ইসলামিক পরিচালনায় আরবের গৌরব

মুহাম্মদ কুর্দ আলী d. 1372 AH
91

ইসলামিক পরিচালনায় আরবের গৌরব

الإدارة الإسلامية في عز العرب

জনগুলি

كان المنصور يقول لابنه: يا أبا عبد الله، ليس العاقل الذي يحتال للأمر الذي وقع فيه حتى يخرج منه، ولكنه الذي يحتال للأمر الذي غشيه حتى لا يقع فيه. وكتب إليه عامله على إرمينية يخبره أن الجند شغبوا عليه ونهبوا ما في بيت المال، فوقع في كتابه: «اعتزل عملنا مذموما مدحورا، فلو عقلت لم يشغبوا، ولو قويت لم ينهبوا.» ولقد حدث أن المنصور ولى المدينة رياح بن عثمان فخطب أهلها يهددهم، ويقول: «أنا الأفعى بن الأفعى، أنا ابن عثمان بن حيان وابن عم مسلم بن عقبة، المبيد خضراءكم، المفني رجالكم، والله لأدعنها بلقعا لا ينبح فيها كلب.» فوثب عليه قوم منهم وكلموه، وقالوا: والله يا ابن المجلود حدين لتكفن أو لنكفنك عن أنفسنا. فكتب الوالي إلى المنصور يخبره بسوء طاعة أهل المدينة فأرسل المنصور إلى رياح رسولا وكتب معه كتابا يقول فيه: «وأمير المؤمنين يقسم بالله لئن لم تنزعوا ليبدلنكم بعد أمنكم خوفا، وليقطعن البر والبحر عنكم، وليبعثن عليكم رجالا غلاظ الأكباد بعاد الأرحام.» فلما قرئ عليهم نادوه من كل جانب كذبت يا ابن المجلود حدين، ورموه بالحصا وبادر بالمقصورة فأغلقها. فدخل عليه أيوب بن سلمة المخزومي فقال: أصلح الله الأمير إنما تصنع هذا رعاع الناس. وقال بعض من حضر من وجوه بني هاشم: لا نرى هذا، ولكن أرسل إلى وجوه الناس وغيرهم من أهل المدينة فاقرأ عليهم كتاب المنصور. فجمعهم وقرأ عليهم فقالوا: ما أمرتنا فعصيناك ولا دعوتنا فخالفناك. وانفض الأمر بسلام.

وعني المنصور بالعمارة في ملكه يعمر الجسور والقنى والآبار، ففشت في أيامه أعمال العمران، وحمل المهندسين من الآفاق إلى العراق خصوصا لبناء مدينة بغداد، واختار المنصور موقعها بنفسه لإحاطتها بدجلة والفرات بحيث يصعب على أكثر الجيوش تخطيها، ولأن مواد الشام والجزيرة تأتيها بالفرات، ومواد الموصل وما وراءها تحمل إليها في دجلة. وبنى الرصافة لابنه المهدي ليصير ابنه في مدينة، وعكسر بالجانب الشرقي، ويصير المنصور في مدينة، وعكسر بالجانب الغربي، فلا يشغب الجند.

وحج المنصور آخر حجة، وكان موقنا أنه لا يرجع من حجه، زاعما أنه عرف ذلك من المنجمين، فقال لابنه وأشار إلى سفط له فيه دفاتر وعليه قفل لا يفتحه غيره: انظر إلى هذا السفط فاحتفظ به، فإن فيه علم آبائك ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، فإن حزبك أمر فانظر في الدفتر الكبير فإن أصبت فيه ما تريد وإلا ففي الثاني والثالث حتى تبلغ سبعة، فإن ثقل عليك فالكراسة الصغيرة، فإنك واجد فيها ما تريد، وما أظنك تفعل، وانظر هذه المدينة أي بغداد، وإياك أن تستبدل بها غيرها، وقد جمعت لك فيها من الأموال ما إن كسر عليك الخراج عشر سنين كفاك لأرزاق الجند والنفقات والذرية ومصلحة البعوث فاحتفظ بها؛ فإنك لا تزال عزيزا ما دام بيت مالك عامرا. وأوصى ابنه بأهل بيته، وأن يحسن إليهم ويقدمهم، ويوطئ الناس أعقابهم، ويوليهم المنابر. وأوصاه بأهل خراسان خيرا؛ لأنهم أنصاره وشيعته الذين بذلوا أموالهم ودماءهم في دولته، وأوصاه أن لا يدخل النساء في أمره، وأن يعد الكراع والرجال والجند ما استطاع، وأن يعد رجالا بالليل لمعرفة ما يكون بالنهار، ورجالا بالنهار لمعرفة ما يكون بالليل، وأن يباشر الأمور بنفسه، وأن يستعمل حسن الظن ويسيء الظن بعماله وكتابه، وأن لا يبرم أمرا حتى يفكر فيه، فإن فكر العاقل مرآة تريه حسنه وسيئه. وقال له: يا بني لا يصلح السلطان إلا بالتقوى، ولا تصلح رعيته إلا بالطاعة، ولا تعمر البلاد بمثل العدل، وأقدر الناس على العفو أقدرهم على العقوبة، وأعجز الناس من ظلم من هو دونه، واعتبر عمل صاحبك وعلمه باختياره. وقال له أيضا: إني تركت الناس ثلاثة أصناف: فقيرا لا يرجو إلا غناك، وخائفا لا يرجو إلا أمنك، ومسجونا لا يرى الفرج إلا منك، فإذا وليت فأذقهم طعم الرفاهية، لا تمدد لهم كل المد.

هذا إجمال ما عمله أبو جعفر المنصور وما أوصى به ابنه لإتمام ما بدأ به من التراتيب. وقد أبقت الأيام كتابا لابن المقفع في الصحابة

22

أي أصحاب الخليفة، كتبه إلى أبي جعفر أورد فيه ما يحتاجه الملك من الإصلاح ليسير على قواعد مطردة سليمة من الشوائب، وأدركنا منه بعض المسائل الإدارية التي كانت تشغل الأذهان في ذاك الزمان. بدأه بتذكير الخليفة بجند خراسان فقال: إنهم جند لم يدرك مثلهم في الإسلام وفيهم منعة وهم أهل بصر بالطاعة، وفضل عند الناس، وعفاف نفوس وفروج، وكف عن الفساد، وذل للولاة، فرأى أن يكتب لهم أمانا معروفا بليغا وجيزا محيطا بكل شيء، بالغا في الحجة، قاصرا عن الغلو، يحفظه رؤساؤهم حتى يقودوا به دهماءهم. وارتأى أن لا يولي أحدا منهم شيئا من الخراج، فإن ولاية الخراج مفسدة للمقاتلة، وإن منهم من المجهولين من هو أفضل من بعض قادتهم، فلو التمسوا وصنعوا

23

كانوا عدة وقوة، وكان ذلك صلاحا لمن فوقهم من القادة، ومن دونهم من العامة، وأن يتعهد أدبهم في تعليم الكتاب والتفقه في السنة والأمانة والعصمة والمباينة لأهل الهوى. وأن يظهر فيهم من القصد والتواضع واجتناب زي المترفين وشكلهم مثل الذي يأخذ به أمير المؤمنين في أمر نفسه. قال: ولا يزال يطلع من أمر أمير المؤمنين ويخرج منه القول ما يعرف مقته للإتراف

24

والإسراف وأهلهما، ومحبته القصد والتواضع ومن أخذ بهما، حتى يعلموا أن معروف أمير المؤمنين محظور عمن يكنزه، بخلا أن ينفقه سرفا في العطر واللباس والمغالاة بالنساء والمراتب.

অজানা পৃষ্ঠা