============================================================
ضعوا ختومهم على المخازن ، ويطالعوا بمبلغ ما يحصل تحت أيديهم فيها ، فلما حصل عنده علم ذلك ، جهز المراكب ، وحصل الغلال من النواحى إلى المخازن السلطاتية بمصر ، وقرر ثمن التليس ثلاثة دنانير بعد أن كان بشساتية دنانير . وسلم إلى الخبازين ما يبتاعونه لعمارة الأسواق ، ووظف ما يحتاج إليه البلدان القاهرة وصصر ، وكان الف تليس دوار في كل يوم، لمصر سبعمائة وللقاهرة ثلاثمائة. فقام بالتدبير أحسن قيام، مدة عشرين شهرا ، إلى أن أدركت غلة السنة الثانية ، فتوسع الناس بها ، وزال عنهم الغلاء ، وما كادوا يتألمون لحسن التدبير.
فقلما قتل الوزير أبو محمد لم ترالدولة صلاحا ، ولا استقام لها أمر وتناقضت عليها امورها ، ولم يستقر لها وزير تحمد طريقته ، ولا يرضى تدبيره ، وكثرت السعاية فيها ، فما هو إلا أن يستخدم الوزير حتى يجعلوه سوقهم ويوقعوا به الظن ، حتى ينصرف ولم تطل مدته، وخالط السلطان الناس ، وداخلوه بكثرة المكاتية . فكان لا ينكر على أحد مكاتبته .
فتقدم منه سفساف ، وحلى عنده عدة أوغاد . وكشروا حتىكانت رقاعهم أرقع من رقاع الرؤساء والجلة . وتنقلوا في المكاتبة إلى كل قن ، حتى أنه كان يصل إلى السلطان فى كل يوم ثمانمائة رقعة ، فتشبهت عليه الأمور ، وانتقضت الأحوال ، ووقع الاختلاف بين عبيد الدولة ، وضعفت قوى الوزراء عن تدبيرهم لقصر مدتهم . وأن الوزير ، منذ يخلع عليه إلى أن ينصرف ، لا يفيق من التحرز من يسعى عليه عند السلطان ، وتقف عليه الرجال ، فما كون فيه فضل عن الدفاع عن نفسه ، فخربت أعمال الدولة ، وقل ارتفاعها ، وتغلب
পৃষ্ঠা ৯৬