضمها مطالب الأول الإيمان وبواسطة سيفه تمهدت قواعده وتشيدت أركانه وبواسطة تعليمه الناس حصل لهم الإيمان أصوله وفروعه لم يشرك بالله طرفة عين ويم يسجد لصنم بل هو الذي كسر الأصنام لما صعد على كتف النبي (ص) وهو أول الناس إسلاما روى أحمد بن حنبل من عدة طرق أنه أول من أسلم وأول من صلى مع النبي (ص) وفي مسنده أن النبي (ص) قال لفاطمة أما ترضين أني أزوجك بأقدم أمتي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما وحديث الدار يدل عليه أيضا وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكر أن عليا أول الناس إسلاما فهذا أمر مختلف فيه وأكثر العلماء على أن أول الناس إسلاما هو خديجة وقال بعضهم أبو بكر وقال بعضهم زيد بن حارثة وحاكم بعضهم فقال أول الناس إسلاما من الرجال أبو بكر ومن الصبيان علي ومن النساء خديجة ومن العبيد زيد بن حارثة وقد حققنا هذا في تلخيص كتاب كشف الغمة انتهى وأقول لا يخفى أن الناصب أغمض عن أكثر الفضايل الذي عدها المصنف في هذا المقام لعدم إمكان منعه ذلك وإثبات نظير لها في شأن خلفاء الثلاثة وما ذكره من الاختلاف في سبق إسلام علي (ع) خلف نشأ من تعصب بعض أخلاف أجلاف أهل السنة فلا يعارض اتفاق جماعة من أسلاف الطرفين وأخلافهم والمحاكمة تحكم حاوله من أراد تمويه حال أبي بكر وترويج شأنه ويدفع كل ما ذكره الشارح الجديد للتجريد عند قول المصنف المحقق قدس سره وأقدمهم إيمانا من غير تعقبه بشئ من المناقشة حيث قال يدل على ذلك ما روى عن النبي (ص) قال بعث يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء ولا أقرب من هذه المدة وقوله (ع) إنه كان يقول أنا أول من صلى وأنا أول من آمن بالله ورسوله ولا يسبقني إلى الصلاة إلا نبي الله وكان قوله مشهورا بين الصحابة ولم ينكر عليه منكر فدل على صدقه وإذا ثبت أنه أقدم إيمانا كان أفضل منهم لقوله تعالى والسابقون السابقون أولئك المقربون وروى أنه قال (ع) يوما على المنبر بمشهد من الصحابة أنا الصديق الأكبر آمنت قبل إيمان أبي بكر وأسلمت قبل أن أسلم ولم ينكر عليه منكر فيكون أفضل من أبي بكر انتهى وقال القاضي الأرموي الشافعي في كتاب لباب الأربعين أن سبق إسلام علي (ع) أقرب إلى العقل لأنه كان ابن عم النبي (ص) في داره مختصا به فالأقرب عرض هذه المهمات العظيمة على الأقارب المختصين به ولذلك قال تعالى وأنذر عشيرتك الأقربين انتهى وقال ابن الصلاح في النوع التاسع والثلاثون من كتابه في أصول الحديث قال الحاكم أبي عبد الله لا أعلم خلافا بين أصحاب التواريخ أن علي بن أبي طالب (ع) أولهم إسلاما واستنكر هذا من الحاكم انتهى وقال ابن حجر في صواعقه صح عن سعد بن أبي وقاص أنه أسلم قبل أبي بكر أكثر من خمسة انتهى ولنعم ما قال أبو سعيد النيلي (ره) في جملة قصيدة له في مدح أمير المؤمنين (ع) شعر ذاك الذي لولاه ما اتضحت لنا سبل الهدى في غوره وسناقه عبد الإله وغيره من جهله ما زال منعكفا على أصنامه قال المصنف رفع الله درجته المطلب الثاني العلم والناس كلهم بلا خلاف عيال علي (ع) في المعارف الحقيقية والعلوم اليقينية والأحكام الشرعية والقضايا النقلية لأنه (ع) كان في غاية الذكاء والحرص على التعلم وملازمته لرسول الله (ص) وهو أشفق الناس عليه لا ينفك عنه ليلا ولا نهارا فيكون بالضرورة أعلم من غيره وقال رسول الله (ص) في حقه أقضاكم علي والقضاء يستلزم العلم والدين وروى الترمذي في صحيحه أن رسول الله (ص)
পৃষ্ঠা ১৯৮
قال أنا مدينة العلم وعلي بابها وذكر البغوي في الصحاح أن رسول الله (ص) قال أنا دار الحكمة وعلي بابها انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكره من علم أمير المؤمنين (ع) فلا شك في أنه من علماء الأمة والناس محتاجون إليه فيه وكيف لا وهو وصي النبي في إبلاغ العلم وودايع حقايق المعارف فلا نزاع لأحد فيه وأما ما ذكره من صحيح الترمذي فصحيح وأما ما ذكره من صحاح البغوي فإنه قال الحديث غريب لا يعرف هذا عن أحد من الثقات غير شريك وإسناده مضطرب فكان ينبغي أن يذكر ما ذكروه من معايب الحديث ليكون أمينا في النقل انتهى وأقول فيه نظر أما أولا فلأن ما ذكره أولا من أن الحديث إنما يدل على كون علي (ع) من علماء الدين ولا نزاع فيه مراد به أنه لا يدل على الخلافة التي المطلب الأعلى مردود بأن الحديث على ما أوضحناه سابقا يدل على أنه (ع) أعلم من الكل والأعلم أولى بالخلافة وقد أشار إلى هذا العارف المتأله عامر البصري قدس سره في قصيدته التائية بقوله شعر فعقلك سلطان وإخباره القوى لأعضائه والنفس شبه مدنية لذلك قال النبي أنا مدينة العلم فافهم ذا بحسن كياسة وأن عليا بابها فاعرفنه وهذا كلام مفصح بالخلافة وأما ثانيا فلأن المصنف إنما لم يذكر ما ذكره البغوي آخرا من عيب الحديث لأنه بعد موافقة ذلك الحديث معنى للحديث الصحيح السالم الذي رواه الترمذي لا يقدح فيه تلك الغرابة بل قد صرحوا بأن اختلاف ألفاظ الأحاديث مع توافق المعنى من دلايل الصحة كما مر في مباحث النبوة عند شرح ما افترى القوم على النبي (ص) من تكلمه أثناء التلاوة بالغرانيق العلى فتذكر ثم لا يخفى على أولي الألباب أن المراد بالباب في هذه الأخبار الكناية عن الحافظ للشئ الذي لا يشذ عنه منه شئ ولا يخرج إلا منه ولا يدخل إليه إلا به وإذا ثبت أنه (ع) الحافظ لعلوم النبي (ص) وحكمته ويثبت أمر الله تعالى ورسوله بالتوصل به إلى العلم والحكمة وجب اتباعه والأخذ عنه وهذا حقيقة معنى الإمام كما لا يخفى على ذوي الأفهام قال المصنف رفع الله درجته وفيه عن أبي الحمراء قال قال رسول الله (ص) من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه وإلى يحيى بن زكريا في زهده وإلى موسى بن عمران في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب وروي البيهقي بإسناده إلى رسول الله (ص) من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في تقواه وإلى إبراهيم في علمه وإلى موسى في هيبته وإلى عيسى في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب (ع) انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قد خان في هذا النقل لأنه ذكر أن في صحاح البغوي هذا الحديث وهذا كذب وباطل فإذا الحديث لم يذكره البغوي أصلا لا في صحاحه ولا في حسانه وأثر الوضع على هذا الحديث ظاهر ولا شك أنه منكر مع ما نسب إلى البيهقي لأنه يوهم أن علي بن أبي طالب أفضل من هؤلاء الأنبياء وهذا باطل فإن غير النبي (ص) لا يكون أفضل من النبي وأما أنه موهم لهذا المعنى لأنه جمع فيه من الفضايل ما تفرق في الأنبياء والجامع للفضايل أفضل ممن يفرق فيهم الفضايل وأمثال هذا من موضوعات الغلاة وإن صح فيمكن حمله على أن له كمال هذه الفضايل انتهى وأقول أن المصنف ما خان في نقله بل الناصب هان في فهمه وعقله إذ الظاهر أن ضمير فيه في قول المصنف وفيه عن أبي الحمراء راجع إلى ما سبق من لفظ الصحيح في قوله وروى الترمذي في صحيحه ولو كان راجعا إلى ما ذكره ثانيا في مرتبة النقل عن البغوي كما توهمه الناصب لكان الظاهر أن يقول وفيها ليرجع إلى لفظ الصحاح المذكور هناك بصيغة الجمع إذ لا يظهر في جملة ما نقل في هذه المرتبة ما يصلح مرجعا للضمير سواه وهو يقتضي ضمير التأنيث دون المذكر وعلى هذا لا وجه للحكم بخيانة المصنف خصوصا عن بهذا الناصب الخوان الملحد الشقي المبيح للكذب الكذاب وقد بينا وجوه خيانته وتحريفه في مواضع من هذا الكتاب ثم أي أثر للوضع والنكر في حديث البغوي مع اتحاده في المعنى مع حديث الترمذي الذي سلمه ولم يتكلم عليه وهل الاختلاف إلا بتبديل المدينة؟؟؟
فاعتبروا يا أولي الأبصار وأما ما ذكره من أن حديث البيهقي يوهم أن علي بن أبي طالب (ع) أفضل من الأنبياء وهذا باطل فمدخول بظهور أن النبوة ليست داخلة في تلك الفضايل المتفرقة فيجوز أن يكون أفضلية الأنبياء (ع) عن علي (ع) باعتبارها كما قال الناصب سابقا في آية المباهلة من أنه كيف يمكن المساواة والنبي (ص) نبي مرسل خاتم الأنبياء أفضل أولي العزم وهذه الصفات كلها مفقودة في علي (ع) انتهى ولو سلم فلا تم بطلان ما أوهمه لما مر من أن المراد بنفس النبي في قوله تعالى وأنفسنا وأنفسكم هو علي (ع) وكونهما نفسا واحدة حقيقية محال فلم يبق إلا المساواة فيما يمكن المساواة من صفات النفس ومساوي الأفضل أفضل قطعا إن قيل كيف يتحقق المساواة في جميع صفات النفس ومنها النبوة التي لم يحصل لعلي (ع) قلت إن أريد بالنبوة بعث إنسان على الوجه المخصوص فظاهر أن ذلك ليس من صفات نفس النبي (ص) حتى يحتاج إلى استثناء وإن أراد به الصفة النفسية الكاملة التي تنبعث منه البعث المذكور فلا يمتنع أن يكون تلك الصفة حاصلة لأئمتنا (ع) غاية الأمر أن خصوصية خاتمية نبينا (ص) منع عن بعثهم على الوجه المخصوص عن إطلاق الاسم عليهم شرعا كما قيل بمثله في منع إطلاق اسم الجوهر بمعنى موجود لا في موضوع على الله سبحانه وأيضا يدل على ذلك قوله (ص ) علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل وجه الدلالة أن مقابلة الجمع بالجمع يقتضي تقسيم الآحاد على الآحاد فإذا قسم علماء الأمة المعصومين وغيرهم من علماء أهل السنة على أنبياء إسرائيل فلا بد أن يقع واحد من علماء الأمة كالشافعي مثلا على زعمهم مقابل نبي وآخر منهم كأبي حنيفة في مقابل نبي آخر وهكذا ومن البين أن عليا والأئمة من أولاده (ع) أفضل من أبي حنيفة والشافعي فيلزم أن يكونوا أفضل من النبي الواقع في مقابلة الشافعي والحنفي بمقتضى التقسيم لا يقال أن وجه الشبه حيث يجب أن يكون في المشبه به أقوى يقتضي زيادة الكمال في أنبياء بني إسرائيل فلا يتم الاستدلال به لأنا نقول بل الأظهرية عند العقل كاف في ذلك كما قالوا به في توجيه تشبيه صلاة النبي وآله عليهم الصلاة والسلام بالصلاة على إبراهيم وآله (ع) ولا ريب في ظهور حال الأنبياء (ع) سيما وقت سماع ذلك الحديث فافهم وبالجملة الدلايل على تفضيل أمير المؤمنين (ع) على من عدا نبينا (ص) من الأنبياء (ع) كثيرة أقواها الآيات والأحاديث الدالة على المشابهة والاتحاد والمماثلة والمشاكلة
পৃষ্ঠা ১৯৯
وإذا قامت الحجة على فضل أمير المؤمنين (ع) على نبي من الأنبياء ولاح على ذلك البرهان وجب علينا القول به وترك الخلاف فيه ولا يوحشنا منه خلاف العامة الجهال وليس في تفضيل سيد الوصيين وإمام المتقين وأخي رسول رب العالمين ونفسه بحكم التنزيل وناصره في الدين وأبي ذريته الأئمة الراشدين على بعض الأنبياء المتقدمين أمر يحيله العقل ولا يمنعه السنة ولا يرده القياس ولا يبطله الاجماع إذ عليه جم غفير من شيعته وقد نقلوا ذلك عن الأئمة من ذريته (ع) وتفصيل الكلام في هذا المقام وتقريبه إلى المرام على ما أشار إليه بعض الموحدين الأعلام أنهم اتفقوا على أن المراتب الثابتة عند الله تعالى للأنبياء السابقة وغيرهم من الأولياء كمولانا أمير المؤمنين وأولاده المعصومين (ع) ثابتة لهم من روحانية نبينا (ص) المعطي لهم مراتبهم في العوالم الثلاثة لأنه قطب الكل وإذا كان كذلك وجب أن يكون الأولياء من أئمتنا المقتبسين عن النبي (ص) بجهتي روحانية وجسمانية أفضل من الأنبياء وأكمل وأتم ولا عجب في أفضلية الولي المتضرع من النبي (ص) الكامل القائم مقامه والمشاهد لمعارجه والمطلع على جميع مقاماته الشهودية وأحواله الملكوتية عن النبي (ص) القاصر عن الكمال الجمعي الناقص في الاطلاع على حقايق مقامات الكامل وكيفيات معارجه وتطوره بالأطوار الشهودية الجمعية وبالجملة الأنبياء لما كانوا في الوجود الصوري أسبق من القطب المحمدي (ص) كان أخذهم عنه إنما هو باعتبار صورته المعنوية الحاصلة في عالم العقول من حيث أنه عقل الكل ونفس الكل المندرج فيه إجمالا ما هو فيما تحته من العوالم مفصلا وأما أوليائه فلتأخر وجودهم الصوري عن وجوده الصوري كان أخذهم ما أخذوه عنه باعتبار المقامين معا فشاركوا الأنبياء في المقام الأول واختصوا دونهم بالمقام الثاني الذي هو مقام التفصيل لأنه لما نزل إلى عالم الطبيعة بالصورة الإنسانية فصل فيهما أجمل هناك وظهر فيه بمقامات الوحي الملكي ما لم يكن ولهذا احتاج الأنبياء في تدبير النوع الإنساني إلى الوحي المنزل على أيدي الملائكة لتعريف الحوادث الكونية وحصل لهم زيادة الكمالات بذلك وبالمجاهدات والغزوات والمحن والرزايا ومخالفة القوم ومجاهدتهم معهم فأولياء نبينا (ص) يشاهدون منه جميع ذلك على التفصيل فتخلقوا بجميع أخلاقه التي وصفها الله تعالى بالعظم في قوله تعالى وإنك لعلى خلق عظيم والعظيم لا يقول في شئ عظيم إلا إذا كان في غاية ما يكون من العظمة واقتدوا به في جميع مسالكه الإجمالية والتفصيلية ثم حصل لهم مع تمام النسب المعنوي الحاصل لهم بسبب التشبيه التام والتخلق الحقيقي بجميع أخلاقه النسب الصوري والقرب اللحمي والدموي فاشتركت المواد واتحدت الصور فكانوا في الحقيقة هم هو وهو هم باعتبار النسبتين فصاروا بذلك أهل الجمعية التامة والمقامات العامة فتحقق لهم مزيد الفضل والاختصاص بالكمالات الحقيقية على من سواهم من ساير الأنبياء والأولياء كما تحقق له (ص) ذلك من غير فرق وفي الدعاء المأثور عن أهل البيت (ع) آمنت بسر آل محمد وعلانيتهم وظاهرهم وباطنهم وأشهد أنهم في علم الله وطاعته كمحمد (ص) فافهم مقاماتهم الإلهية وخصايصهم النبوية فإنها مقامات عزيزة الأحكام عزيزة المرام فاعرفها جدا تكن عارفا بهم حق المعرفة التي وجبت عليك بقوله (ص) من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية والله الموفق قال المصنف رفع الله درجته وأيضا جميع العلوم مستندة إليه أما الكلام وأصول الفقه فظاهر وكلامه (ع) في النهج يدل على كمال معرفته في التوحيد والعدل وجميع جزئيات علم الكلام والأصول وأما الفقه فالفقهاء فكلهم يرجعون إليه أما الإمامية فظاهر وأما الحنفية فإن أصحاب أبي حنيفة أخذوا عن أبي حنيفة وهو تلميذ الصادق (ع) وأما الشافعية فأخذوا عن محمد بن إدريس الشافعي وهو قرأ على محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة وعلى مالك فرجع فقهه إليهما وأما أحمد بن حنبل فقرأ على الشافعي فرجع فقهه إليه وأما مالك فقرأ على اثنين أحدهما ربيعة الرأي و هو تلميذ عكرمة وهو تلميذ عبد الله بن عباس وهو تلميذ علي (ع) والثاني تلميذ مولانا جعفر الصادق (ع) وكان الخوارج تلامذة له (ع) وأما النحو فهو واضعه وكذا علم التفسير قال ابن عباس حدثني أمير المؤمنين (ع) في باء بسم الله الرحمن الرحيم من أول الليل إلى الفجر ولم يتم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ذكر أن أبا حنيفة قرأ على الصادق (ع) ثم ذكر أن الشافعي قرأ على محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة وعلى مالك فرجع فقهه إليهما ويفهم من هذا أن كل من قرأ على أحد يرجع فقهه إليه فيرجع فقه جميع الأئمة على هذا التقدير إلى الصادق (ع) وفقه الصادق (ع) عنده لا شك أنه حق وصدق فلم يبق له بعد هذا الكلام اعتراض على الأئمة الأربعة وأما قوله أن الشافعي قرأ على محمد بن الحسن فهو كذب وبطل وأما قوله أن جميع العلوم من الفقه والأصول والكلام يرجع إلى أمير المؤمنين (ع) فإن أراد أن أصحاب هذه العلوم ما استفادوا في تدوين هذه العلوم عن غير كلام أمير المؤمنين (ع) فهو محال كما لا يخفى وإن أراد أنهم استفادوا من كلامه أيضا كما استفادوا من كلام باقي علماء الصحابة فهذا حق لا شك فيه انتهى وأقول نسبة الشافعي إلى تلميذ محمد بن الحسن مما سبق إليه ابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي في شرح نهج البلاغة حيث قال ما هذه عبارته وأما أصحاب أبي حنيفة كأبي يوسف وغيرهما فأخذوا عن أبي حنيفة وأما الشافعي فقرأ على محمد بن الحسن فرجع فقهه إلى أبي حنيفة وأبو حنيفة قرأ على جعفر بن محمد الصادق (ع) وجعفر قرأ على أبيه وينتهي الأمر إلى علي (ع) وأما مالك بن أنس فقرأ على ربيعة الرأي وقرأ ربيعة على عكرمة وقرأ عكرمة على عبد الله بن عباس وقرأ عبد الله بن عباس على علي بن أبي طالب (ع) وإن شئت رددت عليه فقه الشافعي بقرائته على مالك كان ذلك لك انتهى كلامه بعبارته ويمكن أن يكون المصنف قد علم بطلان تلك النسبة أيضا لكن لما وقع إثباتها في كلام ابن أبي الحديد الحنفي وغيره أراد إحاطة ما قيل في هذا المقام لئلا يقول أحد ممن ذهب مذهب ابن أبي الحديد أن تلمذ الشافعي لا ينحصر في مالك فلا يتم الارجاع على أن النووي شيخ متأخري الشافعية قد صرح في كتابه الموسوم بتهذيب الأسماء بأن الشافعي روى عن محمد بن الحسن فجاز أن يكون المراد من التلمذ في كلام المصنف وكلام ابن أبي الحديد هذا وأما ما فهمه من عبارة
পৃষ্ঠা ২০০
الكتاب وظن أنه وجد ثمرة الغراب فيجاب بأن مراد المصنف من رجوع فقه أبي حنيفة وغيره إلى أمير المؤمنين (ع) أن التلميذ فيما أخذ عن أستاذه في علم وقوى عليه أساس تحصيله فيه يرجع إليه لا أنه فيما أحدثه من عند نفسه أيضا راجع إليه فلا يلزم أن يكون الرحض والتشريعات التي أحدثها أبو حنيفة وبنى فيها على القياس والاستحسان المردودين راجعا إلى علي (ع) حتى لا يتوجه عليه الاعتراض كما توهمه الناصب وهذا كما أن تلامذة أبي حنيفة مع بقاء اسم التلميذ عليهم إلى آخر العمر ورجوع فقههم إليه بلا نزاع قد خالفوا أبا حنيفة في كثير من المسائل ولا يلزم من عدم توجه الاعتراض على فتوى أبي حنيفة عدم توجهه على فتاويهم ولهذا قد نقل الدميري الشافعي في كتاب حياة الحيوان أن مولانا الصادق (ع) اعترض على أبي حنيفة في قياسه واستحسانه وسنذكره في بحث القياس من مسايل أصول الفقه إن شاء الله تعالى وأما ما ذكره الناصب من الترديد فمردود بأن المراد أن أصول تلك العلوم وكلياتها ومهماتها وحقايقها قد استفيد من كلام أمير المؤمنين (ع) وخطبه فإنها تتضمن من ذلك ما لا زيادة عليه ولا غاية ورأه ومن تأمل المأثور في ذلك من كلامه (ع) علم أن جميع ما أسهب المتكلمون من بعد في تصنيفه وجمعه إنما هو تفصيل لتلك الجملة وشرح لتلك الأصول وروى عن الأئمة من أولاده (ع) من ذلك ما لا يحاط كثرة ومن أحب الوقوف عليه وطلبه من مظانه أصاب منه الكثير العزيز الذي شفاء للصدور السقيمة ونتاج للعقول العقيمة وفي كتاب إحياء العلوم للغزالي أن أول من سن دعوة المبتدعة بالمجادلة إلى الحق علي (ع) وقد ناظره الملحدة في مناقضات القرآن وأجاب مسألة الجاثليق حتى أسلم انتهى وقد أورد السيد المرتضى (رض) جملة من ذلك في كتاب الغرر والدرر ثم قال وهذا باب أن أولجنا فيه اغترفنا من ثبج بحر زاخر أو شؤ بوب غمام ماطر وكل قول في هذا الباب لقايل إذا أضيف إليه أو قويس به كان كإضافة القطرة إلى الغمرة والحصات إلى الحرة وإنما أشرنا إليه إشارة وأومأنا إليه إيماء انتهى وبهذا يحصل غرض المصنف من إثبات تلمذ الجمهور (ع) له بواسطة ووسايط وأما ما عدا تلك الكليات من المسايل الباطلة كرؤية الله تعالى وإثبات الصفات الزايدة والقول بالجبر والكسب في أفعال العباد والأصول الفاسدة من القياس والاستحسان ونحوهما فلا يقدح استفادتها من غيره (ع) في كونه مرجع الأصول الصحيحة والمسائل الحقة الصريحة وأيضا المعتزلة الذين هم من قدماء المتكلمين في علم الكلام قد اعترفوا بذلك كما يرشد إليه كلام ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة حيث قال في جملة كلامه وما أقول في رجل يعزى إليه كل فضيلة وينتهي إليه كل فرقة ويحاذيه كل طائفة فهو رئيس الفضايل وينبوعها وأبو عذرها وسابق مضمارها ومجلي حليتها كل من برع فمنه أخذ وله اقتفى وعلى مثاله احتذى انتهى فإنكار هذا الناصب الشقي لا يقدح في المقصود كما لا يخفى ولعله أراد بباقي الصحابة في الشق الثاني من ترديده المردود أبا بكر وعمر وعثمان وقد علم في تضاعيف هذا الكتاب وفي غيره من فصول الكتاب الخطاب مبلغ جهلهم ودنو كعبهم عن فقه الأحكام وفهم كلام الملك العلام فكان ينبغي أن يستحي عن الإشارة إليهم في هذا المقام وإذا كان علي (ع) أعلم الأمة فهو أولى وأرضى بالإمامة من غيره لقبح تقديم المفضول على الفاضل وهل يحسن من ذي بصيرة وقادة والمعية نقادة وفراسة منيرة وفطنة مصيبة ولب ثاقب ورأي ثايب أن يقدم على من صدر عنه علوم ظاهرة وأعلام باهرة وآيات ناطقة ومعجزات ظاهرة قد وقعت الإشارة إلى نبذ يسير منها من لا يعلم معنى الأب والكلالة من القرآن ويسئل عن الله أين هو فيقول في السماء على العرش ولم يعلم أنه تعالى لا يجوز عليه ما يجوز على الأجسام وأنه متعال عن أن يكون له مكان أو إمكان أو يليق أن يفضل عليه من اعترف في سبعين موضعا رده (ع) عن خطائه بأنه لولا علي لهلك عمر وكما قال ابن عبادة شعر هل مثل فتواك إذ قالوا مجاهرة لولا علي هلكنا في فتاوينا وكان يتعوذ من معضلة ليس لها أبو حسن (ع) وأقر بأن كل الناس أفقه منه حتى المخدرات في الحجال وأفحمه في أيام خلافته صعصعة بن صوحان في عنفوان شبابه وقصر فهمه عن إدراك سؤال المرأة المشتكية عن زوجها مع إعادتها لذلك ثلث مرات بعبارة واضحة في مقصودها إلى أن ينهيه كعب بن سور بذلك فانفعل وأحال سؤالها عليه ثم استحسن ما أجاب به كعب عن سؤالها بالباطل وولاه قضاء البصرة ليستر عليه سوء فهمه و جهله ألا يرى أن تقديم قليل العلم على مثل الشافعي وأبي حنيفة قبيح جدا وكذا لو استوزر الملك رجلا لا بصيرة له بعلم السياسة وتدبير الأحوال لقبح العقلاء عليه فعله وقد قال الله تعالى هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب وقال أبو علي بن سينا في كتاب الشفاء في فن الخطابة ينبغي أن يكون المشير بصيرا بمقدار حاجة كل إلى كل وبأحوال أهل الفضايل وأهل الثروة منهم فيشير بما ينتظم به شمل المصلحة فهذا الحكيم كما يرى كلامه يوجب من طريق العقول الصحيحة والحكمة القديمة أن لا يقدم المشورة إلا العالم بجامع الأمور الحاوية لفنون المصالح وما نطق به القرآن وشهد بصحته صريح العقل وأوجبه الحكماء فلا سبيل إلى بطلانه ومما ينبغي أن ينبه عليه في هذا المقام أن الفضل المستفاد من صيغة أفعل التفضيل كما علم ونحوه في أصل اللغة بمعنى الزيادة يقال فضل الشئ على الشئ أي زاد عليه ويقال رجل ذو فضل أي ذو كمال في العلم أو غيره ويجئ أيضا لمان أخر قال الله تعالى وفضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة أي زادهم في الآخر وقال الله تعالى الرجال قوامون على النساء بما فضل الله به بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم أراد به العقل والرأي وقيل أنه مطلق أراد به جميع ما فضل به الرجال على النساء من الزيادة في الميراث والشهادة إلى غير ذلك فعلى هذا القول الفاضل هو الزايد وأفضل هو الأعلم في الزيادة ولفظة أفضل التي على وزن أفعل يستعمل على قسمين أحدهما لتفضيل شئ وقعت فيه الشركة وزاد الفاضل بمزية تخصصه وتلك المزية إما في نفس ما اشتركا فيه كمن يكون شجاعا وغيره أشجع منه أو زيادة بمزية أخرى لم يحصل له أنقص كمن زيد على الشجاعة بالسماحة والقسم
পৃষ্ঠা ২০১
الثاني لتفضيل شئ لم يقع فيه شركة كقوله تعالى خير مكانا وأحسن مقيلا فهذه مقيدة ومع الاطلاق يراد به الزيادة في الفضل المشترك فيه وهو الأكثر في دلالتها والمشهور منها ولما تباينت الصفات من علم وكرم وشجاعة وزهد وورع وقضاء إلى غير ذلك بين علي (ع) وبين أبي بكر وأمثاله لم يجز لأجل ذلك أن يقال علي أفضل من أبي بكر أو عمر ولهذا قال علي (ع) من فضلني على أبي بكر جلدته جلد المفتري يعني (ع) أن مفضله على أبي بكر أو عمر قد افترى عليهما بما ليس فيهما من الفضل والله در الشاعر حيث يقول شعر متى ما أقل مولاي أفضل منها أكن بالذي فضلته متنقصا ألم تر أن السيف تزرى بحده متى قلت هذا السيف أمضى من العصا ولعله بهذا المعنى أقسم بالله تعالى عبد الرزاق بن همام الصنعاني أحد الثقات المشهورين عند نسبته مذهب التفضيل إليه لقوله والله ما انشرح صدري قط إن أفضل عليا على أبي بكر فافهم وأفضل يستعمل على ثلاثة أوجه يستعمل مع الألف واللام كقولك زيد الأفضل ويستعمل مع الألف واللام كقولك زيد الأفضل ويستعمل مع من كقولك زيد أفقه من عمر ومعناه يزيد فقهه على فقهه ويستعمل مضافة كقولك زيد أفضل القوم فزيد بعض القوم فزيد بعض القوم لكن فضله يزيد على فضلهم وقد روى الجمهور عن النبي (ص) أنه قال لابنته فاطمة (ع) زوجتك أعظمهم حلما وأقدمهم سلما وأحكمهن علما وهذه الكلمات النبوية على وزن أفعل وهي يقتضي لعلي (ع) الزيادة على غيره وإن كان مساويا له في الإنسانية والمعنى الذي صار لأجله أفضل منهم هو بلوغ غاية الحكمة وإدراك العلوم الربانية علما وعملا وهذا الألف في أعظمهم وأقدمهم وأعلمهم يسمى ألف التفضيل وقد نقل عن سيبويه أنه قال أحمد على وزن أفعل يدل على فضله على ساير الأنبياء لأجل ألف التفضيل ثم النقل عن سيبويه فيجب أن يكون الألف في صفات علي (ع) دالة على فضله على ساير القرابة والصحابة وهو المطلق قال المصنف رفع الله درجته وعلم الفصاحة إليه منسوب حتى قيل في كلامه أنه فوق كلام المخلوق دون كلام الخالق ومن كلامه تعلم الفصحاء قال ابن نباتة حفظت من كلامه ألف خطبة ففاضت ثم فاضت وأما المتكلمون فأربعة معتزلة وأشاعرة وشيعة وخوارج وانتساب الشيعة إليه معلوم والخوارج كذلك فإن فضلائهم رجعوا إليه وأما المعتزلة فإنهم انتسبوا إلى واصل بن عطاء وهو تلميذ أبي هاشم عبد الله وهو تلميذ أبيه محمد بن الحنفية وهو تلميذ أبيه علي (ع) وأما الأشاعرة فإنهم تلامذة أبي الحسن علي بن أبي بشر الأشعري وهو تلميذ أبي علي الجبائي وهو من مشايخ المعتزلة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول لا شك في توغل أمير المؤمنين (ع) في العلم والفصاحة والأسرار المكنونة التي لم يطلع عليها أحد غيره وأما ما ذكره من رجوع طوايف أهل الكلام إليه فإن أراد به أن أصول كلامهم مأخوذ منه فهذا يوجب أن يكون أصول عقايد الخوارج والمعتزلة والأشاعرة مأخوذا من أمير المؤمنين وما كان مأخوذا عنه يكون حقا وهذا لا يوافق مذهبه وإن أراد به أنهم ينتسبون إليه بلا أخذ العلم والعقيدة فإثبات هذا لا يفيده فيما يدعيه انتهى وأقول فيه أولا إن علم أمير المؤمنين (ع) وفصاحته لم يكن بالتوغل والتحصيل المتعارف كما توهمه الناصب بل كان بالتأييد من الله تعالى ورسوله لهذا فاق في الكل على الكل وصار إمام الكل في الكل وثانيا أن ما ذكره من الترديد مردود غير حاصر إذ المراد كما أشرنا إليه سابقا أنهم ينتسبون إليه (ع) في أخذ العقايد الحقة من معرفة وجود الباري ووحدانيته وصفاته وأفعاله ومعرفة النبي وما جاء به مما لا يستقل العقل بإثباته من أحوال المبدأ والمعاد وهذا كما يقال أن محمد بن الحسن وأبا يوسف من تلامذة أبي حنيفة منتسبون إليه مع ظهور خلافتهما في كثير من المسائل الفرعية كما لا يخفى على من نظر في كتبهم الفقهية فكذا لا يلزم فيما نحن فيه أن يكون ما أحدثه المعتزلة والأشاعرة والخوارج من عند أنفسهم سيما ما أحدثه الخوارج بعد الخروج على علي (ع) ومروقهم من الدين حتى القول بالتبري عنه (ع) مأخوذا عنه (ع) كما زعمه هذا الناصب الغبي وهل هذا إلا مثل أن يقول أحد أن علوم بني إسرائيل كانت مقتبسة من نبيهم موسى (ع) فيقول شقي قوى مثل هذا الناصب الجاهل الغبي أنه يلزم أن يكون ما أحدثه بنو إسرائيل بعد ارتدادهم من اعتقاد ألوهية العجل وحقية السامري ونحو ذلك أيضا مقتبسا من موسى (ع) وأيضا من البين أن الفرق المتكثرة البالغة إلى ثلاث وسبعين فرقة من أمة نبينا (ص) منتسبون إليه متمسكون بدينه وكل فرقة منهم يدعي أنه على ما عليه النبي (ص) وآله وأصحابه الأخيار ولا يلزم من أخبارنا بأنهم من أمته وداخلون في ملته ومقتبسون من مشكاة نبوته أن يكون قابلين بأن اعتقاداتهم الباطلة أيضا دينا وموافقا لما عليه النبي وآله وأصحابه بل المقصود إنما هو الحق منها في نفس الأمر موافق لما عليه النبي (ص) وأصحابه ولعمري أن هذا الناصب الشقي حقيق في غباوته وكودنته واعوجاج فهمه المارق عن جانب المقصود الصحيح من الكلام إلى غيره بأن ينشد على روحه الميشوم البقرى المستقر في أسفل دركات السقر شعر علي بخت القوافي من معادنها فما علي إذا لم يفهم البقر قال المصنف رفع الله درجته وأما علم الطريقة فإن جميع الصوفية وأرباب الإشارات في الحقيقة يسندون الخرقة إليه وأصحابه الفتوة يرجعون إليه وهو الذي نزل جبرئيل (ع) يوم بدر ينادي لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي وقال النبي (ص) أنا الفتى ابن الفتى أخوا الفتى أما أنه الفتى لأنه سيد العرب وأما أنه ابن الفتى فلأنه ابن إبراهيم الذي قال الله تعالى فيه فتى يقال له إبراهيم وأما أنه أخوا الفتى فلأنه أخ علي الذي قال جبرئيل فيه لا فتى إلا علي انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكره أن الصوفية يرجعون إليه في ما ادعى في صدر الكتاب أن الصوفية هم تاركوا الصلاة والمعتقدون للحلول والاتحاد وكيف يجوز نسبتهم إلى أمير المؤمنين وهذا عملهم وعقيدتهم ثم أن انتساب الخرقة لا يوجب أخذ العلم وأخذ العلم هو المدعي وفي الجملة هذا الرجل لا يعرف ما يقول وهو كالناقة العشواء يرتعي كل حشيش انتهى وأقول أولا إن من شنع عليهم المصنف في صدر الكتاب في بحث عدم جواز الحلول على الله تعالى هم جمهور المتصوفة مقرونا بتاء التفعل المقصود منه التكلف في الأمر والمراد بهم صوفية الجمهور من أهل السنة كما مر فلا منافاة بل قد وافق المصنف في ذلك شارح منهاج الفقه للنووي حيث قال في بحث الوصايا من شرحه
পৃষ্ঠা ২০২
المسمى بنجم الوهاج ومن كان من هؤلاء الصوفية كابن العربي والقطب البونوي والعصنيف التلمساني فهؤلاء ضلال جهال خارجون عن طريقة الإسلام فضلا من العلماء الأعلام انتهى وثانيا أن المراد بالخرقة ههنا العلوم اللدنية والحقايق الإلهية المخصوصة لعلي (ع) دون غيره من الأولياء من الأزل إلى الأبد كالنبوة بالنبي (ص) وقد صرح بذلك الغزالي والشيخ محيي الدين الأعرابي في تصانيفهما وقال سيد المتألهين حيدر بن علي الحسيني العبيدلي الآملي قدس سره في كتاب جامع الإسراء ومنبع الأنوار أن السر المنقول من أمير المؤمنين (ع) وأولاده المعصومين (ع) إلى تلامذتهم ومريديهم وهو عند العوام من الصوفية وغيرهم موسوم بالخرقة وعند الخواص بسر الولاية فالذي قال العوام أن خرقة التصوف كانت لآدم (ع) وهو ليس من يد جبرئيل (ع) بإذن الله تعالى وأمره وكان من خبس الصوف وغيره فوصل منه إلى ولده شيث (ع) بالإرث الصوري ومن شيث إلى أولاده ومنهم إلى نوح (ع) ومن نوح إلى أولاده ومنهم إلى إبراهيم (ع) ومن إبراهيم إلى أولاده ومنهم إلى محمد (ص) ومنهم إلى علي (ع) ومن علي إلى أولاده وتلامذته منهم إلى تلامذتهم ومريديهم على الترتيب ليس بصحيح ولا بمعقول لأن الخرقة عند الخواص هي سر الولاية الذي كان للنبي (ص) بالأصالة يقول كنت نبيا وآدم بين الماء والطين وانتقل منه إلى آدم بطريق العارية على سبيل الوصية ومن آدم إلى ولده شيث بالإرث الحقيقي المعنوي ومن شيث (ع) على الترتيب المذكور إلى محمد ومنه إلى علي ومن علي إلى أولاده المعصومين وتلامذته وكذلك ينتقل من بعضهم إلى بعض وأما الخرقة الصورية من الصوف والقطن أو غيرهما ليست لها دخل في خصول سر الولاية في الشخص فكأنه استعارة ومجاز لتفهيم أهل الصورة وأهل الظاهر وإلا نسبة هذا المعنى إلى الخرقة كنسبة لباس التقوى استحق في قوله تعالى وريشا ولباس التقوى وكذلك حال الفتوة والعقد المنسوب إلى أمير المؤمنين (ع) لأنه أيضا معنوية وأخذ أهل الصورة بالصورة ويعملون عليها غافلين عن معناها وأكثر الأوضاع المشهورة في العالم عند التحقيق هذا حاله انتهى وأقول من تلك الأوضاع صفق اليد عند بيعة النبي (ص) والإمام (ع) فقد علم بما ذكرنا أن الناصب الفاقد للفلاح لا يعرف شيئا من السر والاصطلاح ولا يفرق بين الافساد والإصلاح فيعوي كالكلب الكلب على أولياء بني عبد المطلب وكأنه لم يسمع قوله نحن بنو عبد المطلب ما عادانا بيت إلا وقد خرب وما عاوانا كلب إلا وقد جرب وقد جربنا أن الناصب قد جرب بل خرب وافتقد القرار واضطرب فباع نبعة إصفهان بالغرب واغترب إلى بخارا بل هرب وهناك بنجم الشوم قد غرب شعر جزى الله ذلك الرجس فيما قد افتعل جزاء كلاب العاويات وقد فعل قال المصنف رفع الله درجته وأيضا جميع الصحابة رجعوا إليه في الأحكام واستفادوا منه ولم يرجع هو إلى أحد منهم في شئ البتة وقال عمر بن الخطاب في عدة مواطن لولا علي لهلك عمر حيث رده عن خطأ كثير انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول رجوع الصحابة إليه في الفتوى غير تعبيد لأنه كان مفتي الصحابة والرجوع إلى المفتي من شأن المستفتين وإن رجوع عمر إليه كرجوع الأئمة والولاة العدل إلى علماء الأمة وما ذكره من قوله لولا علي لهلك عمر فهو من فضايل عمر في عدله وصدقه وإنصافه وتواضعه انتهى وأقول يفهم من كلام الناصب الشقي أن الصحابة بعد استوائهم مع علي (ع) في تهيؤ الاستنباط والإفتاء فوضوا منصب الافتاء إليه (ع) تسهيلا على أنفسهم وعلى العامة كما عينوا شريح وأمثاله للقضاء لذلك وكما يتعارف في البلاد الحنفية والشافعية والمالكية من تعيين واحد في الافتاء وآخر للقضاء مع وجود من هو أعلم منهما كثيرا حاشا وكلا بل الاستفتاء والإفتاء منه (ع) إنما كان في غوامض المسائل الذي لم يكن من شأن صنف غيره من الصحابة ولو ارتقوا إلى السماء التهيؤ لاستنباطها والعلم بحقايقها كما أشار إليه المصنف بعيد ذلك بقوله من الأحكام الغريبة التي يستحيل أن يهتدي إليها من سئل من الكلالة والأب فلم يعرفها؟
وأما ما ذكره في توجيه قول عمر لولا علي لهلك عمر فإن أراد به أنه قد صدر عنه تلك الكلمة في مواطنها على وجه التواضع من غير إفادة علي (ع) الحق له وإقلاع جهله وخطائه عنه بل كان الحق في ذلك المقام مع عمر فهذا التواضع حرام وإن أراد أن ذلك التواضع كان لإفادته الحق له والتنبيه على مواضع جهله وخطائه فقد ثبت الأفضلية وصار تواضع الناصب لغوا انتهى قال المصنف رفع الله درجته وفي مسند أحمد بن حنبل لم يكن أحد من أصحاب النبي (ص) يقول سلوني إلا علي بن أبي طالب (ع) وفي صحيح مسلم أن عليا (ع) قال على المنبر سلوني قبل أن تفقدوني وسلوني عن كتاب الله عز وجل فما من آية إلا وأعلم حيث نزلت بحضيض جبل أو سهل أرض وسلوني عن الفتن فما من فتنة إلا وعلمت كبشها ومن يقتل فيها وكان يقول سلوني عن طرق السماء وإني أعرف بها من طرق الأرض وقال علي (ع) علمني رسول الله (ص) ألف باب من العلم في كل باب ألف باب وقضاياه العجيبة أكثر من أن يحصى كقسمة الدراهم على صاحب الأرغفة وبسط الدية على القاصة والناخسة وإلحاق الولد بالقرعة وصوبه النبي (ص) والأمر بشق الولد نصفين حتى رجعت المدعيتان إلى الحق والأمر بضرب عنق العبد حتى رجع إلى الحق وحكمه في ذي الراسين بايقاظ أحدهما واستخراج حكم الخنثى وأحكام البغاة قال الشافعي عرفنا أحكام البغاة عن علي (ع) وغير ذلك من الأحكام الغريبة التي يستحيل أن يهتدي إليها من سئل عن الكلالة والأب فلم يعرفهما وحكم في الحد بمائة قضية انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكره من الأقضية والأحكام التي قضى فيها أمير المؤمنين فهو حق لا يرتاب فيه وهذا شأنه وهو مشتهر فيه وأما قول سلوني فهذا من وفور علمه كالبحر الزاخر الذي يتموج بما فيه ويريد إلقاء الدر على الساحل وهذا ليس من باب النزاع حتى يقيم فيه الدلايل وأما قوله من سئل عن الكلالة والأب فلم يعرفهما فهو من المطاعن وستعرف جوابه في محله إن شاء الله تعالى أقول ههنا مقامان أحدهما ما ذكره المصنف من تفرد علي (ع) بحل المسائل الذي لا يهتدي إليها غيره والثاني جهل غيره بالمسائل الذي لا يحل لأدنى عالم من أهل الدين الجهل بها فضلا عن المتصدي لخلافة المسلمين والناصب أغمض من جواب الأول رأسا وأحال جواب الثاني على ما
পৃষ্ঠা ২০৩
سيذكره في المطاعن ونحن أيضا نعمل في رد جوابه بمثله فانتظر قال المصنف رفع الله درجته المطلب الثالث الأخبار بالغيب وقد حصل منه في عدة مواطن فمنها أنه قال في خطبة سلوني قبل أن تفقدوني فوالله لا تسألوني عن فتنة تضل بآية وتهتدي بآية إلا نبأتكم بناعقها وسايقها وقايدها إلى يوم القيامة فقام إليه رجل فقال أخبرني كم في رأسي ولحيتي من طاقة شعر فقال علي (ع) والله لقد حدثني خليلي رسول الله (ص) بما سألت عنه وإن على كل طاقة من شعر رأسك ملكا يلعنك وإن على كل طاقة من شعر لحيتك شيطانا يستفزك وإن في بيتك لسخلا يقتل ابن رسول الله (ص) ولولا أن الذي سألت عنه يعسر برهانه لأخبرت به ولكن آية ذلك ما نبأت به عن لعنك وسخلك الملعون وكان ابنه في ذلك الوقت صغيرا وهو الذي تولى قتل الحسين (ع) وأخبر بقتل ذي الثدية من الخوارج وعدم عبور الخوارج النهر بعد أن قيل له قد عبروا وعن قتل نفسه وبقطع يدي جويرية ابن مسهل وصلبه فوقع في أيام معاوية وبصلب ميثم التمار وطعنه بحربة عاش عشرا وأراده النخلة التي يصلب عن جذعها ففعل به ذلك عبيد الله بن زياد وبقطع يدي رشيد الحجري ورجليه وصلبه ففعل ذلك به وقتل قنبر وقتله الحجاج وبأفعال الحجاج التي صدرت عنه وجار رجل إليه فقال إن خالد بن عرفطة قد مات فقال (ع) إنه لم يمت ولا يموت حتى يقود جيش ضلالة صاحب لوائه حبيب بن جمار فقام رجل من تحت المنبر فقال لأمير المؤمنين إني لك شيعة ومحب فقال من أنت قال أنا حبيب بن جمار قال أياك أن تحملها ولتحملنها وتدخل بها من هذا الباب وأومأ بيده إلى باب الفيل فلما كان زمان الحسين (ع) جعل ابن زياد خالد بن عرفطة على مقدمة عمر بن سعد وحبيب بن جمار صاحب رايته فسار بها حتى دخل من باب الفيل وقال للبراء بن غارب يقتل ابني الحسين (ع) وأنت حي لا تنصره فقتل الحسين (ع) وهو حي ولم ينصره ولما اجتاز بكربلا في وقعة صفين بكى وقال هذا والله مناخ ركابيهم وموضع قتلهم وأشار إلى ولده الحسين وأصحابه وأخبر بعمارة بغداد وملك بني العباس وأحوالهم وأخذ المغول الملك منهم وبواسطة هذا الخبر سلمت الحلة والكوفة والمشهدان من القتل في واقعة هلاكو لأنه لما ورد بغداد كاتبه والدي والسيد بن الطاووس والفقيه ابن أبي العز وسألوا الأمان قبل فتح بغداد فطلبهم فخافوا فمضى والدي (ره) إليه خاصة فقال كيف أقدمت على المكاتبة قبل الظفر فقال له والدي لأن أمير المؤمنين (ع) أخبر بك إليه وقال إنه يرد الترك على الأخير من بني العباس يقدمهم ملك يأتي من حيث بدا ملكهم جهوري الصوت لا يمر بمدينة إلا فتحها ولا ترفع له راية إلا نكسها الويل الويل لمن ناواه فلا يزال كذلك حتى يظفر والأخبار في ذلك كثيرة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول من ضروريات الدين إن علم الغيب مخصوص بالله تعالى والنصوص في ذلك كثيرة وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر الآية إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث الآية فلا يصح لغير الله تعالى أن يقال أنه يعلم الغيب ولهذا لما قيل عند رسول الله (ص) في الرجز وفينا نبي يعلم ما في الغد أنكر على قايله وقال دع هذا وقل غير هذا وبالجملة لا يجوز أن يقال لأحد فلان يعلم الغيب نعم الإخبار بالغيب بتعليم الله تعالى جايز وطريق هذا التعليم إما الوحي أو الالهام عند من يجعله طريقا إلى علم الغيب فإن صح أن أمير المؤمنين (ع) أخبر بالمغيبات فلا بد أن يقال أنه كان بتعليم من الله تعالى إما بالإلهام كما يكون للأولياء أو بالسماع من رسول الله (ص) وبعض الناس على أنه كان يعلم بالعلم الموسوم بالجفر الجامعة وهو أيضا من تعليم الله تعالى فكان ينبغي له أن يبين حقيقة هذا ولا يطلق القول بالإخبار بالغيب فإنه يوهم أن البشر يمكن له الإخبار بالغيب وأما ما ذكر من الأخبار بوقايع خروج الترك وخراب بغداد فقد جاء في بعض الأحاديث الإخبار عنه وهو بتعليم الله تعالى كما يقتضيه نصوص الكتاب وضرورة الدين انتهى وأقول ما ذكره الناصب يرجع إلى مناقشة لفظية ومع هذا لم يقل المصنف أن أمير المؤمنين (ع) يعلم الغيب حتى يكون منافيا لمدلول الآية بل قال أنه أخبر بالغيب ليشعر بالعدول عن ذلك إلى أن المراد الإعلام بذلك بتعليم الله تعالى وإلهامه وبالجملة أنا لم ندع أنه كان يعلم الغيب بل ندعي أنه كان لنفسه القدسية استعداد أن ينتقش بالأمور الغيبية عن إفاضة جود الله تعالى أو أن يطالع اللوح المحفوظ كما ذكره الشيخ ابن حجر العسقلاني في شرح صحيح البخاري في شأن ابنه الحسن في حالة الرضاع أو يخبر بالاستنباط بالجفر والجامعة الذي اختص به دون غيره وفرق بين علم الغيب الذي لا يعلم إلا الله تعالى وبين ما ادعيناه فإن المراد بعلم الغيب هو العلم الذي لا يكون مستفادا من سبب يفيده وذلك إنما يصدق على الله تعالى إذ كل ما علم من عداه تعالى فهو مستفاد من جوده إما بواسطة أو بغير واسطة فلا يكون علم غيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا لمن ارتضى من رسول الآية فلينظر الناصب الشقي أن صاحب هذا النفس هل كان علي (ع) أو من كان رأس ماله السؤال وأفحمه مخدرات الحجال قال المصنف رفع الله درجته المطلب الرابع في الشجاعة وقد أجمع كافة الناس على أن عليا ( ع) كان أشجع الناس وتعجبت الملائكة من حملاته وفضل النبي (ص) قتله لعمرو بن عبد ود على عبادة الثقلين وناداه جبرئيل لا سيف إلا ذو الفقار وروي الجمهور أن المشركون كانوا إذا أبصروا عليا (ع) في الحرب عهد بعضهم إلى بعض انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول شجاعة أمير المؤمنين (ع) أمر لا ينكره إلا من أنكر وجود الرمح السماك في السماء أو حصول درع السمك في الماء مقدام إذ الأبطال يحجم لبات إذ الملاحم يهجم وهذا مما يسلمه الجمهور وليس هذا محل النزاع حتى يقام عليه الدليل انتهى وأقول كلام المصنف كما صرح في اختصاص أمير المؤمنين (ع) بالأشجعية الموجبة لتفضيله على غيره دون أصل الشجاعة وقد أقام الدليل عليها فإن سلمه الجمهور كما قاله هذا الناصب فقد ثبت المدعى والحمد لله على الوفاق وإن لم يسلموا ذلك وعاندوا فضحوا أنفسهم به بالمكابرة على الضروريات والمتواترات والاجماعيات وسيجئ في كلام المصنف من تفاصيل مجاهداته في غزوات النبي (ص) مما ينسد به باب المكابرة وطريق المنازعة والمشاجرة قال المصنف رفع الله درجته المطلب الخامس في الزهد لا خلاف في أنه كان أزهد أهل زمانه طلق الدنيا ثلاثا قال قبيصة بن جابر ما رأيت في الدنيا أزهد من علي بن أبي طالب (ع) كان قوته الشعير غير المأدوم لم يشبع من البر ثلاثة أيام قال عمر بن عبد العزيز
পৃষ্ঠা ২০৪
ما علمنا أن أحدا كان في هذه الأمة بعد النبي (ص) أزهد من علي بن أبي طالب (ع) وروى أخطب خوارزم عن عمار بن ياسر قال سمعت رسول الله (ص) يقول يا علي إن الله تبارك وتعالى زينك بزينة لم يزين العباد بزينة هي أحب إليه من زهدك في الدنيا وبغضها إليك فحبب إليك الفقراء فرضيت بهم أطباعا ورضوا بك إماما يا علي طوبى لمن أحبك وصدق عليك والويل لمن أبغضك وكذب عليك أما من أحبك وصدق عليك فإخوانك في دينك وشكائك في جنتك وأما من أبغضك فكذب عليك فحقيق على الله أن يقيمه مقام الكذابين انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول أما زهد أمير المؤمنين فهو مسلم عند الجمهور ولو أخذنا في الحكايات الدالة على زهده مما رواه جمهور أصحابنا لطال الكتاب وهذا الرجل يزعم أن أهل السنة والجماعة ينكرون فضايل أمير المؤمنين (ع) حاشاهم عن ذلك إنما ينكر فضايل الشمس الخفافيش انتهى وأقول الكلام في الأزهدية المستلزمة للأفضلية لا في أصل الزهد الذي وصفوا به ساير فقرأ أهل الصفة حتى أبي هريرة فإن صح ما ذكره الناصب من عدم إنكار أهل السنة لذلك فنعم الوفاق قال المصنف رفع الله درجته المطلب السادس في الكرم لا خلاف في أنه (ع) كان أسخى الناس جاد بنفسه فأنزل الله في حقه ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله وتصدق بجميع ماله في عدة مرار وجاد بقوته ثلاثة أيام وكان يعمل بيده حديقة ويتصدق بها انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول جود أمير المؤمنين (ع) أشهر من سخاء البحر والسحاب وأظهر من موج القاموس بالعباب فهو أسخى من مدرار الهواطل إذا قاض على الرمال وأجود من سيل دمث بسيل بين الجبال انتهى وأقول الظاهر أن من كان أسخى من مدرار الهواطل كان أسخى من أبي بكر وعمر وعثمان وأمثالهم بمراتب لا يحصى فإن ضمن الناصب اعترافه بهذا كما يقتضيه طريق الأولى فنعم الوفاق وإلا فقد أثبت المصنف كونه أسخى على رغم أنف هذا الناصب المرتاب ولم يف كلامه بالجواب قال المصنف رفع الله درجته المطلب السابع في استجابة دعائه كان رسول الله (ص) قد استسعد به وطلب تأمينه على دعائه يوم المباهلة ولم يحصل هذا المرتبة لأحد من الصحابة ودعا (ع) على أنس بن مالك لما استشهده على قول النبي (ص) من كنت مولاه فعلي مولاه واعتذر بالنسيان فقال اللهم إن كان كاذبا فاضربه ببياض لا يواريه العمامة فبرص ودعا على المغيرة بالعمى لأجل نقل أخباره إلى معاوية فعمي وردت الشمس عليه مرتين لما دعا به ودعا في زيادة الماء لأهل الكوفة لما خافوا الغرق فنقص حتى ظهرت الحيتان فكلمته إلا الجري والمارماهي والزمار وتعجب الناس من؟؟؟ وأما حسن الخلق فبلغ فيه الغاية حتى نسبه أعدائه إلى الدعابة وكذا الحلم قال رسول الله (ص) لفاطمة (ع) إني قد زوجتك من أقدم الناس سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكر في هذا المطلب من استجابة دعاء أمير المؤمنين فهو أمر لا ينبغي أن يرتاب فيه وإذا لم يكن دعاء سيد الأولياء مستجابا فمن يستجاب له الدعاء وأما ما ذكر أن النبي (ص) استسعد بدعائه فقد ذكرنا سر هذا الاستسعاد والاشتراك في الدعاء في المباهلة أن هذا من عادات أهل المباهلة أن يشاركوا القوم والنساء والأولاد في الدعاء ويفهم منه أن النبي (ص) استسعد بدعائه لاحتياجه إلى ذلك الاستسعاد وهذا باطل عقلا ونقلا وأما عقلا لأن النبي (ص) لا شك أنه كان مستجاب الدعوة ومن كان مستجاب الدعوة فلا يحتاج إلى استسعاد الغير وأما نقلا فلأن الاشتراك في الدعاء في المباهلة لم تكن للاستسعاد بل لما ذكرنا وأما ما ذكر أن أمير المؤمنين (ع) استشهد من أنس بن مالك فاعتذر بالنسيان فدعا عليه فالظاهر أن هذا من موضوعات الروافض لأن خبر من كنت مولاه فعلي مولاه كان في غدير خم وكان الكثرة سماع السامعين كالمستفاض فأي حاجة إلى الاستشهاد من أنس وإن فرضنا أنه استشهد ولم يشهد أنس لم يكن من أخلاق أمير المؤمنين أن يدعو على صاحب رسول الله (ص) ومن خدمه عشر سنين بالبرص ووضع الحديث ظاهر انتهى وأقول استجابة دعوة النبي (ص) خصوصا في مادة مخصوصة لا ينافي عند العقل توقفه على شرط كاجتماع غيره معه ولولا مدخليتهم (ع) في إجابة الله تعالى لدعائه (ص) لما طلب تأمينهم بقوله إذا أنا دعوت فأمنوا أي قولوا آمين ومعنى آمين اللهم افعل ذلك وأجب هذا الدعاء وأما ما ذكره من النقل فقد أتينا عليه سابقا بما وافق العقل كما مر لكن ما ذكره من عدم الاحتياج إلى الاستشهاد مدفوع بأن أكثر السامعين كانوا قريش وأتباعهم وقد اتفقوا على إنكار حقه والنص الوارد في شأنه وأخذ الخلافة منه كما مر فكيف لا يحتاج إلى الاستشهاد من أنس وهو من الأنصار ويؤيد هذا ما نقله الشهرستاني الأشعري في كتاب الملل والنحل عن النظام من رؤساء المعتزلة أنه قال أولا لا إمامة إلا بالنص والتعيين ظاهرا مكشوفا وقد نص النبي (ص) على علي (ع) في مواضع وأظهره إظهارا لم يشتبه على الجماعة إلا أن عمر كتم ذلك وهو الذي تولى بيعة أبي بكر يوم السقيفة انتهى فتأمل وأما استبعاده عن أخلاق أمير المؤمنين (ع) أن يدعوا على صاحب رسول الله (ص) وخادمه بظهور البرص عليه فهو تصوف بارد لأنه إذا لم يشهد أنس لإظهار حق قربى النبي (ص) بما علم به فقد أخل بما وجب عليه من محبتهم بنص القرآن المجيد وخلع ربقته عن متابعة النبي (ص) وأحبط عمله وخدمته فأقل مرتبة جزائه في الدنيا الدعاء عليه بالأمراض الساخرة وسيذوق وبال أمره في الآخرة قال المصنف رفع الله درجته القسم الثالث في الفضايل البدنية وينظمها مطلبان الأول في العبادة لا خلاف في أنه (ع) كان أعبد الناس ومنه تعلم الناس صلاة الليل والأدعية في الأوقات الشريفة والأماكن المقدسة وبلغ في العبادة إلى أنه كان يؤخذ النشاب من جسده عند الصلاة لانقطاع نظهره من غير الله تعالى بالكلية وكان مولانا زين العابدين (ع) يصلي في اليوم والليل ألف ركعة ويدعو بصحيفة ثم يرمي بها كالمتضجر ويقول إني لي بعبادة علي (ع) قال الكاظم (ع) إن قوله تعالى تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود نزلت في أمير المؤمنين (ع) وكان يوما في حرب صفين مشتغلا بالحرب وهو بين الصفين يراقب الشمس فقال ابن عباس ليس هذا وقت الصلاة إن عندنا لشغلا فقال علي (ع) فعلى ما نقاتلهم
পৃষ্ঠা ২০৫
إنما نقاتلهم على الصلاة وهو الذي عبد الله تعالى حق عبادته حيث قال والله ما عبدتك خوفا من نارك ولا شوقا إلى جنتك ولكن رأيتك أهلا للعبادة فعبدتك انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول عبادة أمير المؤمنين لا يقارنه العابدون ولا يدانيه الزاهدون الملائكة عاجزون عن تحمل أعبائها وأهل القدس معترفون من بحار صفاتها وكيف لا وهو من أعرف الناس بجلال القدس وجمال الملكوت وأعشق النفوس إلى وصال عالم الجبروت وأما ما ذكر أنه عبد الله حق عبادته فهذا لا يصح لأن النبي (ص) قال مع كمال العبادة ما عبدناك حق عبادتك واتفق العارفون أن الله لا يقدر أحد أن يعبده حق عبادته والدلايل على هذا مذكورة في محاله انتهى وأقول كلام المصنف صريح في أنه أراد أن عليا (ع) عبد الله تعالى حق عبادته من الوجه الخاص حيث جعل قوله قال ما عبدتك خوفا من نارك الخ تفسيرا وتعليلا لذلك ولم يرد أنه (ع) عبده حق عبادته من جميع الوجوه كما وكيفا أنواعا وأشخاصا على أن ذلك ليس ببعيد صدوره منه (ع) على قياس ما ذكره ابن حجر المتأخر في رسالته الموسومة بخيرات الحسان من أنه لما حج أبو حنيفة دخل الكعبة وقال يا رب عرفتك حق معرفتك وما عبدتك حق عبادتك الخ فإذا قال أبو حنيفة عرفتك حق معرفتك من مع نسب إلى النبي (ص) سبحانك ما عرفناك حق معرفتك أمكن للمصنف قدس سره أن يدعي لعلي (ع) عبادته تعالى وإن كان المراد العبادة اللايقة بشأن صنفه من الأولياء فتأمل قال المصنف رفع الله درجته المطلب الثاني في الجهاد إنما تشيدت مباني الدين وأثبتت قواعده وظهرت معامله بسيف مولانا أمير المؤمنين (ع) وتعجبت الملائكة من شدة بلائه في الحرب ففي غزوة بدر وهي الداهية العظمى على المسلمين وأول حرب ابتلوا بها قتل صناديد قريش الذين طلبوا المبارزة كالوليد بن عتبة والعاص بن سعيد بن عاص الذي أحجم المسلمون عنه ونوفل بن خويلد الذي قرن أبا بكر وطلحة بمكة قبل الهجرة ووثقهما بحبل وعذبهما وقال رسول الله (ص) لما عرف حضوره في الحرب اللهم اكفني نوفلا ولما قتله علي (ع) قال رسول الله (ص) الحمد لله الذي أجاب دعوتي فيه ولم يزل يقتل في ذلك اليوم واحدا بعد واحد حتى قتل نصف المقتولين وكانوا سبعين وقتل المسلمون كافة وثلاثة آلاف من الملائكة المسومين النصف الآخر وفي غزوة أحد انهزم المسلمون عن النبي (ص) ودمى رسول الله (ص) وصربه المشركون بالسيوف والرماح وعلي (ع) يدافع عنه فنظر إليه النبي (ص) بعد إفاقته من غشيته وقال ما فعل المسلمون فقال نقضوا العهد وولوا الدبر فقال اكفني أمر هؤلاء فكشفهم عنه وصاح صايح بالمدينة قتل رسول الله (ص) فانهلعت القلوب ونزل جبرئيل (ع) قايلا لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي وقال للنبي (ص) يا رسول الله لقد عجبت الملائكة من حسن مواساة علي لك بنفسه فقال النبي (ص) ما يمنعه عن ذلك وهو مني وأنا منه ورجع بعض الناس لثبات علي (ع) ورجع عثمان بعد ثلاثة أيام فقال النبي (ص) لقد ذهبت بها عريضا وفي غزاة الخندق أحدق المشركون بالمدينة كما قال الله تعالى إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم ونادى المشركون بالبراز فلم يخرج سوى علي (ع) وقد قتل أمير المؤمنين (ع) عمرو بن عبد ود قال ربيعة السعدي أتيت حذيفة اليمان فقلت يا أبا عبد الله إنا لنتحدث عن في (ع) ومناقبه فيقول أهل البصرة إنكم لتفرطون في علي فهل تحدثني بحديث فقال حذيفة والذي نفسي بيده لو وضع جميع أعمال أمة محمد (ص) في كفة الميزان منذ بعث الله محمد إلى يوم القيامة ووضع عمل علي (ع) في الكفة الأخرى لرجح عمل علي (ع) على جميع أعمالهم فقال ربيعة هذا الذي لا يقام له ولا يقعد فقال حذيفة يا لكع وكيف لا يحمل وإن كان أبو بكر وعمر وحذيفة وجميع أصحاب النبي (ص) يوم عمرو بن عبد ود وقد دعا إلى المبارزة فأحجم الناس كلهم ما خلا عليا فإنه نزل إليه فقتله الذي نفس حذيفة بيده لعمله ذلك اليوم أعظم أجرا من عمل أصحاب محمد (ص) إلى يوم القيامة وفي يوم الأحزاب تولى أمير المؤمنين (ع) قتل الجماعة وفي غزاة بني المصطلق قتل أمير المؤمنين (ع) ماكا وابنه وسبى جويرية بنت الحرث فاصطفاها النبي (ص) وفي غزاة خيبر كان الفتح فيها لأمير المؤمنين (ع) قتل مرحبا وانهزم الجيش بقتله وغلقوا باب الحصن ففاتحه أمير المؤمنين (ع) ورمى به وجعله جسرا على الخندق للمسلمين وظفروا بالحصن وأخذوا الغنايم وكان يقلبه سبعون رجلا وقال (ع) والله ما اقتلع باب خيبر بقوة جسمانية بل بقوة ربانية وفي غزاة الفتح قتل أمير المؤمنين (ع) الحويرث بن نفيل بن كعب وكان يؤذي النبي (ص) وقتل جماعة وكان الفتح على يده وفي غزاة حنين حيث استظهر النبي (ص) بالكثرة فخرج بعشرة آلاف من المسلمين فعانهم أبو بكر وقال لن نغلب اليوم من قلة فانهزموا بأجمعهم ولم يبق مع النبي (ص) سوى تسعة من بني هاشم فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين يريد عليا (ع) ومن ثبت معه وكان علي (ع) يضرب بالسيف بين يديه العباس عن يمينه والفضل عن يساره وأبو سفيان بن الحرث يمسك بسرجه ونوفل وربيعة ابنا الحرث وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب وعتبة ومعتب ابنا أبي لهب وقتل أمير المؤمنين (ع) جمعا كثيرا فانهزم المشركون وحصل الأسر وابتلى (ع) بجميع الغزوات وقتال الناكثين والقاسطين والمارقين وروى أبو بكر بن الأنباري في أماليه أن عليا (ع) جلس إلى عمر في المسجد وعنده ناس فلما قام عرض واحد بذكره ونسبه إلى التيه والعجب فقال عمر لمثله أن يتيه والله لولا سيفه لما قام عمود الإسلام وهو بعد أقضى الأمة وذو سابقها وذو شرفها فقال له ذلك القايل فما منعكم يا أمير المؤمنين عنه فقال كرهنا على حداثة السن وحبه بني عبد المطلب وحمل سورة براءة إلى أهل مكة وكان النبي (ص) أنفذ بها أبو بكر فنزل عليه جبرئيل وقال إن ربك يقرؤك السلام ويقول لك لا يؤديها إلا أنت أو أحد منك وفي هذه القصة وحدها كفاية في شرف علي (ع) وعلو مرتبته بأضعاف كثيرة على من لم يوثق على أدائها وهذه الشجاعة مع خشونة ما كله فإنه لم يطعم البر ثلاثة أيام بل كان يأكل الشعير بغير أدام يختم على جريشه لئلا يؤدمه الحسنان عليهما السلام وكان كثير الصوم كثير الصلاة مع شدة قوته حتى قلع باب خيبر وقد عجز عنه المسلمون وفضايله أكثر من أن يحصى انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكر من بلا أمير المؤمنين (ع) في الحروب مع رسول الله (ص) فهذا أمر لا شبهة فيه وكان في أكثر الحروب صاحب الظفر وهذا
পৃষ্ঠা ২০৬
مشهور مسلم لا كلام لأحد فيه وما ذكر من بلائه يوم بدر وأنه قتل الرجال من صناديد قريش فهو صحيح وهو أول من بارز الصف يوم بدر حين خرج عتبة وشيبة والوليد بن عتبة وطلبوا المبارز فخرج إليهم فئة من الأنصار فقالوا لا نبارزكم ثم نادوا يا محمد فتخرج إلينا أكفأنا من قريش فقال رسول الله (ص) يا عبيدة يا حمزة يا علي اخرجوا فخرجوا وبارز عبيدة بن الحارث عتبة وحمزة شيبة وعلي الوليد قتل علي الوليد وحمزة شيبة واختلف الضرب بين عتبة وعبيدة فعاونه علي وحمزة وقتلوا عتبة وهذا أول مبارزة وقع في الإسلام وكان أمير المؤمنين (ع) فارسه وأما ما ذكر من بلائه يوم أحد فهو صحيح ولكن كان الصحابة (رض) ذلك اليوم صاحبي بلا وكان طلحة بن عبد الله صاحب البلا ذلك اليوم وكذا سعد بن أبي وقاص وأبي دجانة وجماعة من الأنصار وأما ما ذكر من أمر يوم حنين وأم أبا بكر عانهم فهذا من أكاذيبه وكيف يعين أبو بكر أصحاب رسول الله (ص) وكان هو ذلك اليوم شيخ المهاجرين وصاحب رايتهم ولكن رجل من المسلمين أعجبه الكثرة فأنزل الله تلك الآية وأما ما ذكر أن عتبة ومعتب ابني أبي لهب وقفوا عند النبي (ص) يوم حنين فهذا من عدم علمه بالتاريخ ألم يعلم أن عتبة دعا عليه رسول الله (ص) أن يسلط الله عليه كلبا من كلابه فافترسه الأسد وذلك قبل الهجرة ومات في الكفر فكيف حضر مع رسول الله (ص) في غزوة حنين وهذا من جهله بأحوال السابقين وأما قصة سورة البراءة فقد ذكرنا حقيقة قبل هذا وأنه كان لأجل أن يعتبر العرب على نبذ العهد لأنه لم يكن أبو بكر موثوقا به في أداء سورة براءة وهذا كلام لا يرتضيه أحد من المسلمين أن مثل أبي بكر وكان شيخ المهاجرين وأمين رسول الله (ص) لا يثق عليه رسول الله (ص) في نبذ العهد وقراءة سورة براءة وهذا من غاية تعصبه وجهله بأحوال الصحابة انتهى وأقول أما ما ذكره من أنه خرج إلى الأبطال الثلاثة الكفرة فئة من الأنصار فقالوا نحن لا نبارزكم فالظاهر أنه أراد بذلك تمهيد عذر لتوقف أبي بكر وعمر وعثمان عن الخروج إليهم وفيه أنهم لو كانوا راغبين إلى الجهاد في سبيل الله لكانوا من حيث أنهم شيوخ المهاجرين أولى بالمبارزة إلى الخروج من فئة الأنصار وأما ما ذكره بقوله ولكن كان الصحابة ذلك اليوم صاحبي بلا كطلحة إلى آخره ففيه أن الكلام في تفضيل علي (ع) في الشجاعة والمجاهدة على الخلفاء الثلاثة الذين فروا ذلك اليوم وأنهم تقدموا عليه من غير استحقاق فإثبات الشجاعة لطلحة وسعد لا يسمن ولا يغني من جوع كما لا يخفى ولو قال كان لأبي بكر وعمر أيضا في ذلك اليوم بلا الخوف والوجل لكان أولى من ذلك وبالجملة بلا هؤلاء وقتالهم إنما كان كحركة المذبوح حركة قليلة تصدر عنهم رياء وحيلة كما قال تعالى في سورة الأحزاب وهو أقوم قيلا ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا وأما ما ذكره من تكذيب المصنف في خبر إصابة أبي بكر للقوم بالعين فهو عين الكذب والبين كيف وقد ساعدنا في ذلك ابن أبي الحديد المعتزلي بقوله تعريضا إلى أبي بكر على ما يدل عليه سياق كلامه شعر وأعجب إنسانا من القوم كثرة فلم يغن شيئا ثم هرول مدبرا وضاقت عليه الأرض من بعد رحبها وللنص حكم لا يدافع بالمرا وقال في ذلك بعض الصحاء أبو بكر عانهم وعلي أعانهم وقد أتى بتصديق ذلك الشارح بحديد للتجريد أيضا فقال وقد سار النبي (ص) في عشرة آلاف من المسلمين فتعجب أبو بكر من كثرتهم وقال لن نغلب اليوم لقلة فانهزموا بأجمعهم انتهى ومن البين أن الإصابة بالعين إنما يتفرع على مثل هذه التعجبات كما لا يخفى وأيضا الإصابة بالعين ليس أمرا اختياريا يمكن أن يتنزه عنه صاحبه باختياره سواء كان شيخا أو شابا فلا وجه لتعجبه عن صدور ذلك من أبي بكر بقوله وكيف يعين أبو بكر أصحاب رسول الله (ص) وهو ذلك اليوم شيخ المهاجرين إلى آخره وبالجملة الإصابة بالعين إنما يكون من رزالة الطبع وضيق العين الحاصل من ضيق حوصلة الطبع وكان أبو بكر كذلك لأنه مع كونه تيميا من أرذل طوايف قريش كما أشرنا إليه سابق كان في الجاهلية معلما للصبيان وفي الإسلام كرباسيا خياطا وكان أبوه صياد القماري والدياسي وبعد ما صار أعمى ولم يكن يقدر ولده أبو بكر على قوته كان يأخذ الأجرة من عبد الله بن جذعان أحد رؤساء مكة على أن ينادي الأضياف إلى مائدته ولهذا روى أنه لما وصل خبر خلافة أبي بكر إلى أبيه أبي قحافة استبعد ذلك وقال اللهم لا واضع لما رفعت ولا رافع لما وضعت وأما ما ذكره من أن عتبة بن أبي لهب دعا عليه رسول الله (ص) أن يسلط الله عليه كلبا إلى آخره فهو شئ رواه القاضي عياض المالكي في باب استجابة دعائه (ص) من كتاب الشفاء مرسلا وليس بمذكور في صحاح القوم وقد صرح ابن عبد البر بخلافه في كتاب الاستيعاب موافقا لما في هذا الكتاب حيث قال في ترجمة عتبة ابن عتبة ابن أبي لهب واسم أبي لهب عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي أسلم هو وأخوه معتب يوم الفتح وكانا قد هربا فبعث العباس فيهما فأتي بهما فأسلما فسر رسول الله (ص) بإسلامهما ودعا لهما وشهدا معه حنينا والطايف ولم يخرجا من مكة ولم يأتيا بالمدينة ولهما عقب عند أهل النسب انتهى وقال في ترجمة معتب بن أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي له صحبة أسلم عام الفتح وشهد حنينا مسلما مع رسول الله (ص) هو وأخوه عتبة وفقئت عين معتب يوم حنين واسم أبي لهب عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم وأم معتب هذا أم جميل بنت حرب بن أمية وهي حمالة الحطب امرأة أبي لهب انتهى وأما ما ذكر من أنه حقق قصة سورة براءة قبل هذا فقد سبق منا بطلان حقيقته وأنه في عدم الثبوت أوهن من نسج العنكبوت وأما مجرد حسن ظنه بأبي بكر وتعبيره عنه بشيخ المهاجرين وأمين رسول رب العالمين فلا يسمن ولا يغني من جوع هذا معلم الملكوت قد طرد عن قدس ساحة اللاهوت وبلعم صاحب موسى (ع) قد زل قدمه بعد الثبوت فما ظنك بمعلم الصبيان ومن صحب النبي (ص) لأغراض دنية سبق لها البيان والتبيان والله المستعان قال المصنف رفع الله درجته القسم الثالث في الفضايل الخارجية وفيه مطالب الأول في نسبه لم يلحق أحد أمير المؤمنين (ع) في شرف النسب كما قال نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد قال الجاحظ وهو من أعظم الناس عداوة لأمير المؤمنين (ع) صدق علي في قوله نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد كيف يقاس بقوم منهم رسول الله (ص)
পৃষ্ঠা ২০৭
والأطيبان علي وفاطمة والسبطان الحسن والحسين والشهيدان أسد الله حمزة وذو الجناحين جعفر وسيد الوادي عبد المطلب وساقي الحجيج عباس وحليم البطحاء والنجدة والخير فيهم والأنصار من نصرهم والمهاجرين من هاجر إليهم ومعهم والصديق من صدقهم والفاروق من فارق بين الحق والباطل فيهم والحواري حواريهم وذو الشهادتين لأنه شهد لهم ولا خير إلا فيهم ولهم ومنهم ومعهم وأبان رسول الله (ص) أهل بيته بقوله أني تارك فيكم الخليفتين كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي نبأني اللطيف الخبير أنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض ولو كانوا كغيرهم لما قال عمر لما طلب مصاهرة علي (ع) إني سمعت رسول الله (ص) يقول كل سبب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي فأما علي (ع) فلو أوردنا الآيات الشريفة ومقاماته الكريمة ومناقبه السنية لأفنينا في ذلك الطوامير الطوال العرق صحيح والمنشأ كريم والشأن عظيم والعمل جسيم والعلم كثير والبيان عجيب واللسان خطيب والصدر حبيب وأخلاقه وفق أعراقه وحديثه يشهد لقديم هذا قول عدوه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكر من كلام الجاحظ صحيح لا شك فيه وفضايل أمير المؤمنين أكثر من أن يحصى ولو أني تصديت لبعضها لأغرقت فيها الطوامير وأما ما ذكر أن الجاحظ كان من أعدائه فهذا كذب لأن محبته السلف لا يفهم إلا من ذكر فضايلهم وليس هذا المحبة أمرا مشتهيا للطبع وكل من ذكر فضايل أحد من السلف فنحن نستدل من ذلك الذكر على وفور محبته إياه وقد ذكر الجاحظ أمير المؤمنين بالمناقب المنقول وكذا ذكره في غير هذا من رسايله فكيف يحكم بأنه عدو لأمير المؤمنين وهذا يصح على رأي الروافض فإن الروافض لا يحكمون بالمحبة إلا بذكر مثالب الغير فعندهم محب علي من كان مبغض الصحابة وبهذا المعنى يمكن أن يكون الجاحظ عدوا انتهى أقول قد علم عداوة الجاحظ من كلماته الأخر ومن بعض عقايده الدالة على أن صدور تلك المدايح عنه من قبيل ما أشار إليه تعالى بقوله يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم وبقوله ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وأقل ما صدر عن الجاحظ مما يدل على عداوته لأمير المؤمنين (ع) ومخالفته لإجماع المسلمين أنه أظهر في سنة عشر ومأتين من الهجرة القول بأن الإمامة بالميراث وأن وارث النبي (ص) هو عمه العباس دون علي (ع) وكان ذلك منه تقربا إلى الخليفة مأمون العباسي فباع دينه بدنياه ونظير ذلك أن معاوية كان يصف عليا (ع) عند خواص أصحابه ويحاربه ويأمر بسبه على رؤس المنابر والشيطان يسبح الله ويقدسه بل يزعم في دعوى إخلاصه أن سجدة آدم (ع) شرك مع الله وصار لمخالفته الأمر بها عدوا لله ملعونا وطرودا وبهذا يعلم بطلان استدلاله المذكور على المحبة ويفهم أنه لم يذق طعم المحبة وبالجملة قد علم أن الجاحظ وهو أبو عثمان عمرو بن بحر كان عثمانيا مروانيا ومع هذا قد اعترف بفضل بني هاشم وأهل بيت النبي (ص) وتقديمهم وفضل علي (ع) وتقديمه في بعض رسايله فإن كان هذا مذهبه فذلك وإلا فقد أنطقه الله بالحق وأجرى لسانه بالصدق وقال ما يكون حجة عليه في الدنيا والآخرة ونطق بما لو اعتقد غيره لكان خصم في محشره فإن الله تعالى عند لسان كل قايل فلينظر قايل ما يقول وأصعب الأمور وأشقاها أن يذكر الإنسان شيئا يستحق به الجنة ثم يكون ذلك موجبا لدخوله النار نعوذ بالله من ذلك وأما ما ذكره من أن الروافض لا يحكمون بمحبة علي (ع) إلا بذكر مثالب الغير فإن أراد الغير مطلقا فكذب ظاهر وإن أراد الغير المباين المعادي له (ع) فمسلم وهذا ليس مما ينكره العقل السليم والطبع المستقيم فلا يجتمع ما وجب علينا من مودة ذوي القربى مع محبة من غصب حقهم ونازع مستحقهم وحمل الناس على أكتافهم كما سبقت الإشارة إليه مرارا وقد أشار إليه أيضا الشيخ العارف محيي الدين الأعرابي في فتوحاته المكية وقد بلغنا أن رجلا قال لأمير المؤمنين (ع) أنا أحبك وأتوالى عثمان فقال أما الآن فأنت أعود فأما أن تعمى وأما أن تبصر ولعمري ما ودك من توالي ضدك ولا أحبك من صوب غاصبك ولا أكرمك مكرم من هضمك ولا عظمك معظم من ظلمك ولا أطاع الله فيك مفضل أعاديك ولا اهتدى إليك مصلل مواليك النهار فاضح والمنار واضح ولنعم ما قيل شعر توعدني ثم تزعم أنني صديقك إن الرأي عنك لعازب قال المصنف رفع الله درجته المطلب الثاني في زوجته وأولاده كانت فاطمة (ع) سيدة نساء العالمين زوجته قال ابن عباس لما زف النبي (ص) فاطمة (ع) كان (ص) قد أمها وجبرئيل عن يمينها وميكائيل عن يسارها وسبعون ألف ملك من ورائها يسبحون الله ويقدسونه حتى طلع الفجر فانظر أيها العاقل كيف يرى الجمهور هذه الروايات ويظلمونها ويأخذون حقها ويكسرون ضلعها ويجهزون ولدها من بطنها فليحذر المقلد من اتباع هؤلاء فإن أخذك منهم باطل قطعا انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكره من فضايل فاطمة (ع) معلوم محقق ثابت وما ذكر أن الجمهور يروون فضايلها ويظلمونها فكلام باطل قطعا لأنه على تقدير صحة الظلم عليها فإن الظالمين عليها كانوا جماعة غير الراوين لفضايلها فكلامه هذا غير مربوط ولا معقول كأكثر كلامه في هذا الكتاب انتهى وأقول ليس مقصود المصنف ما روى في هذا الفضل من الرواية الواحدة حتى يقال أن راويه هو ابن عباس وهو ليس بظالم لفاطمة (ع) بل المراد ما روى سابقا ولاحقا من الظالمين لها الآخذين حقها ولهذا قال كيف يروي الجمهور هذه الروايات بصيغة الجمع فظهر أن كلام المصنف مشتمل على كمال الربط وإن هذا الشقي بالغ في الخبط على أن الظاهر أن ما وقع في زفاف فاطمة (ع) من الكرامة التي رواها ابن عباس قد تدالها غيره من الصحابة بينهم سيما الذين لهم زيادة اختصاص لمجلس النبي (ص) فاتحد الراوي والظالم الغاوي فافهم هذا ومما ينبغي أن يعلم ههنا أن قول المصنف قدس سره يكسرون ضلعها و يجهضون ولدها من بطنها إشارة إلى ما نقله الشهرستاني في كتاب الملل والنحل عن النظام من أنه قال أن عمر شرب بطن فاطمة حتى ألقت المحسن من بطنها وكان يصيح أحرقوا الدار بمن فيها وما كان فيها غير علي وفاطمة والحسن والحسين انتهى قال المصنف رفع الله درجته وكان سبطاه الحسنان أشرف الناس بعده روى أخطب خوارزم بإسناده إلى ابن مسعود قال قال رسول الله (ص) الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة وعن البراء بن عازب قال رأيت رسول الله (ص) حامل الحسن وهو يقول الله إني أحبه فأحبه وقال أبو هريرة رأيت النبي (ص) يمص لعاب الحسن والحسين كما يمص الرجل التمر وعن أسامة بن زيد قلت يا رسول الله (ص)
পৃষ্ঠা ২০৮
ما هذا الذي أنت مشتمل عليه فإذا هو حسن وحسين على ركبتيه فقال هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما ثلاث مرات وعن جابر قال دخلت على النبي (ص) وعلى ظهره الحسن والحسين وهو يقول نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما وروى صاحب كتاب نهاية الطلب وغاية السؤال الحنبلي بإسناده إلى ابن عباس قال كنت عند النبي (ص) وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم وعلى فخذه الأيمن الحسين (ع) وهو يقبل هذا تارة وذلك أخرى إذ هبط جبرئيل فقال يا محمد إن الله تعالى يقرأ عليك السلام وهو يقول لست أجمعهما لك فافد أحدهما بصاحبه فنظر (ص) إلى ابنه إبراهيم وبكى ونظر إلى الحسين وبكى ثم قال إن إبراهيم أمه أمة إذا مات لم يحزن عليه غيري وأم الحسين (ع) فاطمة وأبوه علي ابن عمي لحمي ودمي ومتى مات حزنت عليه ابنتي وحزن ابن عمي وحزنت أنا أوثر حزني على حزنهما يقبض إبراهيم فقد فديت الحسين به فقبض إبراهيم بعد ثلاث وكان النبي (ص) إذا رأى الحسين (ع) مقبلا قبله وضمه إلى صدره ورشف ثناياه وقد فديت من فديته بابني إبراهيم وفي صحيح مسلم قوله فما بكت عليهم السماء والأرض قال لما قتل الحسين بن علي بكت السماء وبكاؤها حمرتها وفي مسند أحمد بن حنبل أن من دمعت عيناه بقتل الحسين دمعته أو قطرت قطرة بوأه الله عز وجل الجنة وفي تفسير الثعلبي بإسناده قال مطرنا دما أيام قتل الحسين (ع) وكان مولانا زين العابدين علي بن الحسين (ع) أعبد أهل زمانه وأزهدهم يحج ماشيا والمحامل تساق معه وولده الباقر (ع) سلم عليه رسول الله (ص) قال لجابر إنك تدرك ولدي محمد الباقر (ع) إنه يبقر العلم بقرا فإذا رأيته فاقرأه عني السلام والصادق (ع) أعلم أهل زمانه وأزهدهم وكان يخبر بالغيب ولا أخبر بشئ إلا وقع فلهذا سموه الصادق (ع) وكان الكاظم (ع) ولده أزهد أهل زمانه وأعلمهم وكذا ولده الرضا (ع) والجواد والهادي والعسكري والمهدي عليهم أفضل الصلاة والسلام فهؤلاء الأئمة الاثني عشر لم يسبقهم سابق ولا يلحقهم لاحق اشتهر زهدهم وفضلهم بين المخالف والموافق وأقروا لهم بالعلم ولم يؤخذ عليهم في شئ البتة كما أخذ على غيرهم فلينظر العاقل بعين البصيرة هل ينسب هؤلاء الزهاد المعصومون العلماء إلى من لا يوافي المحارم ولا يفعل الطاعات انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكر من فضايل فاطمة صلوات الله على أبيها وعليها وعلى ساير آل محمد والسلام أمر لا ينكر فإن الانكار على البحر برحمته وعلى البر بسعته وعلى الشمس بنورها وعلى الأنوار بظهورها وعلى السحاب بجوده وعلى الملك بسجوده إنكارا لا يزيد المنكر إلا الاستهزاء به ومن هو قادر على أن ينكر على جماعة هم أهل السداد وخزان معدن النبوة وحفاظ آداب الفتوة صلوات الله وسلامه عليهم ونعم ما قلت فيهم منظوما نظم سلام على المصطفى المجتبى سلام على السيد المرتضى سلام على؟؟؟ فاطمة من اختارها الله خير النساء سلام من المسك أنفاسه على الحسن الألمعي الرضا سلام على الأوزعي الحسين شهيد يرى جسمه كربلا سلام على سيد العابدين علي بن الحسين المجتبى سلام على الباقر المهتدي سلام على الصادق المقتدي سلام على الكاظم الممتحن رضي السجايا إمام التقى سلام على الثامن المؤتمن علي الرضا سيد الأصفياء سلام على المتقي التقي محمد الطيب المرتجى سلام على الأريحي النقي على المكرم هادي الورى سلام على السيد العسكري إمام يجهز جيش الصفا سلام على القائم المنتظر أبي القاسم العزم نور الهدى سيطلع كالشمس في غاسق ينجيه من سيفه المنتضى ترى يملأ الأرض من عدله كما ملأت جور أهل الهوى سلام عليه وآبائه وأنصاره ما تدوي السماء وأقول ونعم ما قال فيهم من حيث اشتماله على أسامي أساميهم وإلا ففيه رخاوة وبرودة يفهم منه أنه قد تكلف به على نفسه وأنه أول كدحه الذي قصد به إخفاء نصبه عن أقرانه لكن ذلك ظاهر من وجنات حاله وفلتات لسانه قال المصنف رفع الله درجته المطلب الثاني في محبته قال رسول الله (ص) في مسند أحمد بن حنبل وقد أخذ بيد حسن وحسين ومن أحبني وأحب هذين وأحب أباهما أمهما كان معي في درجتي يوم القيامة وعن حذيفة قال قال رسول الله (ص) من أحب أن يتمسك بقبضة الياقوت التي خلقها الله تعالى ثم قال لها كوني فكانت فليتولى علي بن أبي طالب من بعدي وقال رسول الله (ص) لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب (ع) لم يخلق الله النار وقال (ص) حب علي حسنة لا يضر معها سيئة وبغض علي سيئة لا ينفع معها حسنة وقال رجل لسلمان ما أشد حبك لعلي قال سمعت رسول الله (ص) يقول من أحب عليا فقد أحبني ومن أبغض عليا فقد أبغضني ومن المناقب لخطيب خوارزم عن ابن عمر قال قال رسول الله (ص) من أحب عليا قبل الله منه صلاته وصيامه وقيامه واستجاب دعائه ألا ومن أحب عليا أعطاه الله بكل عرق في بدنه مدينة في الجنة ألا ومن أحب آل محمد أمن الحساب والميزان والصراط ألا ومن مات على حب آل محمد فأنا كفيله بالجنة مع الأنبياء ألا ومن أبغض آل محمد (ص) جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله والأخبار في ذلك أكثر من أن يحصى وآيات القرآن دالة عليه قال قال رسول الله (ص) أحبوا الله تعالى لما يغذوكم به من نعمة ولما هو أهله وأحبوني لحب الله تعالى وأحبوا أهل بيتي لحبي وفي مناقب الخوارزمي عن أبي ذر قال قال رسول الله (ص) من ناصب عليا الخلافة بعدي فهو كافر وقد حاب الله تعالى ورسوله ومنه عن معاوية بن وحيد القشيري قال سمعت النبي (ص) يقول لعلي (ع) لا يبالي من مات وهو يبغضك مات يهوديا أو نصرانيا ومنه عن أنس بن مالك قال قال رسول الله (ص) لعلي (ع) يا علي كذب من زعم أنه يبغضك ويحبني وعن أبي هريرة قال أبصر النبي (ص) عليا وحسنا وحسينا وفاطمة (ع) فقال أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم ومنه عن ابن عباس قال قال النبي (ص) لعلي أنت سيد من في الدنيا وسيد من في الآخرة من أحبك فقد أحبني ومن أحبني أحب الله عز وجل وعدوك عدوي وعدوي عدو الله ويل لمن أبغضك انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكر في هذا المطلب من وجوب محبة أهل بيت النبي (ص) سيما علي بن أبي طالب (ع) فهو أمر لا منازع فيه والأخبار والآثار والدلايل على هذا المقصد عند أهل السنة والجماعة كثيرة ولكن ذكر في هذا المطلب أخبارا منكرة موضوعة ظاهر عليها أثر الوضع والنكرة والمجهولية ولكن ما يتعلق بذكر الفضايل لا يتعرض
পৃষ্ঠা ২০৯
لكونه موضوعا أو مجهولا لأن ذكر الفضايل مقصوده ولا يتعلق بالمذهب ولا يتوجه إليه رد وأما ما ذكره من مناقب الخوارزمي نقلا عن أبي ذر أنه قال من ناصب عليا الخلافة بعدي فهو كافر فهذا الحديث موضوع منكر لا يرتضيه العلماء وأكثر ما ذكر من كتاب مناقب الخوارزمي فكذلك وهذا الخوارزمي رجل كأنه شيعي مجهول لا يعرف بحال ولا يعده العلماء من أهل العلم بل لا يعرفه أحد ولا اعتداد برواياته وأخباره انتهى وأقول أما ما ذكره من أن المصنف ذكر في هذا المطلب أخبارا منكرة موضوعة إلى آخره فمردود بأن من جملة الأخبار التي ظن الناصب آثار الوضع والنكر فيها الحديث الذي رواه المصنف عن النبي (ص) بقوله لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب (ع) لم يخلق الله النار وهذا الناصب لم يتعرض له بخصوصه لما رأى أن صاحب كشف الغمة (ره) قد شيد أركانه بدفع ما يتوهمه أمثال الناصب من القدح فيه ولقد أجاد في ذلك (ره) حيث قال أقول ربما وقف على هذا الحديث بعض من يميل إلى العناد طبعه ويتبع في الخلاف والنصب زرعه فيرد عليه منه ما يضيق عنه زرعه بخفض مناره عندما يعيبه رفعه ويسارع إلى القدح في راويه ومعتقده وينكر على ناقله بلسانه وقلبه ويده وهو لا يعلم أنه إنما أصيب من طبعه الزميم وأتى من جهة تصوره السقيم ووجه تبيينه أن محبة علي (ع) فرع محبة نبيه (ص) ومن المعلوم أن الناس كافة لو خلقوا على هذه الفطرة لم يخلق الله النار وكيف يحب عليا من خالف مذهبه في علمه وحلمه وزهده وورعه وصلاته وصيامه ومسارعته إلى طاعات الله وإقدامه والأخذ بكتاب الله في تحليل حلال الله وتحريم حرامه ومجاهدته في ذات الله شارعا لرمحه شاهرا لحسامه وقناعته بخشونة ملبسه وجشوبة مأكله وانتصابه في محرابه يقطع الليل بصالح عمله وهذه الأوصاف لا يستطيعه غيره من العباد ولكنه (ع) قال أعينوني بورع واجتهاد وقد وصف شيعته فقال أنهم خمص البطون من الطوى عمش العيون من البكاء انتهى وأما حكمه بجهالة الخوارزمي فمردود بأن الخوارزمي رجل فاضل معروف مشهور ومن جملة من يعرفه ابن حجر المتأخر الذي روى عنه في كتابه الموسوم بالصواعق المحرقة وكنيته أبو بكر وقد اشتهر به وكان أخطب الخطباء في دياره ويعلم من كنيته الشريفة أنه من أهل خوارزم لا من شيعة سبزوار وقم وكاشان فلا وجه لإنكار معرفته والشك في كونه من أهل السنة فإن أمثال هذا الحديث مما أجراه الله تعالى على لسانه إظهارا للحق ولو طعن في الحديث بوقوع أبي ذر الشيعي الخالص من أصحاب علي (ع) في سلسلة إسناده لكان أولى من القدح في أبي بكر المذكور وأما ما ذكره من أنه منكر مردود بأن هذا لا يقدح في صحة الحديث فإن كثيرا من الأحاديث الصحيحة عند الجمهور لم يرو إلا من طريق واحد كحديث نحن معاشر الأنبياء لا نورث فإن راويها أبو بكر فقط كما لا يخفى وأما ما ذكر من أنه لا يرتضيه العلماء فمع ما فيه من ظهور أن عدم الارتضاء إنما هو لأجل إصلاح حال الخلفاء الثلاثة مردود بأنه إن أراد به علماء الفريقين فبطلانه ظاهر وإن أراد به جماعة علماء أهل السنة فقولهم وبولهم في مقام الخلاف سواء بل الحديث الذي رواه واحد من أهل السنة ووافقه في صحته علماء الشيعة يكون من المتفق عليه بين أهل الإسلام وقدح بعض أهل السنة فيه خصوصا المتأخرين الذين التزموا الحكم بوضع كل ما يخالف غرضهم وإن كان الراوي منهم غير مسموع والوجه ظاهر ولعل الجماعة الذين لم يرتضوا بمضمون الحديث المذكور زعموا مخالفته لما ذهبوا إليه الإمامة من الفروع أو أشبه به على اختلاف عباراتهم لكن ما ذهبوا إليه فاسد مردود بما صح عنه (ع) من قوله من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية فإن الجاهل بشئ من الفروع إذا مات على الجهل به لا يموت كافرا وقد مر الكلام فيه مفصلا فتذكر قال المصنف رفع الله درجته المطلب الرابع في أنه صاحب الحوض واللواء والصراط والازن روى الخوارزمي عن ابن عباس قال قال رسول الله (ص) علي يوم القيامة على الحوض لا يدخله إلا من جاء بجواز من علي بن أبي طالب (ع) وعنه قال قال رسول الله (ص) إذا كان يوم القيامة أمر الله تعالى جبرئيل (ع) أن يجلس على باب الجنة فلا يدخلها إلا من معه براءة من علي بن أبي طالب (ع) وعن جابر بن سمرة قال قيل يا رسول الله (ص) من صاحب لوائك في الآخرة قال صاحب لوائي في الآخرة صاحب لوائي في الدنيا علي بن أبي طالب (ع) وعن عبد الله بن أنس قال قال رسول الله (ص) إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على شفير جهنم لم يجز عليه إلا من معه كتاب بولاية علي بن أبي طالب (ع) والأخبار في ذلك أكثر من أن يحصى فلينظر العاقل إذا كانت مثل هذه الأخبار وأضعافها أضعاف مضاعفة يرويها السنة وهي في صحاح الأخبار عندهم والآيات أيضا موافقة لها ثم يتركونها هل يجوز تقليدهم ومع ذلك فلم ينقلوا عن أئمة الشيعة منقصة ولا رزيلة ولا معصية البتة والتجأوا في التقليد إلى قوم رووا عنهم كل رزيلة ونسبوهم إلى مخالفة الشريعة في قضايا كثيرة ولنذكر ههنا بعضها في مطالب انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول من ضروريات الدين أن النبي (ص) صاحب الحوض المورود والشفاعة العظمى والمقام المحمود يوم القيامة وأما أن عليا صاحب الحوض فهذا من مخترعات الشيعة ولم يرد به نقل صحيح وهذا الرجل الذي ينقل كل مطالبه من كتب أصحابنا لم ينقل هذا منهم وذلك لأنه لم يصح فيه نقل عندنا ولكن ما ذكره لما كان من الفضايل والمناقب لمولانا علي بن أبي طالب (ع) فنحن لا ننكره لأن كل ما نقل من فضايله وفضايل أهل بيت النبي (ص) ما لم يكن سببا إلى الطعن في أفاضل الصحابة نتسلمه ونوافقه فيه لأن فضايلهم لا يحصى ولا ينكره إلا منكر نور الشمس والقمر وأما ما ذكره أن أمثال هذه الأخبار يرويها السنة وهي في صحاح الأخبار عندهم والآيات أيضا موافقة لها ثم يتركونها هل يجوز لهم تقليدهم فإن أهل السنة يعملون بكل حديث وخبر صح عندهم بشرايطها ولكن كما صح عندهم الأحاديث الدالة على فضايل علي بن أبي طالب (ع) وأهل بيت رسول الله كذلك صح عندهم الأحاديث الدالة على فضايل الخلفاء الراشدين فيهم يجمعون بين الأحاديث الصحاح وينزلون كلا منزله الذي أنزله الله ولا ينقصون أحدا ممن صح فيه هذا الحديث والشيعة ينقلون الأحاديث من كتب أصحابنا مما يتعلق بفضايل أهل البيت ويسكتون عن فضايل الخلفاء وأكابر الصحابة ليتمشى لهم الطعن والقدح وهذا غاية الخيانة في الدين وأية خيانة أعظم من أن رجلا ذكر بعض كلام أحدهما يتعلق بشئ وترك البعض
পৃষ্ঠা ২১০
الآخر بما يتعلق بعين ذلك الشئ ليتمشى به مذهبه ومعتقده ونعوذ بالله من هذه العقايد الفاسدة ثم ما ذكره أن أهل السنة لم ينقلوا عن أئمة الشيعة منقصة ولا رذيلة ولا معصية البتة فجوابه أن نقول أيها الجاهل الضال العاصي الشيعة ينسبون أنفسهم إلى الأئمة الاثني عشر أترى أئمة أهل السنة والجماعة أيها الجاهل الضال العامي الشيعة ينسبون أنفسهم إلى الأئمة الاثني عشر أترى أئمة أهل السنة يقدحون في أهل بيت النبوة والولاية أتراهم يا أعمى القلب أنهم يفترون مثلك ومثل أضرابك على الأئمة ويفترون المطاعن والمثالب مما لم يصح به خبر بل ظاهر عليه آثار الوضع والبطلان ولا كظهور البدر ليلة الأضحيان ثم ما ذكر أنهم التجأوا في التقليد إلى قوم رووا عنهم كل رذيلة ونسبوهم إلى مخالفة الشريعة فجوابه أنهم لم يرووا ممن تقلدونه رذيلة أصلا بل هو يفتري الكذب عليهم ومن ههنا يريد أن يشرع في مطاعن الخلفاء ويبدأ بأبي بكر الصديق ونحن نقول له أنت لا تروي شيئا يعتد به إلا من صحاحنا وها نحن قبل شروعك في مطاعن أبي بكر الصديق نذكر شيئا يسيرا من فضايله المذكورة في صحاحنا وصحاحنا ليس ككتب الشيعة التي اشتهر عند السنة أنها من موضوعات يهودي كان يريد تخريب بناء الإسلام فعملها وجعلها وديعة عند الإمام جعفر الصادق (ع) فلما توفي (ع) حسب الناس أنه من كلامه والله أعلم بحقيقة هذا الكلام وهذا من المشهورات ومع هذا لا ثقة لأهل السنة بالمشهورات بل لا بد من الإسناد الصحيح حتى يصح الرواية وأما صحاحنا فقد اتفق العلماء أن كل ما عد من الصحاح سوى التعليقات في الصحاح الستة لو حلف الطلاق أنه من قول رسول الله (ص) ومن فعله وتقريره لم يقع الطلاق ولم تحنث وها نحن نشرع في بعض فضايل الصديق إظهارا للحق الحقيق بالتحقيق فنقول أول خلفاء الإسلام أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة من أولاد تيم بن مرة ونسبه يتصل برسول الله (ص) في مرة كان له ولدان تيم وكلاب فالكلاب ه أبو قصي والقصي جد رسول الله (ص) وتيم هو جد أبي بكر الصديق وكان أبو بكر الصديق قبل البعثة من أكابر قريش وأشرافها وصناديدها وكان قاضيا حكما بينهم وكان صاحب أموال كثيرة حتى اتفق جميع أرباب التواريخ أنه لم يبلغ مال قريش مبلغ مال أبي بكر وكان رسول الله (ص) يصادقه ويحييه ويجلس في دكانه وهو كان يحب رسول الله (ص) محبة شديدة لا يفارقه ليلا ونهارا وكان يعين رسول الله (ص) بماله وأسبابه فلما بعث رسول الله (ص) كان لا يظهر أخبار نبوته في أول الأمر على الناس فذكر لأبي بكر فصدقه وقال رسول الله (ص) ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا أظهر تردده ما خلا أبي بكر كما قال فأخذ أبو بكر يدعو الناس إلى رسول الله (ص) فآخر ذلك اليوم الذي أسلم أتى بعيون أشراف قبايل قريش مما كانوا يصادقونه في مكة وهم عثمان بن عفان من عيون بني أمية وسعد بن أبي وقاص من أشراف بني زهرة وطلحة بن عبيد الله من أشراف تيم والزبير بن عوام من أشراف بني أسد بن عبد العزى وغيرهم من الأشراف فبايعوا رسول الله (ص) على الإسلام ثم أخذ في الدعوة ولا يقدم رسول الله (ص) على أمر إلا بمشاورته وهو يدعو الناس وكان عاقلا لبيبا مدبرا مقبول القول وكان يبذل ماله في إعانة المسلمين وفي تشهير الإسلام وروى في الصحيح أن رسول الله (ص) قال أن من آمن الناس على في صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر ولكن أخوة الإسلام ومودته لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر وفيه أيضا عن عبد الله بن مسعود عن النبي (ص) أنه قال لو كنت متخذ خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكنه أخي وصاحبي وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا وفي الصحاح عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) ما لأحد عندنا يد إلا قد كافيناه ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يد يكافيه الله يوم القيامة وما نفعني مال أحد قط ما نفعني ما أبي بكر ولو كنت متخذ خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ألا وإن صاحبكم خليل الله ثم لما أخذ الكفار في إيذاء المسلمين وتعذيبهم قام أبو بكر بأعباء أذية القريش وإعانة المعذبين والذب عن رسول الله (ص) بما هو مشتهر معلوم لا يحتاج إلى بيانه وكان يشتري المعذبين من الكفار واشترى بلال بن أبي رباح وفدى غيره من الصحابة وابتلى بلا حسنا لا يكون فوقها مرتبة حتى جاء وقت الهجرة فصاحب رسول الله (ص) في الغار وأنزل الله تعالى فيه ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن وأثنى الله عليه في كتابه العزيز في مواضع عديدة مما يطول ذكرها ولولا أن الكتاب غير موضوع لذكر التفاصيل لفصلنا؟؟؟
في عشر مجلدات ثم بعد الهجرة أقام بحفظ الدين والجهاد ولم يقدر أحد من الشيعة أن يدعي أن رسول الله (ص) غزا غزوة وتخلف عنه أبو بكر (رض) حتى توفي وإجماع الأمة على أن رسول الله (ص) كان يقدمه على أصحابه ويفضله عليهم وهو لم يفارق رسول الله (ص) قط في غزاة ولا سفر ولا فر في غزوة ومن ادعى خلاف ذلك فهو مفتر كذاب مخالف لضرورات الدين ذكر في صحيح البخاري عن محمد بن الحنفية قال قلت لأبي أي الناس خير بعد النبي (ص) قال أبو بكر قلت ثم من قال عمر قال خشيت أن يقول عثمان قلت ثم أنت قال ما أنا إلا رجل من المسلمين انظروا معاشر العقلاء إن أمير المؤمنين علي هكذا يذكر الخلفاء ثم جاء ابن المطهر الأعرابي البوال على عقبه ويضع لهم باب المطاعن قاتله الله من رجل سوء بطاط وأيضا عن عبد الله بن عمر قال كنا في زمن النبي (ص) لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان ثم ننزل أصحاب النبي (ص) لا تفاضل بينهم وفي رواية كنا نحن نقول ورسول الله (ص) حي أفضل أمة النبي (ص) بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان وفي الصحاح عن ابن عمر عن رسول الله (ص) أنه قال لأبي بكر أنت صاحبي في الغار وصاحبي في الحوض وفيها عنه قال قال رسول الله (ص) أنا أول من ينشق عنه الأرض ثم أبو بكر ثم عمر ثم يأتي أهل البقيع فيحشرون معي ثم ينتظر أهل مكة حتى يحشر بين الحرمين وفي الصحاح عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) أتاني جبرئيل (ع) فأخذ بيدي فأراني باب الجنة التي يدخل منه أمتي فقال أبو بكر يا رسول الله (ص) وددته أني كنت معك حتى أنظر إليه فقال رسول الله (ص) أما أنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي والأخبار في هذا أكثر من أن يحصى ثم لما قرب وفات رسول الله (ص) جعله في مرضه إماما للناس ليكون تلويحا إلى خلافته وهذا كالمتواتر عند المسلمين ولا يتردد أحد في أن أبا بكر في أيام مرض رسول الله (ص) كان يؤم الناس وفي الصحاح عن عايشة قالت قال رسول الله (ص) في مرضه ادعي لي أبا بكر أباك وأخاك حتى أكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمني ويقول قائل أنا أولى ويأبى الله
পৃষ্ঠা ২১১