العرب إلقاء الرداء بسرعة، كما قال الشاعر:
ولم أدر من ألقى عليه رداءه .... سوى أنه قد نيل عن ماجد محض
وهذا لأن جزيرة العرب تعز فيها الكسوة فيقع ذلك في وقته موقعًا يعرف به الجود.
* وفي هذا الحديث من الفقه أن أبا بكر ﵁ فهم ما ناشد به رسول الله ﷺ ربه بقوله: (يا نبي الله (٦٦/ ب) كفاك مناشدتك ربك) مشيرًا إلى سر رسول الله ﷺ في إبداله (إن) مكان (ما) في قوله: (إن تهلك هذه العصابة)، وإشارته إلى قوله: (لا تعبد في الأرض؟!)، معناه الأنفة ممن لا يريد أن يعبد الله في الأرض من المشركين.
وقوله (كذاك): (ذاك) لا يستعمل إلا للغائب غيبة يسيرة؛ لأن الحاضر يقال له: (ذا)، والبعيد أو الغائب أو من تقدم ذكره يقال له (ذلك) باللام، والغائب غيبة يسيرة يقال له (ذاك)، فقوله: (كفاك مناشدتك ربك)، ثم قال له: (فإنه سينجز لك ما وعدك)، وربما ظن من لا علم له بلسان العرب أن هذا القول من أبي بكر كالإنكار لقول رسول الله ﷺ؛ وليس كذلك، وإنما معناه ما تقدم من الإشارة إلى سر رسول الله ﷺ.
* وفي هذا الحديث نزول الملائكة، وأنهم قاتلوا مع المسلمين، وأن ضربة أحدهم أثرت في وجه المضروب حتى اخضر، وإنما أراد الله سبحانه ببقاء أثر ضربة هذا الملك أن يعلم أن الباقين وإن لم تكن قد ظهرت آثار ضرباتهم، فإنهم ضربوا فوق الأعناق، وضربوا كل بنان.