94

غاية ما يلزم أنه لا يكون في الآية دليل على نفي إدراكه لنفسه صريحا وإنما نفى أن يدركه أهل الأبصار فقط لكنه يلزم من ذلك نفي إدراكه لنفسه لأن كل من قال أنه لا يدركه غيره قال بأنه لا يدرك نفسه. ومما يدل على ما ذهبنا إليه أيضا قوله تعالى حكاية عن موسى (عليه السلام) {رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني}(الأعراف:143) فإنه نفى الرؤية والنفي بلن يقتضي التأبيد وأيضا فإنه علق الرؤية بشرط مستحيل وهو استقرار الجبل ومعلوم أن الجبل قد تدكدك ولم يستقر فكأنه علق الرؤية باستقراره وقت تدكدكه وهو محال وما علق بالمحال كان محالا، وأما سؤال موسى عليه السلام فلم يكن لنفسه فإنه أعلم الناس بالله وبصفاته وإنما سؤاله لقومه لكي يحصل لهم من الأدلة السمعية ما يعلمون به أنه تعالى لا تصح رؤيته وإنما نسبها إلى نفسه ليكون ذلك أبلغ في الدلالة (على أنه) تعالى لا يرى وتوبته إنما كانت عن سؤاله بحضرتهم ولم يكن للنبي (صلى الله عليه وسلم) أن يفعل ذلك قبل الاستأذان.

পৃষ্ঠা ১১১