ولم أر من تعرض لها بشرح يوضح معانيها كما ينبغي، وقد طالما سولت لي نفسي لهذا الشأن، فيقعدني عنه عدم اتصافي بما هنالك، ومع هذا كله تعترض علي جملة الموانع، وأنوه عليها كما سأذكره نقلا من عبارة ذكرها الشيخ المنياوي (¬1) ، فإن حاله كحالي على ظاهر عبارته، وسأدخل في عبارته شيئا هو عن عبارته خارج، بل إنما هو مني بنفسي ومن غيري، قال: «والمأمول ممن تحلى بحلي الإنصاف، وتخلى عن رذيلة البغي والاعتساف، أنه إن وجد للسداد وجها فليسلكه، ولا يصرف عنه وجها؛ وإن عثر على شيء زلت فيه القدم، أو طغى به القلم، فليستحضر أنه لم يسلم من الخطإ إلا رسول الله الآمر بالحلم والتقوى، وأن دعوى غيره السلامة منه هي غايته القصوى».
ومن ذا الذي ترضى سجاياه ... كلها ... كفى المرء نبلا أن تعد ... معايبه (¬2)
ولينبه عليه بعبارة خالية من التشنيع، متجافية من اللوم والتقريع؛ وليعلم أنه ليس خاليا من العيوب والزلات، وأن المرء كله عيوب وعورات.
متى يلتمس للناس عيبا يجد ... لهم ... عيوبا، ولكن الذي فيه ... أكثر
غيره:
ما سلم الظبي من ... حسنه ... كلا، ولا البدر الذي يوصف
فالظبي فيه خنس ... بين ... والبدر فيه كلف ... يعرف
وإنني فيما يصدر مني ذو عذر مقبول عند ذوي البصائر، وهو أني ضعيف عديم الخلات والعشائر، فلا يفارقني تجرع كؤوس الشدائد، ولا تعطيل الهموم والأحزان عن تحصيل المقاصد، وذلك من الأقارب والأباعد، كما قد حصل لي ذلك في قريب الوقت.
¬__________
(¬1) - ... هو محمد علي (ت: 1335ه/1917م): أديب مصري، له كتاب: تحفة الرائي للامية الطغرائي. في شرح لامية العجم. ... وانظر الزركلي: الأعلام، ج7/ص195
(¬2) - البيت لبشار بن البرد، ويقول في البيت الذي يليه:
... ... ... وما سمي الإنسان إلا لنسيه ... ولا القلب إلا أنه يتقلب
... ... ... ... ... وانظر: دندشي: معجم الأبيات الشهيرة، ص32.
পৃষ্ঠা ২