((والبيان أنهما -يعني الشيخين- لم يخرجا الحديث في كتابيهما إلا عن الثقات الإثبات، إلا عند الاستشهاد بخبر لم يستغنيا فيه عن تقييده بمتابع شاهد، يكون في الحفظ والإتقان دون المتابع لأن كلا منهما قد احتاط لدينه فيما نحا نحوه، وأتعب من بعده في طلب ما خرجه فجزاهما الله عن دينهما ونبيهما -عليه الصلاة والسلام- خيرا)).
وقال أيضا:
((فقد حدثونا عن محمد بن إسماعيل أنه قال: كنا على باب إسحاق بن إبراهيم بنيسابور فسمعت أصحابنا يقولون: لو جمع جامع مختصرا صحيحا تعرف به الآثار فأخذت في جمع هذا الكتاب)) انتهى.
وهذه الحكاية رواها المعمر بن محمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن علي الحافظ، أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن عبد الله سمعت خلف بن محمد سمعت إبراهيم بن معقل سمعت أبا عبد الله البخاري يقول: كنت عند إسحاق بن راهويه فقال لنا بعض أصحابنا: لو جمعتم كتابا مختصرا لسنن النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع هذا الكتاب)).
ورواها الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في ((تاريخه)) فقال:
أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن نعيم الضبي، سمعت خلف بن محمد بن إسماعيل البخاري، سمعت إبراهيم بن معقل النسفي فذكرها.
فهذه الحكاية فيها التصريح بسب تأليف البخاري كتابه الصحيح، وقد قيل: إنه عمل قبل كتاب الصحيح كتابا يقال له: المبسوط، وجمع فيه جميع كتبه على الأبواب ثم نظر إلى أصح الحديث على ما رسمه، فأخرجه بجميع طرقه في كتابه الصحيح وقد سماه اسما مطابقا لأحكامه موافقا لإتقانه وإحكامه، وهو ((الجامع الصحيح المختصر من أمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه))، وقال عنه لما فرغ من تأليفه وأبداه:
পৃষ্ঠা ৩৪৬