وقد أجمعوا([70]) أنه غير واجب وإن كان إيصال الماء إلى مواضع التخليل واجبا، وفي هذا دليل([71]) على أن ما أصابه الماء من مواضع الوضوء إذا لم يمر عليه اليد مع الماء أنه يجزيه إذا جرت اليد على الأكثر منه في قول من رأى أن اليد مع الماء واجب الطهارة، وإن غسل وجهه أو ذراعيه أو عضوا من أعضاء وضوئه بعود أو حجر أو بشيء غير اليد إن ذلك يجزيه لاستحقاقه اسم غاسل ومتوضئ، فإن قال قائل: أرأيت إن توضأ له غيره أيجزيه ذلك؟ قيل له: لا يجزيه لأن المخاطبة([72]) متوجهة إليه لا إلى غيره، وإن بدأ بالشمال([73]) قبل اليمين فقد أجزاه ذلك. والمستحب له أن يبدأ باليمين، والله أعلم.
مسألة في مسح الرأس:
ومسح الرأس([74]) من فروض الوضوء، والدليل قوله تعالى: { وامسحوا برؤوسكم }([75]) واختلف الناس في القدر المجزئ منه فقال بعضهم: الواجب مسحه كله، وقال بعضهم: مسح بعضه هو الواجب وهو الفرض، فمنهم من حد هذا بالثلث، ومنهم من حده بالثلثين، ومنهم من حده بالربع، ومنهم من لم يجعل في ذلك حدا ويجزيه أقل القليل، والأصل في هذا الاختلاف الاشتراك الذي في الباء في كلام العرب، وذلك أن تكون مرة زائدة مثل قوله تعالى: { وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن }([76]). على قراءة من قرأ تنبت بضم التاء من أنبت، وتدل على الكل مثل قوله تعالى: { وليطوفوا بالبيت العتيق }([77]) ومرة تدل على التبعيض([78]) مثل قول القائل: أخذت بثوبه وبعضده، ومسحت يده بالأرض، فمن رأى أنها زائدة أوجب مسح الرأس كله، وقياسه على الوجه يعضد هذا التأويل، ومن رأى أنها مبعضة أوجب مسح بعضه، ورجح قوله بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق ابن عباس رضي الله عنه ( أنه مسح رأسه في الوضوء ) ([79]).
পৃষ্ঠা ৫৬