أما الأول:فهو أنا نعلم من حال العقلاء أنهم يصوبون من مدح المحسن أو أحسن إليه،ومن ذم المسيء أو عاقبه وما ذاك إلا لكونهم يرون الإحسان في العقل حسنا والإساءة في العقل قبيحة،فإنكارهم لذلك مخالفة لما عليه العقلاء.
وأما الثاني : فإنه يلزم من قولكم أحد محذورين،أما الدور وأما الكفر. أما الدور فحيث نقول بوجوب النظر على المكلفين في صحة دعوى الأنبياء عليهم السلام. لأنه لا يجب النظر إلا بالسمع والسمع لا يثبت إلا بالنظر،وأما الكفر فحيث نقول بعدم وجوب ذلك عليهم لأنه يلزم منه تصويب من أعرض عن دعوة الأنبياء عليهم السلام إذ لا واجب عليه وذلك كفر لأنه رد لما جاءت به الرسل وما علم من دين كل نبي ضرورة،وأيما كان فهو باطل.
ثم اعلم أن الذين قالوا بوجوب النظر اختلفوا هل هو فرض عين أو فرض كفاية؟.
فالذي عليه أئمتنا والجمهور أنه فرض عين. وقال أبو إسحاق بن عياش والبلخي والعنبري ورواية عن القاسم ورواية عن المؤيد بالله: بل فرض كفاية، ثم افترقوا في التقليد،فابن عياش والعنبري وغيرهما ورواية عن المؤيد بالله يجوز مطلقا أي تقليد المحق وغيره هكذا رواه في الأساس عنهم،ونسب الدواري ذلك إلى البلخي والحشوية،ونسب إلى ابن عياش جواز التقليد لمن غفل عن طريق النظر كالنساء والعبيد والعوام،قال وقد روي مثل ذلك عن البلخي أيضا،قال الدواري: وذكر القاسم أن مقلد المحق ناج . قال في الأساس: هذه رواية عنه وهو مذهب البلخي.
পৃষ্ঠা ২০