وأما غسل اليدين، اختلف الفقهاء في غسل اليدين قبل إدخالهما في إناء([22]) الوضوء، فذهب قوم إلى أنه من سنن الوضوء بإطلاق([23]) وإن تيقن طهارة يديه، وقيل أنه مستحب للشاك في طهارة يديه، وقيل غسل يديه واجب، والأصل في هذا الاختلاف حديث ابن عباس([24]) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلمقال: ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس([25]) يده في الإناء حتى يغسلهما ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده ). فمن لم ير من الزيادة الواردة في هذا الحديث على ما في آية الوضوء معارضة بينها وبين آية الوضوء حمل لفظ الأمر([26]) على ظاهره على الوجوب، ومن رأى أن بين هذه الزيادة وآية الوضوء معارضة لأن ظاهر الآية المقصود منها حصر فروض الوضوء، كان وجه الجمع بينها أن أخرج لفظ الأمر من ظاهره إلى الندب، ومن تأكد([27]) عنده الندب جعله من جنس السنن المؤكدات، ومن لم يتأكد عنده قال إن ذلك من جنس المندوب، فمن لم يفهم من الحديث معنى قصر حكمها([28]) على المنتبه وجعله من باب الخاص([29]) أريد به الخاص، ومن فهم من الحديث معنى الشك جعله من باب الخاص أريد به العام لقوله عليه الصلاة والسلام: ( فإنه لا يدري أين باتت يده )، والظاهر من الحديث أنه لم يقصد به حكم اليد وإنما قصد حكم الماء الذي به يتوضأ لأن من شرط الماء الطهارة. وأما ما نقل من غسله عليه الصلاة والسلام يديه قبل إدخالهما في الإناء فإنه يحتمل أن يكون من حكم اليد، والله أعلم.
مسألة في المضمضة([30]) والاستنشاق([31]):
পৃষ্ঠা ৫০