اختلفوا في مسح الأذنين هل هو فريضة أو سنة؟ وهل يجدد لهما الماء أم لا؟ وأصل اختلافهم في كون مسحهما سنة أو فريضة اختلافهم في الآثار الواردة في ذلك، هل هي زائدة على ما في الكتاب من مسح الرأس فيكون حكمهما أن يحملا على غير الفرض لمكان التعارض الذي يتخايل بينها وبين الآية إن حملت على الوجوب؟ أم هي مبينة للمجمل الذي في الكتاب فيكون حكمهما حكم الرأس في الوجوب؟ وأما اختلافهم في تجديد الماء فسببه تردد الأذنين بين أن يكونا عضوا وفردا بذاته من أعضاء الوضوء، وبين أن يكونا من الرأس، وقد ذهب قوم إلى أنهما يغسلان مع الوجه، وذهب آخرون إلى أنه يمسح ظاهرهما([87]) مع الرأس ويغسل باطنهما مع الوجه، وذلك لتردد هذا العضو بين أن يكون جزاء من الوجه أو جزءا من الرأس والله أعلم. والدليل على أنهما سنة على حيالهما أجمعوا على أن مسح الأذنين لا يجزئ عن مسح رأسه عند من يقول يجزيه من مسح رأسه أقل القليل، وقال الموجب للكل لو مسح رأسه كله وترك أذنيه لأجزئه ذلك، والموجب للثلث والربع قال: لا يجزيه إن أتم الثلث أو الربع بالأذنين، فقد دل هذا على أنهما ليستا من الرأس، وأجمعوا على أن ليس للمتيمم أن يمر بهما مع مسح الوجه، وفي هذا دليل على أنهما ليستا من الوجه ولكنهما سنة على حيالهما والله أعلم، ولست أنكر أنهما من الرأس لما روي عن جابر رحمه الله تعالى قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الأذنان من الرأس ) ([88]) قال: ( بلغني عنه عليه الصلاة والسلام أنه غرف غرفة فمسح بها رأسه وأذنيه ) ومن اعتبر هذا بآذان الأنعام والسباع لم يخف عليه أن آذانهما من رؤوسهما لا من وجوهها، ويدل على هذا قول الشاعر:
إن هامة قد وقر الصرب سمعها = وليست كأخرى سمعها لم يوقرا
وإذا كان كأخرى السمع لها فالأذنان هما السامعتان والله أعلم
مسألة في الرجلين([89]):
পৃষ্ঠা ৫৮