قال القاضي: وهذا الكلام يقتضي الذّمَّ لهم، والطّعنَ عليهم، ولا يكون هذا إلا وقد قدح ذلك في ولايتهم (١).
لكن قد ورد عن الإمام أحمدَ ألفاظٌ تقتضي إسقاطَ اعتبار العدالة والعلم والفضل، قال في -رواية عبدوس بن مالك العطّار-: ومن غَلَبهم بالسيف حتّى صار خليفة، وسُمّي أميرَ المؤمنين، لا يحلّ لأحدٍ يؤمنُ بالله واليوم الآخر أن يَبيت ولا يراه إمامًا عليه، برًّا كان أو فاجرًا، فهو أمير المؤمنين.
وهذا يدل على عدم اعتبار العدالة والفضل.
وقال أيضًا في رواية المروذي: فإن كان أميرًا يعرف بشرب المُسْكِر، والغلول، يغزو معه، إنما ذاك له في نفسه (٢).
قال القاضي: وقد روي عن الإمام أحمد في "كتاب المحنة": أنه كان يدعو المعتصمَ بأمير المؤمنين في غير موضع، وقد دعاه إلى خَلْق القرآن، وضربه عليه، وكذلك كان يدعو المتوكلَ بأمير المؤمنين، ولم يكن من أهل العلم، ولا كان أفضلَ أهلِ وقتِه وزمانِه (٣).
وقال القاضي: يمكن أن يُحمل ما قاله -في رواية عبدوس وغيره- على أنه: إذا كان هناك عارضٌ يمنع من نصب العدلِ العالِم الفاضلِ، وهو أن تكون النفوسُ قد سكنتْ إليهم، وكلمتُهم عليهم أجمع، وفي
_________
(١) المرجع السابق (ص: ٢١).
(٢) المرجع السابق (ص: ٢٠).
(٣) المرجع السابق، الموضع نفسه.
1 / 62