﴿قدمُوا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صَدَقَة﴾ وَلَا يَد للرحمة والنجوى
إِذا ثَبت هَذَا فَنَقُول قَوْله تَعَالَى ﴿لما خلقت بيَدي﴾ فَلهُ ثَلَاثَة أجوبة
أَحدهَا أَن المُرَاد مزِيد الْعِنَايَة بِنِعْمَة عَلَيْهِ فِي خلقه وإيجاده وتكريمه كَمَا يُقَال خُذ هَذَا الْأَمر بكلتا يَديك وَأخذت وصيتك بكلتا يَدي
وَلَا شكّ أَن الاعتناء بِخلق آدم حَاصِل بإيجاده وَجعله خَليفَة فِي الأَرْض وتعليمه الْأَسْمَاء وإسكانه الْجنَّة وَسُجُود الْمَلَائِكَة لَهُ فَلذَلِك خصّه بِمَا يدل لُغَة على مزِيد الاعتناء
الْجَواب الثَّانِي أَن المُرَاد بيَدي الْقُدْرَة لِأَن غَالب قدرَة الْإِنْسَان فِي تَصَرُّفَاته بِيَدِهِ وثنيت الْيَد مُبَالغَة فِي عظم الْقُدْرَة فَإِنَّهَا باليدين أَكثر مِنْهَا بالواحدة
الثَّالِث أَن يكون ذكر الْيَدَيْنِ صلَة لقصد التَّخْصِيص بِهِ تَعَالَى وَمَعْنَاهُ لما خلقت أَنا دون غَيْرِي وَمِنْه قَوْله تَعَالَى ﴿ذَلِك بِمَا قدمت يداك﴾ أَي بِمَا قدمت أَنْت وَمِنْه قَوْلهم يداك أوكتا أَي أَنْت فعلت
وَأما قَوْله تَعَالَى ﴿يَد الله فَوق أَيْديهم﴾ فقد قَالَ الْحسن وَغَيره أَي منته وإحسانه وَأما قَوْله تَعَالَى ﴿بل يَدَاهُ مبسوطتان﴾ فَلَا يشك عَاقل أَن المُرَاد بذلك ... ... لِأَنَّهُ ورد ردا على الْيَهُود فِي قَوْلهم يَد الله